رئيس الجمهورية اثناء لقائه باعضاء المجلس الاعلى للقضاء أول أمس كشفت مصادر قضائية ل»الأخبار« عن أسرار الساعات الخمس الحاسمة الأولي أمس داخل قصر الرئاسة والتي انتهت لإنهاء الأزمة بين السلطتين التنفيذية والقضائية بما يحفظ استقلال القضاء ولا يمس هيبة مؤسسة الرئاسة. أكدت المصادر أنه بعد اشتعال الأزمة الجمعة الماضية وإعلان المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام عن التهديدات المباشرة وغير المباشرة التي تلقاها من المستشار حسام الغرياني رئيس الجمعية التأسيسية للدستور ومحاولة اجباره علي ترك منصبه وقبول منصب سفير في الفاتيكان.. وتأكيد النائب العام انه لم يستقبل ومستمر في منصبه وسيمارس عمله صباح السبت في مكتبه.. وبعد أن وضح للجميع الاحتقان الكامل لدي كل أعضاء السلطة القضائية قضاة وأعضاء بالنيابة ورفضهم للقرار.. وإعلانهم عدم تنفيذه ومقاومته بكل الوسائل.. أصبح واضحاً للجميع وهو ما أكدته تقارير الأجهزة السيادية أن الأزمة يجب حلها في أسرع وقت وأن الأزمة يمكن أن تتسع بما يضر كل السلطات ومصالح مصر العليا.. وظهر جلياً أن أي جهود للحل لابد أن يبتعد عنها المستشار حسام الغرياني.. وبعد محاولة رئيس الوزراء د.هشام قنديل التدخل لحل الأزمة وعدم نجاح هذه الوساطة.. أصبح واضحاً أن مؤسسة الرئاسة يجب أن تتحرك سريعاً لاحتواء الموقف. وكان المستشار محمود مكي نائب رئيس الجمهورية وأحد أبرز أعضاء جبهة استقلال القضاء هو رجل الساعة.. فالرجل كان الأحرص علي حل الأزمة بما يحفظ كرامة واستقلال القضاء وبما يحفظ هيبة مؤسسة الرئاسة.. وجرت الاتصالات علي الفور بين نائب الرئيس والمستشار محمد ممتاز متولي رئيس مجلس القضاء الأعلي ورئيس محكمة النقض وأعضاء مجلس القضاء الأعلي والنائب العام ليتم دعوة رئيس وأعضاء المجلس وبينهم النائب العام إلي لقاء رئيس الجمهورية في قصر الرئاسة.. وكشفت الاتصالات ان الدعوة هدفها إنهاء الأزمة فوراً ووقف تصعيدها. 5 ساعات وصباح السبت الماضي وبعد أن دخل النائب العام مكتبه وسط آلاف القضاة وأعضاء النيابة العامة وكل الهيئات القضائية الذين تجمعوا داخل دار القضاء العالي دفاعاً عن استقلال القضاء.. وبعد ان شرح النائب العام كل الملابسات للقضاة.. توجه المستشار عبدالمجيد محمود مع رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلي إلي قصر الرئاسة.. وكان الآلاف من قوات الأمن الذين قاموا بتأمين دار القضاء العالي قد أكدوا بتواجدهم أن الرئاسة والحكومة لن تسمح بالتعدي علي السلطة القضائية ورجالها وهو ما كان مؤشراً إيجابياً لحل الأزمة. وبمجرد وصول رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلي وبينهم النائب العام إلي قصر الرئاسة بدأ علي الفور اجتماع مغلق لمدة 3 ساعات مع المستشار محمود مكي نائب الرئيس للاتفاق علي حل جذري للأزمة.. وبدأ اللقاء ودياً وهادئاً وأكد النائب العام انه لم يوافق علي ترك منصبه ولم يوافق علي تعيينه سفيراً بالفاتيكان وسرد ما دار في أحاديثه التليفونية مع المستشارين أحمد مكي وحسام الغرياني.. مؤكداً ان قانون السلطة القضائية يمنحه الحصانة من العزل والإقالة وتنفيذ قرار تعيينه سفيراً وانه لن يقبل بذلك.. وهو ما اتفق معه رئيس وكل أعضاء مجلس القضاء الأعلي مؤكدين ضرورة الحفاظ علي استقلال السلطة القضائية وعدم المساس بها وأن كل القضاة متمسكون بذلك.. وعرض نائب الرئيس صعوبة الموقف بعد ان اصدر الرئيس قرار تعيين عبدالمجيد محمود سفيراً استناداً لما أبلغه له المستشار الغرياني بأن محمود موافق علي القرار.. وأكد النائب العام انه لم يوافق وأنه يبدو أنه حدث سوء فهم في الأمر لكنه لم ولن يوافق.. وتمسك رئيس وكل أعضاء مجلس القضاء الأعلي بضرورة إلغاء القرار مؤكدين أن ذلك يؤكد تقدير الرئيس للسلطة القضائية واستقلالها ولا يمس هيبة مؤسسة الرئاسة.. وأكد نائب الرئيس ان وسائل الاعلام اشعلت الأمر بالحديث عن الاقالة والاستقالة ولكن القرار أصبح صعباً.. ووقف أحد أعضاء مجلس القضاء الأعلي مؤكداً ضرورة الحفاظ علي استقلال القضاء وأيده كل الأعضاء في ذلك.. وتدخل نائب الرئيس مؤكداً تمسكه أيضاً باستقلال القضاء. حل الإلتماس وبعد مناقشات مطولة تم الاتفاق علي حل الأزمة علي أساس قيام مجلس القضاء الأعلي بتقديم التماس لرئيس الجمهورية يطلبون فيه استمرار النائب العام بمنصبه وإلغاء قرار تعيينه سفيراً.. وعلي الفور تمت كتابة الالتماس ووقعه رئيس وكل أعضاء مجلس القضاء الأعلي.. ثم حمله المستشار محمود مكي نائب الرئيس الي رئيس الجمهورية.. وبعد دقائق عاد للقاعة المتواجد بها رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلي ليبلغهم بموافقة الرئيس علي الالتماس وانتهاء الأزمة ويدعوهم للقاء الرئيس. لقاء ودي وانتقل رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلي والنائب العام المستشار د.عبدالمجيد محمود للقاء الرئيس بحضور نائب الرئيس.. واستمر اللقاء حوالي الساعة والنصف وكان لقاء غاية في المودة.. وأكد رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي علي تقديره الكامل لاستقلال السلطة القضائية وأنه لم يستغل صلاحياته التشريعية لتغيير قانون السلطة القضائية.. وانه يحمل تقديراً ومودة كاملة لكل القضاة وأعضاء النيابة العامة.. وأكد رئيس مجلس القضاء الأعلي وأعضاء المجلس علي شكرهم لرئيس الجمهورية علي استجابته لهم بما يصون استقلال القضاء وتمنياتهم له بالسداد والتوفيق في كل خطواته لصالح مصر وشعبها وانتهي اللقاء بالصور التذكارية ومصافحات ودية.. ليعود مجلس القضاء الأعلي إلي دار القضاء العالي ويصدر بيانه الذي حمل هذه المعاني.. بالتأكيد علي استمرار النائب العام في منصبه مع الشكر والتقدير لرئيس الجمهورية.. لتنتهي الأزمة التي شغلت مصر بأكملها علي مدار 72 ساعة.