وسط مظاهرات الحب والتأييد استأنف المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود النائب العام عمله داخل مكتبه أمس.. بعد أن رفض قرار الرئيس بتعيينه مستشارا في الفاتيكان.. »الأخبار« رافقت النائب العام منذ لحظة وصوله إلي دار القضاء العالي في السابعة و54 دقيقة صباحا.. ودخوله مكتبه واجتماعه بالقضاة وأعضاء النيابة العامة والذين أكدوا رفضهم المساس بسلطة القضاء ووقوفهم في وجه محاولات البطش بها.. واستمرت »الأخبار« مع النائب العام حتي مغادرته دار القضاء العالي مع أعضاء مجلس القضاء الأعلي للقاء رئيس الجمهورية بمقر الرئاسة.. ثم انتظرناه عند عودته من الرئاسة. وصل النائب العام مكتبه في الساعة 54.7 دقيقة صباحا ونزل من سيارته يحمل أوراقه وملفاته.. ثم استقل النائب العام المصعد ودخل مكتبه وسط هتافات القضاة والتصفيق الحاد والتهليل يحيا العدل واستقلال القضاء.. ثم دخل المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود النائب العام لمكتبه وباشر مهام عمله كما تعود واستعرض بعض القضايا مع المستشارين عادل السعيد رئيس المكتب الفني للنائب العام وعدنان الفنجري النائب العام المساعد ومصطفي سليمان رئيس استئناف نيابات القاهرة. كما استعرض بعض قرارات المنع من السفر وادراج بعض الممنوعين علي قوائم ترقب الوصول، كما تم رفع العديد من الأسماء من قوائم المنع من السفر. لقاء الصحفيين في الساعة 51.8 التقي المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود بعدد من الصحفيين والإعلاميين، وأكد بأنه متمسك بمكانه كنائب عام ليس حبا في المنصب وإنما دفاعا عن القضاء.. وأنه لا يقبل أي تهديد من أي نوع حتي لو أدي الأمر إلي اغتياله بمكتبه أثناء عمله. وفي تمام الساعة 9 صباحا فتحت قاعة المستشار عبدالعزيز الشوربجي بمحكمة النقض واعتلي المستشارون منصة القاعة ومعهم المستشار د. عبدالمجيد محمود ورفض النائب العام فكرة تعيينه سفيرا في الفاتيكان، مؤكدا ان منصب النائب العام لا يوازي أي منصب ولا حتي رئاسة مجلس الوزراء ولا أي منصب آخر. وأكد بأن منصب معاون النيابة أعلي من كل هذه المناصب، وأن القاضي لا يجوز تعيينه في أي وظيفة أخري مهما كانت وأنه متمسك بالمنصب ليس طمعا في السلطة ولكن حرصا علي استقلال القضاء. وشرح المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود النائب العام تفصيليا كل ما جاء في البيان الذي سبق وأن أصدره أول أمس وخاصة محاولات الترهيب والتهديد التي تعرض لها من المستشارين أحمد مكي وزير العدل وحسام الغرياني رئيس الجمعية التأسيسية وأعلن أنه لم يسبق في أي كلمة قالها ما يفيد قبوله لأي منصب ولا قبوله للفكرة أصلا ورفضه التام لأي منصب بخلاف منصب النائب العام وأنه من الأساس لن يقبل ذلك حماية لاستقلال النيابة العامة واستقلال القضاء. كما تحدث المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة، مؤكدا ان أي مساس لمنصب النائب العام هو عودة لمذبحة القضاء والمساس باستقلال القضاء.. وأن كل نادي قضاة مصر يلتفون حول النائب العام وخلفه دفاعا عن استقلال القضاء وسلطان القانون. وانتهي اللقاء وأعرب الحضور عن رسالة الحب التي جمعت بين النيابة العامة والنائب العام وخرج الجميع من القاعة وتوجه النائب العام بصحبة المستشارين عدنان فنجري وعلي الهواري ومصطفي سليمان وآخرين إلي الرئاسة. نص البيان وأكد المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود النائب العام، ان تمسكه بموقعه الوظيفي، ليس طمعا منه في المنصب أو غيره من المناصب، وإنما يأتي دفاعا منه عن الحصانة القضائية التي يقررها الدستور والإعلان الدستور وقانون السلطة القضائية لجميع رجال القضاء ضمانا للحقوق والحريات، ومنعا لتدخل السلطة التنفيذية في شئون القضاء والقضاة وحرصا منه علي العدالة والسلطة القضائية برمتها.. وقال المستشار عبدالمجيد محمود في تصريحات له سرد خلالها التفاصيل الكاملة لمحاولات عزله من منصبه انه لم يتقدم باستقالته مطلقا.. مشددا علي انه باق في عمله طبقا لقانون السلطة القضائية الذي ينص علي عدم جواز عزل النائب العام أو نقله من وظيفته إلا بناء علي طلبه وأن خدمته لا تنتهي إلا ببلوغ سن التقاعد.. لافتا إلي انه لم تصدر عنه أية موافقات من أي نوع للعمل كسفير لمصر في الفاتيكان.. وكشف النائب العام النقاب عن تفاصيل الأزمة، موضحا انه تلقي اتصالات هاتفية حملت تهديدات له بصورة مباشرة وغير مباشرة وترغيبا له، للاستقالة من منصبه وتركه.. مشيرا إلي انه قد تم الاتصال به تليفونيا ظهر »الخميس الماضي« من جانب المستشار أحمد مكي وزير العدل، وحسام الغرياني رئيس محكمة النقض السابق، حيث أبلغاه أنهما يتصلان به من مقر رئاسة الجمهورية. وأضاف المستشار عبدالمجيد محمود ان وزير العدل أبلغه صراحة ان المظاهرات التي ستخرج في جميع محافظات مصر يوم الجمعة، سوف تطالب بإقالته من منصبه كنائب عام، وأنه أبلغه أيضا انه يجب عليه أن يترك منصبه علي الفور.. وأضاف النائب العام ان وزير العدل اقترح عليه خلال الاتصال الهاتفي أن يعود للعمل في المحاكم لحين تدبير منصب كريم له، خاصة وأنه لم يكن هناك سوي منصب رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وأنه أي وزير العدل يرفض هذا المنصب للنائب العام لأنه غير لائق له.. وقال المستشار عبدالمجيد محمود انه أبلغ المستشار أحمد مكي وزير العدل خلال الاتصال الهاتفي الذي دار بينهما رفضه القاطع والصريح لعزله من منصبه.. فما كان من وزير العدل إلا ان أبلغه بأن المستشار حسام الغرياني سوف يقوم بالاتصال للحديث معه في هذا الشأن.. وأضاف النائب العام: »تلقيت بالفعل اتصالا من جانب المستشار الغرياني، الذي أبلغني صراحة انه يعرض علي ضرورة الرحيل من منصبي كنائب عام تحت ذريعة خطورة الموقف.. فطالبته بإيضاح الأسباب علي وجه الدقة، فأجابني الغرياني بالنص »أنا في حل من إبلاغك بالأسباب، واقترح عليك أن تنتقل للعمل كسفير لمصر في دولة الفاتيكان«.. وأكد المستشار عبدالمجيد محمود انه كرر علي مسامع المستشار الغرياني رفضه التام لترك منصبه.. لافتا إلي أن الغرياني أبلغه بصورة حملت تهديدا مباشرا له بخطورة المظاهرات المرتقبة.. قائلا له: »المتظاهرون من الممكن أن يتوافدوا علي مكتبك وأن يقوموا بالاعتداء عليك علي نحو ما جري مع المرحوم المستشار عبدالرزاق السنهوري رئيس مجلس الدولة الأسبق«.. وأشار النائب العام إلي انه أبلغ الغرياني بأن في ذلك الحديث تهديد مباشر له لا يقبله علي وجه الإطلاق، وأنه قال له: »ليكن ما يكون« وبإمكانكم تعديل قانون السلطة القضائية بمرسوم بقانون من رئيس الدولة في شأن منصب النائب العام، إلا أن الغرياني رفض هذا الاقتراح متعللا بأن في ذلك »مساس بالسلطة القضائية«.. وأضاف النائب العام ان الغرياني عاود طرح الاقتراح بالعمل سفيرا لمصر في الفاتيكان، غير انه المستشار عبدالمجيد محمود رد قائلا: »أنا لا أصدر موافقة مسبقة علي أي شيء، ولرئيس الجمهورية أن يتخذ ما يراه من قرارات«.. لافتا إلي أن المحادثة انتهت بينهما في أعقاب ذلك.. وأكد المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود النائب العام أنه غير مسئول عن إصدار قرار تعيينه سفيرا للفاتيكان بناء علي أي فهم خاطئ، مشيرا إلي أنه صراحة خلال الاتصالات الهاتفية التي أجراها معه المستشاران أحمد مكي وحسام الغرياني، أنه يرفض ترك منصبه، وأنه لن يصدر موافقة مسبقة في شأن أي أمر.. مشددا علي انه أعلن خلال الحوار الذي دار بينه وبين مكي والغرياني، تمسكه بالحصانة القضائية المقررة قانونا لجميع القضاة.. وقال المستشار عبدالمجيد محمود: »انه من المثير للدهشة والاستغراب وغير المقبول في ذات الوقت، أن قادة الدفاع عن السلطة القضائية وقادة تيار الاستقلال داخل القضاء، هم من يتحدثون مع رئيس الجمهورية في شأن كيفية عزل النائب العام«.. وأكد النائب العام رفضه التام لأية تهديدات أو تصريحات غير مسئولة تتضمن تجاوزا في الأسلوب، سواء لشخصه أو لصفته، لافتا إلي أن هذه التهديدات التي تصدر من بعض قادة جماعة الإخوان المسلمين الذين اعتادوا ذلك، لن تنال من تمسكه بالشرعية وسيادة القانون.. وأضاف انه يستند إلي تأييد جميع زملائه من أعضاء الهيئات القضائية ورجال القضاء والفكر والثقافة، خاصة وأن هذه التصريحات »المسيئة له« تخلط بين دور النيابة العامة وقضاة التحقيق في وقائع قضية »موقعة الجمل« التي لم تباشرها النيابة العامة، كما انها تنال من هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم.