لم يذكرها احد الا اذا كانت هناك كارثة أو ازمة اقتصادية فتتغني بها الحكومة ورجال الاعمال ومنظمات المجتمع المدني لفترة قصيرة لاعطاء الامل للشباب، وتجعلهم يحلمون بتحقيقه ليستيقظوا بعد ذلك علي كابوس أو وهم اسمه المشروعات الصغيرة، وبالرغم من ان الدول الصناعية اصبحت دولا متقدمة لاهتمامها بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وجعلها في مقدمة اولوياتها قبل أي شيء آخر الا اننا نجد في مصر المشروعات الصغيرة ما هي الا "وهم" يحلم به شباب الخريجين لعدم وجود أب شرعي لها يرعاها واصبحت العشوائية في العمل هي سمة من سمات الحكومة لتصب في النهاية جميع المنح والقروض المقدمة من الدول الخارجية لصالح رجال الاعمال دون النظر الي الطاقات الشبابية التي تستطيع ان تنهض بالنمو الاقتصادي لهذا البلد وذلك بسبب الشروط التعجيزية التي تضعها الحكومة المتمثلة في البنوك المقرضة وصندوق التنمية الاجتماعي وخاصة الضمانات. أكدت د. غادة والي أمين عام الصندوق الاجتماعي للتنمية، أنه تم الاستقرار علي إنشاء وحدة للمشروعات الصغيرة في كل وزارة لدعم المشروعات في القطاع التابع لها ، لتكون بديلة عن إنشاء وزارة للمشروعات الصغيرة. وأشارت "الي أن المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في مصر تشكل حوالي 99.8 % من المشروعات إلا إنها تتفاوت في طبيعة النشاط الاستثماري ولتلك المشروعات النصيب الأكبر من الوحدات الاقتصادية والإنتاجية بالاقتصاد المصري، كما أنها تساهم بحوالي 85 % من مجموع العمالة. وأوضحت أن المنشآت الاقتصادية في مصر تبلغ حوالي 2.34 مليون منشأة كما يبلغ عدد المشتغلين بها حوالي 7.2 مليون عامل كما تقدر نسبة القطاع غير الرسمي ضمن إجمالي عدد المنشآت وبناء علي تقدير العديد من الدراسات ب 83% وذلك حسب نتائج مسح سوق العمل في مصر لعام 2006. وقالت ان اهم المعوقات التي تعوق المشروعات الصغيرة هي صعوبة الحصول علي الخدمات التمويلية المناسبة ، وصعوبة الحصول علي أماكن مناسبة لإقامتها.وعن حجم إنفاق الصندوق علي التدريب، قالت "والي" أنه كان ومازال محدودا جدا نظرا لضعف التمويل الوارد والمخصص لهذا النشاط ويعتمد الصندوق علي الشراكة مع شركاء التنمية لتنفيذ هذا النشاط الذي يحتاج لمنح كثيرة بينما المتاح هو قروض فقط. وأشارت الي أن حجم المشروعات التي تعثرت بعد الثورة وصلت إلي 4% من إجمالي المحفظة، وكان من أهم أسباب التعثر حالة الانفلات الامني الواضح خلال تلك الفترة ، وأيضا قيام بعض الانشطة والمحلات بالقيام بالتشغيل علي فترات متقطعة بسبب قرارات حظر التجوال وخشية اصحاب تلك المشاريع من اعمال التعدي والشغب.واضاف المهندس ممدوح سعد الدين خبير المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتنمية المستدامة انه بالرغم من تعدد الجهات الممولة والتي تعمل في مجال المشروعات الصغيرة في مصر والتي تصل الي اكثر من 2000 جنيه ما بين جمعيات اهلية وتعاونية ومجتمع مدني الا انه لا يوجد تنسيق بينهم وكل جهة تعمل في واد آخر لافتا الي ان المشروعات الصغيرة لا ينقصها تموين لكن ينقصها ان تتواجد كل الجهات في استراتيجية موحدة لتنمية وتطوير المشروعات الصغيرة.وطالب ممدوح سعد الدين بانشاء وزارة للمشروعات الصغيرة او مجلس اعلي يتبع رئاسة الجمهورية مباشرة مثلما حدث في الولاياتالمتحدةالامريكيه بتعيين وزير للمشروعات الصغيرة والمتوسطة كما انه من المفترض انشاء صندوق قومي تودع فيه المبالغ المالية الممولة للمشروعات الصغيرة ويكون الهدف منه تنفيذ خطة محددة ولها رؤية محددة يكون هدفها الرئيسي هو اعلاء شأن المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مجال الانتاج. شركات كبري واعترض سعدالدين علي المبالغ الضخمة التي تنفق في المشروعات الخيرية مثل اعمال الخير دون ان تتوجه هذه الاموال الي المشروعات الانتاجية التي يستفيد منها الشباب وان تتولي هذه المشروعات شركات كبري لكي تدعمها ماليا وتسويقيا وصناعيا. وطالب الحكومة بالنظر الي المشروعات الصغيرة بعين الاعتبار وان تكرس جميع جهودها للعمل في المشروعات الانتاجية. وعن اهم المشاكل التي تعوق المشروعات الصغيرة قال "انه لا توجد خطة تدريبية او اي معلومات أو درسات موثقة لهذه المشروعات بالاضافة الي عدم وجود تمويل مصرفي وغير مصرفي محدد لها بسبب عدم تفعيل التمويل غير المصرفي في مصر لانه منظومة كبيرة وذلك بسبب ان التمويل غير المصرفي في الخدمات المالية لم يتم تفعيله في مصر لان فوائده لا تزيد ارباحها عن 4% اما الجهاز المصرفي يريد ان يعمل ويربح اكثر من 18% كما انه من اهم المشكلات ايضا عدم وجود اماكن مجهزة وغير صالحة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وعدم وجود شركات تسويق محلية او دولية.وقال سعد الدين من الطبيعي الا توافق البنوك علي تمويل المشروعات الصغيرة لانها بطبيعتها تحصل علي اكثر من 18% ارباحا لتمويل المشروعات الاستثمارية والتجارية الخاصة ولأن المشروعات الصغيره لا توافق مع سياستهم المصرفية لانخفاض فوائدها التي لا تتعدي غير 4% من هنا يكون عدم الاهتمام بالمشروعات الصغيرة حتي وان كان هذا المشروع يحمل فكرة اختراع او ابتكار جديد يضيف للبلد، لذلك البنوك لا يهمها ما المشروع ولكن الذي يهمها هو حجم الارباح والفوائد التي ستنتج عن هذا المشروع.واكد ان بنك التنمية والائتمان الزراعي فاشل والبنوك الاخري التجارية هي التي تتسبب في فشله بالرغم من المفترض ان يكون السند القومي للمشروعات الصغيرة وان يكون بنك تنمية قومي مثل باقي دول العالم واعتبر ان المشروعات الصغيرة وخاصة في مصر هي نتيجة لتفاعلات وازمات وكوارث وبطالة بالرغم من انها تمثل 70% من نهضة مصر. واشار الي ان حجم الاموال التي تخرج من هذا القطاع من المشروعات الصغيرة تقدر بحوالي 50 مليار جنيه .وقال د. عبد الرحمن بركة امين عام صندوق اتحاد البنوك سابقا ان الصندوق الاجتماعي للتنمية هو المسئول عن تمويل واقامة المشروعات الصغيرة في مصر لكي يساعد ويساهم في النمو الاقتصادي للبلاد مما يتيح فرص عمل لشباب الخرجين الذين يطمحون في توفير فرص عمل لهم.واضاف انه كان هناك مقترح بانشاء بنك للمشروعات الصغيرة ولكن البنوك المصرية تناست تمويل المشروعات الصغيرة بالرغم من الاهمية البالغة لتلك المشروعات لما تمثله من توفير فرص العمل وزيادة نمو الاقتصاد المصري بالاضافة الي ان مخاطر هذه المشروعات تكون قليلة جدا. ضمانات تعجيزية واشار الي ان الضمانات التي كانت تطلبها البنوك من شباب الخرجين لاقامة مشروعات صغيرة كانت ضمانات تعجيزية ولكن الان انخفضت الي حد ما ولا توجد الان صعوبة، مطالبا البنوك بتغير سياستها لتمويل المشروعات وان تحد من عملية الضمانات الكثيرة للشباب لكي يستطيعوا اقامة مشروعاتهم ولكن الآن يوجد تنافس بين البنوك لتمويل المشروعات الصغيرة مما يؤدي الي خفض الضمانات المطلوبة مشيرا الي ان البنك الاهلي يقود حملة الان لدعم المشروعات الصغيرة ولابد من مشاركة البنوك الاخري في ذلك حتي يتحقق النمو الاقتصادي بالشكل الملحوظ واوضح ان محفظة التمويل للمشروعات الصغيرة في البنوك هي اما ان تكون اموال مودعين او منحا خارجية وهي التي تحدد سعر الفائدة حسب المشروعات المطروحة وحسب حجم المنحه علي ان تقوم البنوك برد هذه المبالغ للجهات الممولة كما ان المنح الخارجية التي تاتي الي البنوك عن طريق الدولة غالبا ما تكون موجهة الي اقامة مشروعات معينة لافتا الي ان البنوك لا تمنح تمويلات لاقامة مشروعات الا بعد تقديم الدراسات الكافية وان يكون المقترض حسن السمعة وان يكون قادرا علي سداد المبلغ، فعملية القروض التموينية ليست بالعملية الميسرة التي يعتقد الشاب انه سيذهب الي البنك ليحصل علي اموال دون ما يفيد استغلالها. وقال المهندس ابراهيم حيدو نائب رئيس مجلس ادارة التدريب الصناعي بوزارة الصناعة ، إن المشروعات الصغيرة في مصر ليس لها اهلية بمعني انه لا يوجد لها أب أو أم ترعاها ولابد من ان يكون هناك جهة رسمية تنتسب اليها وبالرغم من وجود 40 منظمة اهلية في مصر يدعون مساندتهم للصناعات الصغيرة والمتوسطة ولكن يجب ان تكون المشروعات الصغيرة في مصر تخرج من رحم وزارة الصناعة لكي تأخذ هيكل الصناعة بمستوياته الاستراتيجية والكبيرة والمتوسطة والصغيرة ولابد من الاستفادة بتجارب الدول الناجحة في اقامة وتطوير وتنمية المشروعات الصغيرة. التنفيذ قريباً وأضاف "حيدو" ان برنامج تدريب وتشغيل 100 الف شاب التابع لوزارة الصناعة سوف يبدأ في التنفيذ قريبا بمشاركة منظمات المجتمع المدني والجمعيات الاهلية والذي سيستفيد منه 100 الف شاب لاقامة مشروعات صغيرة بعد تدريبهم وذلك للمساهمة في القضاء علي مشكلة البطالة تدريجيا وسوف يعمل برنامج التدريب والتشغيل علي 9 قطاعات صناعية مثل " الجلود والدباغة والطباعة والقطاعات الهندسية والكيماوية والتشييد والبناء ، كما ينقسم المشروع الي مشروعات صناعية ومشروعات خدمية وذلك بتكلفة 500 مليون جنيه في مدة زمنية اقصاها سنة من تاريخ الاعتماد المالي.وأشار " حيدو" الي اهم المعوقات التي تواجه المشروعات الصغيرة والتدريب التي يحصل عليها الشباب بالاضافة الي ارتفاع اسعار الضرائب والطاقة والتأمينات الاجتماعية واسعار فوائد البنوك .واوضح ان هناك منحا كثيرة بمبالغ ضخمة جدا من دول عربية ولكنها متوقفة بسبب ان مصر لا تستطيع ان تقدم ما تطلبه الدول المانحة ، كما ان هناك عشوائية في استخدام القروض والمنح في مصر . وقال اذا كانت المشروعات الصغيرة قد فشلت فانها فشلت بسبب البنوك المصرية التي تضع شروطا تعجيزية لاقراض الشباب مثل الضمانات الكثيرة التي تطالب بها الشباب الذين يريدون عمل مشروعات صغيرة والتي لا يستطيعون تنفيذها ، بالاضافة الي ان سعر الفائدة الذي يحدده البنك يصل الي اكثر من 16% للمشروع فاصبحت الآن المشروعات الصغيرة في مصر ما هي الا وهم ، فلا بد من ان المشروعات الصغيرة تدعمها الحكومة بكل قطاعاتها المصرفية والادارية والمحلية ، مطالبا بانشاء غرفة داخل اتحاد الصناعات تسمي غرفة الصناعات الصغيرة والمتوسطة. ومن تجارب الشباب ومعاناتهم في اقامة المشروعات الصغيرة، يقول سيد عبد الوهاب خريج كلية زراعة 33 سنة انه حصل علي دورة تدريبية لمدة ثلاثة اشهر في المشروعات الصغير بالصندوق الاجتماعي للتنمية بالتعاون مع وزارة الزراعة وجمعية حاضنات المشروعات الصغيره وبعد ان حصل علي المركز الاول علي مستوي الدوره لاقامة مشروع معمل ومصنع اللبان فقام باستئجار محل لاقامة هذا المشروع وذهب بالشهادات التي حصل عليها خلال الدورة الي الصندوق الاجتماعي للتنمية مقدما اوراقه وطالب من الصندوق تنفيذ المشروع الذي تدرب عليه وبعد مرور شهر من استكمال الاوراق تم تحويلها الي بنك التنمية والائتمان الزراعي الذي أقامه بدوره لدراسة هذه الاوراق وبعد دراسة الجدوي الخاصة بالمشروع والتي كانت تكلفته تقدر بحوالي 50 الف جنيه وبعد مرور اكثر من شهر من دراسة اوراق المشروع قام البنك بالاتصال بسيد واخبره بأنه تم الموافقه علي اقامة هذا المشروع ولكن بعد ان يقدم الضمانات الكافية التي تغطي قيمة القرض، واضاف سيد انه لا يمتلك في هذه الدنيا غير شهاداته التي حصل عليها من التدريب والمحل الذي قام باستئجاره ولكنه حاول بشتي الطرق ان يجد من يساعده لتوفير الضمانات المطلوبة منه ولكنه فشل في ايجاد من يسانده.وقال سيد انه كان يامل في اقامة هذا المشروع لتحقيق احلامه في الحصول علي فرصة عمل او المشروع ولكن حلمه تحول الي كابوس، استيقظ منه برفض البنك تمويل المشروع لعدم وجود الضمانات الكافية لافتا الي انه اذا كان يمتلك قيمة هذه الضمانات ما كان ذهب الي البنك للحصول علي هذا التمويل .