بعد أيام من قيام ثورة 32 يوليو 2591.. تفتق ذهن الضابط الشاب الذي تولي مسئولية الإذاعة عن منع أغاني أم كلثوم.. وقال في تبرير قراره إنها كانت تغني في العهد البائد ولابد أن يكون للثورة أصوات جديدة لا تذكر الناس بالملك ومصر الملكية القديمة.. ما أن عرف جمال عبدالناصر بالقرار حتي رفع التليفون ثائراً وطلب الضابط وقال له: ارسل قوة عسكرية فوراً لهدم الأهرامات.. أبدي الضابط استغرابه من طلب ناصر، الذي رد عليه بسخرية: أليست الأهرامات من العهد البائد يا حضرة اليوزباشي؟!. يبدو أن بعض المسئولين والإعلاميين بعد الثورة لم يستوعبوا.. أو لم يتذكروا درس منع أغاني أم كلثوم .. من يزايد في هذا الخطأ من المسئولين أو يزايد في التفاف وركوب الموجة من الاعلاميين هم أول من يضر بالثورة أن يظلم النظام الجديد بعد الثورة.. وهو النظام الذي يسعون لإرضائه.. ولكن الحقيقة هي سعيهم لإرضاء أنفسهم أو توهماً أنه لا وسيلة للحصول علي المناصب أو المكاسب أو أن يكون من أهل الحظوة غير هذه الطريقة، علي غرار مات الملك عاش الملك.. أو إيثاراً بالمقولة الزائفة التي لا تذكر من إيحاء حضارتنا غيرها ومؤداها.. أن كل ملك يأتي يزيل كل ما أنجزه الملك السابق له، حتي اسمه ورسوماته علي جدران المعابد.. والحقيقة أن هذا قد حدث مرة أو اثنتين وكانت بسبب كهنة الملك.. ونري بعضهم في ثوب حديث سواء كان هؤلاء الكهنة في مقاعد السلطة حول الحاكم.. أو صغار المسئولين.. أو بعض الاعلاميين. الدرس الجديد الذي يجب أن يعيه كل هؤلاء.. أن لكل عصر أخطاءه وسلبياته.. والأمانة تقتضي التقييم الموضوعي لكل عهد أو رئيس.. ويذكرني حالاً في هذا الصدد ما قاله الرئيس محمد مرسي في كلمته أمام قمة عدم الانحياز في طهران.. إن عبدالناصر عبر عن إرادة كسر الهيمنة الأمريكية.. هذا ما قاله رئيس الجمهورية، اليوم عن عبدالناصر، رغم كل تاريخ العداء بين عبدالناصر وجماعة الاخوان المسلمين..! أرجو أن يستوعب دهاقنة وكهنة العصر.. أن كل محاولاتهم مكشوفة.. مهما قالوا صباحاً ومساء.. فلول العهد البائد.. كلنا مصريون.