دائما نستدرج لنفس الفخ مع أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين..أما المسلمون فيلدغون مرات ومرات، وحين يغضبون ويهبون لنصرة دينهم ينساقون- دون تفكير أو إرادة - وراء من يريد لهم الفرقة والتهلكة. من الطبيعي أن يغضب كل مسلم من أجل فيلم يسيء للرسول (صلي الله عليه وسلم) ولكن طريقة التعبير عن الغضب لا تكون بهذه الهمجية التي حدثت علي مدار الأيام الماضية بالهجوم علي السفارات الأمريكيةبالقاهرة والعواصم العربية والاسلامية وصل الي حد قتل السفير الأمريكي في ليبيا وهو بريء من هذه الواقعة مما دفع الولاياتالمتحدة لإعداد رد عسكري انتقامي علي وشك الحدوث وسيسقط ضحاياه من المواطنين الليبيين الأبرياء ،لقد جمع منتج الفيلم المتطرف القس جونز تكاليف انتاج الفيلم من رجال أعمال يهود وتعمد أن يذيعه علي شبكة الانترنت متزامنا مع ذكري أحداث سبتمبر لكي يثيرمشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم وهو بدهائه وكراهيته المعروفة للاسلام يدرك جيدا أن ردود أفعال الشعوب الاسلامية ستتسم بالحماس الزائد والغضب العارم الذي يخرجهم عن شعورهم فيسهل استدراجهم لارتكاب الاعمال الغوغائية التي تسيء للاسلام ولنبينا الكريم صلي الله عليه وسلم الذي قال لأهل مكة يوم فتحها رغم كل ما عاناه من أذاهم ( اذهبوا فأنتم الطلقاء). أعجبني تعليق كتبه وائل غنيم علي الانترنت (إن الفيلم الذي أساء للرسول هو ما يحدث أمام السفارة الأمريكية) هل هؤلاء الصبية الذين يهاجمون السفارة الأمريكية غيورون علي الاسلام؟ لقد رأينا وجوه وتصرفات بلطجية محترفين اندسوا بين المتظاهرين ليزيدوها اشتعالا، لقد سمعناهم يسبون الدين في الفضائيات ويقفون بصدور عارية ليقذفوا رجال الشرطة بالطوب والمولوتوف ويحرقوا سيارات الشرطة فيردون عليهم بالقنابل المسيلة للدموع ويسقط الجرحي من الجانبين ويتحول وسط القاهرة الي بؤرة للمعارك التي تعيد لنا ذكريات مؤسفة لأحداث لن ننساها..بعد أن بدأنا نشعر بالقليل من الأمن لكن المتربصين بنا يركبون كل موجة ويدفعون بمجرميهم ليخربوا كلما سنحت لهم الفرصة. دعونا نسأل هؤلاء الغاضبين الذين يهاجمون السفارة الأمريكية : كم واحد منهم شاهد الفيلم؟ لقد ازدادت شهرته في العالم بعد كل المظاهرات، ويسعي الكثيرون لمشاهدته ، لقد حققت السلطات الامريكية مع مع مخرج الفيلم ثم أفرجت عنه وأكدت بطلة الفيلم في لقاء مع وائل الابراشي علي الهواء أن سيناريو الفيلم لم يكن به اسم محمد وإنما أجري المخرج تعديلات بالمونتاج، واعتذرت الممثلة للمسلمين ربما خوفا من تهديدات المتطرفين أو لأنها تملك النص الأصلي للفيلم وهو دليل براءتها. ألم يكن بوسعنا نحن المسلمين أن نقلب المائدة علي من يريدون اثبات تهمة العنف والغوغائية علينا فنعترض وندافع عن سيد الخلق أجمعين بنشر المقالات بأقلام علماء الدين في أكبر الصحف الأجنبية ولو في شكل إعلانات مدفوعة الأجر،ويمكننا تنظيم وقفات احتجاجية سلمية أمام السفارات الأمريكية ،أو انتاج فيلم عن الاسلام ونبينا الكريم حتي نثبت أننا شعوب متحضرة ولا نستدرج بدافع العاطفة الدينية لتصرفات تسيء الي الاسلام.أعجبني موقف الأخوة الأقباط في رفضهم للفيلم ونبذ الفتنة الطائفية وبيان الأزهر المطالب باعتبار الاساءة للاسلام جريمة مثل ازدراء السامية ولعل الفائدة الوحيدة لأحداث السفارة الامريكية هي عودة الوجه الحضاري لميدان التحرير.