سمير عبد القادر نحن في هذه المرحلة اشد حاجة- اكثر من اي وقت مضي- الي عقلية البناء وحينما نقول عقلية البناء فاننا نعني بها مجموعة الاخلاق والفضائل والمزايا وطرق السلوك والتصرف التي يتألف منها العمل الايجابي الناجح فالدسائس والاكاذيب والمفتريات والتقولات والتخوين والمطامع والاغراض الشخصية والانسياق وراء نزوات النفس كل اولئك صفات وسمات سلبية تتعارض مع عقلية البناء والخلق والابداع. وما من شعب بلي بهذه النقائض الا وفسد امره وانصرف الي حياة سلبية يدور فيها ويجهد نفسه ويشغل وقته ثم يبحث عما انتج فلا يجد شيئاً بل لعله يجد انه هدم القائم وشوه الجميل وأفسد الصالح. وعقلية البناء التي ندعو اليها لا تتطلب التخلص من هذه العيوب فحسب ولكنها تتطلب ايضا التذرع بأخلاق البناء واولها ان نؤمن بالتعاون ونعتنق مبدأ اتقان العمل باعتباره الوسيلة الوحيدة للانتاج وزيادة الثروة والاسراع بمشروعات الاصلاح فالسفسطة يجب ان تلغي من قاموسنا والجدل العقيم القائم علي التلاعب باللفظ والاعتماد علي المنطق الفاسد والنتائج المظهرية الكاذبة يجب الا نجعلها بضاعتنا والجبن والنفاق والمصانعة والخوف من ابداء الرأي ينبغي ان يختفي من اخلاقنا بعد الثورة ويحل محلها الاعتزاز بالكرامة والشجاعة والايمان بالحق. والحرية مبدأ اساسي من مبادئ اخلاق البناء ففي ظل القيود والخوف والنفاق لايمكن ان ينشأ الا بناء متداع منها والحرية كفيلة بأن تنمي الشخصية وتزرع فيها القوة والاقدام وتسلحها بالصبر والايمان. والمعرفة ايضا هي اساس جوهري من اسس البناء.. وما من دولة بلغت ذروة الحضارة والتقدم الا وكانت المعرفة وكان العلم في سفح الهرم الذي بنت عليه مجدها ومع شعب واع فاهم متعمق لا يوجد سادة ولا قادة مخادعون او كذابون. ولكي نبني يجب ان نتخلص ايضا من التعصب الاعمي سواء كان هذا التعصب لفكرة او مذهب او رأي ولسنا نعني بذلك الا نكون متحمسين ولكننا نعني ان نتحمس عن وعي فإذا اكتشفنا الخطأ انصرفنا عنه وصححنا الطريق.