لم يصدق الصبي الصغير نفسه حين وجد الكاتب الكبير يوسف السباعي يطرق بابه ليلتقيه في منزله بعدما أرسل له رسالة يشكو فيها ارتفاع ثمن رواية "السقا مات" ويكتب نقدا يعلق فيه علي نهاية رواية "إني راحلة".. و ما كان من الكاتب الكبير الا أن احتضن الصبي الموهوب ثم وضعه علي أعتاب شارع النجاح! انه أحمد صالح الذي عشق الأدب والصحافة والفن منذ طفولته، فصار كاتبا صحفيا لامعا وناقدا سينمائيا وكاتبا متميزا للدراما السينمائية والتليفزيونية ومعدا للبرامج الفنية. الأسبوع الماضي رحل أحمد صالح عن عالمنا عن عمر يناهز 75 عاما تاركا وراءه تاريخا مشرفا وأعمالا لاتنسي. لقاء العمالقة بعد يوسف السباعي تعرف أحمد صالح بكبار الكتاب في مصر من بينهم الكاتب الكبير الراحل أحمد بهاء الدين.. كان يترك له المقالات تحت باب مكتبه بمجلة "صباح الخير" وكان يرأس تحريرها في ذلك الوقت ليجدها منشورة.. والمدهش أنه لم يلتق بأحمد بهاء الدين الا بعد أن نشر له العديد من الموضوعات التي لاقت إعجابه. ويبقي اللقاء الأكثر تأثيرا في حياته هو لقائه بالأستاذ مصطفي أمين عملاق الصحافة المصرية.. وذلك حينما ذهب لزيارة أصدقائه بأخبار اليوم وحضر اجتماعهم مع الكاتب الكبيربعدما أذن له.. طرح أفكاراً وافق عليها الأستاذ الكبير وطلب منه تنفيذها وضمه لأسرة أخبار اليوم.. كانت البداية في مجلة "آخر ساعة" فحقق أحمد صالح نصرا صحفيا فيها إذ إستطاع أن يقنع الفنان عمر الشريف أن يسجل مذكراته في المجلة قبل الصحف العالمية. بعد انتقاله الي جريدة الأخبار استطاع أن يقنع الكاتب الكبير الراحل موسي صبري رئيس تحرير الأخبار وقتها أن يخصص صفحة للسينما وأخري للمسرح وهكذا.. فكانت "أخبار السينما" أول صفحة متخصصة في السينما في الصحافة المصرية.. ثم قلدتها الصحف الأخري. تألق أحمد صالح ناقدا فنيا متميزا ينتظره قراء الأخبار بشغف أسبوعيا.. لكن عشقه للفن كان أقوي فقرر دراسة السينما في معهد متخصص فدرس السيناريو في معهد لندن وتخرج منه عام 1966 ثم حصل علي دبوم الدراما من الجامعة الأمريكية بالقاهرة. هو والسينما طرق أحمد صالح أبواب السينما بسيناريو فيلم "نحن لا نزرع الشوك" عام 1970 عن قصة يوسف السباعي وإخراج حسين كمال. وكان قد قدم نفس الرواية كمسلسل إذاعي من إخراج محمد علوان.. وانطلق ليقدم أفلاما عديدة متميزة منها فيلم " الشريدة" عن رواية "همس الجنون" لنجيب محفوظ الذي قدم له عدة أعمال منها "الشيطان يعظ " 1981 و "المطارد" 1985 و"الحرافيش" 1986 و"ليل وخونة" 1990. وكتب السيناريو أيضا لبعض الأعمال التليفزيونية منها "أريد هذا الرجل" و"الساحرة" إخراج بركات بطولة فاتن حمامة وكان أول أعمالها التليفزيونية والمسلسل التليفزيوني "صاحب الجلالة الحب".. وكان آخر أعماله للتليفزيون "نحن لا نزرع الشوك" الذي أعاده مع الرائع حسين كمال ولعب بطولته خالد النبوي وآثار الحكيم في حين كان »قبلات مسروقة« فيلمة الأخير. قدم أحمد صالح أول برنامج متخصص للسينما وهو برنامج "زووم" أشهر البرامج الفنية علي الاطلاق الذي قدمته المذيعة اللامعة سلمي الشماع واستمر ثلاثين عاما. حصل علي أكثرمن 15 جائزة في السيناريو من عدة مهرجانات وجمعيات سينمائية وصدرت له عدة كتب أبرزها "نجوم العالم إعترفوا لي".. كما قدم برنامجا إذاعيا بعنوان "رجل وإمرأة" يناقش فيه الحياة الخاصة للنجوم وزوجته منهم سعاد حسني وزوجها وفؤاد المهندس وزوجته وتحية كاريوكا وزوجها وغيرهم.