جمال الشرقاوى كتبت الأسبوع الماضي داعياً الحكومة لتحسين رغيف الشعب، الذي يباع بخمسة قروش، والذي يعتمد عليه 79٪ من المصريين، بحيث يعود كما كان قبل عشرين عاما، ليكون لائقا بمصر. وكتبت أن المحاولات البائسة لإنتاج رغيف محسن يباع بعشرة قروش هي محاولات حتما فاشلة. لانها سينتج عنها عشرة أو عشرين مليون رغيف يوميا، بينما الشعب يأكل 052 مليون رغيف يوميا. فضلا عن أنها جربت أيام الدكتور علي المصيلحي، وفشلت.. لان المنتج لم يختلف عن الرغيف ابو خمسة قروش، ولم يحل أي أزمة لرغيف الخبز. لكن خطورة هذه المحاولات البائسة، انها تطرح، عمليا، كبديل لتحسين رغيف الشعب، الذي يأكله حوالي 08 مليون من ال 58 مليون مصري.. هذا التوجه الذي ساد في ظل حكومات الرأسمالية الطفيلية للنظام الساقط، كانت تحكمه فلسفة وفكر، تري أن هؤلاء الفقراء، الذين لا يستطيعون شراء الرغيف بأكثر من خمسة قروش، لا يستحقون الا ذلك الرغيف الرديء.. وأهو علي أد فلوسهم.. وكمان يبوسو إيديهم وش وضهر!.. ويملأون الدنيا ضجيجاً عن »الدعم« الذي يرهق الميزانية.. ويذهب لغير مستحقيه! وجاءت ثورة 52 يناير الشعبية، رافعة شعاراتها العبقرية، المعبرة عن أماني الكادحين: عيش.. حرية.. عدالة إجتماعية.. كرامة إنسانية. وكان يفترض ان تتجاوب حكومات ما بعد الثورة مع هذه الأماني. وفعلاً وضع الدكتور محمد مرسي المرشح ثم الرئيس رغيف الخبز في برنامج المائة يوم. لكن ماذا حدث ويحدث في التطبيق؟ رأينا وزير التموين ابو زيد محمد أبوزيد ورئيس الحكومة د. هشام قنديل يعاودان التجربة التي سبق جربت وفشلت: انتاج رغيف محسن بعشرة قروش.. تنتجه عشرات المخابز، مهملين ضرورة تحسين رغيف الشعب.. بزنة 061 جراماً.. ومن دقيق استخلاصي 79٪، ومدعوم من الحكومة. بينما الشعب لا يريد رغيف زنته 061 جراماً ولا رغيف ثر بياضا. وإنما يكفيه الرغيف زنة 031 جراما كاملاً غير منقوص، وبردة أكثر يستفيد منها صحيا. فقط بلا غش في الوزن، ورداءة في الانتاج. ومع ذلك، هل يذهب جزء من الدعم لغير مستحقيه؟ نعم يحدث ذلك. فقط تحديد من هم غير المستحقين هؤلاء. بالتأكيد ليس من يأكلون، وإنما بعض اصحاب المخابز، الذين يهربون جزءاً من حصصهم من الدقيقة، يغربلونه، ويبيعونه بسعر أعلي لمصانع الحلوي أو مخابز العيش الأبيض مرتفع السعر، ويحصلون علي فرق السعر، وينتجون خبزاً أقل عدداً، أو أردأ، يذهب بعضه إلي مزارع الدواجن والحيوانات، وجزء آخر إلي صفائح الزبالة. ولقد رفعت فيما مضي شعار »دقيقة واحدة لكل المخابز.. رغيف واحد لكل المصريين«. بأن تشتري الحكومة القمح، ويطحن باستخلاص 28٪ وتوزع حصص المخابز منه. ليكون كل مخبز مطالبا بعدد الارغفة التي تنتج من حصته، رغيف موحد لجميع المصريين. وقد بلور الدكتور جودة عبد الخالق وزير التموين السابق الفكرة بأن يحاسب المخبز باسعار الدقيق الحقيقية، وتكلفة الانتاج، وهامش الربح، وتشتريه الحكومة ب 52 قرشا للرغيف، ثم تسلمه لجهاز التوزيع الذي يبيعه للجمهور بخمسة قروش.. فلا يذهب أي دعم لأي مرحلة من مراحل الانتاج، وإنما يذهب للمستهلك فقط. أما التحسين النوعي للرغيف البلدي بخمسة قروش، والذي سيبقي المعيارالرئيسي لمدي مصداقية الحكومة.. فله عناصر معروفة: الدقيق الجيد. الخميرة الجيدة. الملح غير المغشوش. الانضاج الجيد. التهوية الكافية . التغليف. مع إتمام كل العمليات آليا: خلط القمح ب 02٪ ذرة آلياً لضمان تجانس الدقيق. العجن، التقطيع. الفرد الخ. مع ضرورة انشاء مدارس، في إطار التعليم الفني، لصناعة الخبز، لتخريج عمالة فنية متعلمة لهذه الصناعة الحيوية، بعد أن انقرضت أجيال الفرانين الأصلاء، وحل محلهم أي كلام.