عشنا طوال الشهور الماضية ومنذ قيام الثورة وإلي أن تم تمكين جماعة الاخوان من حكم مصر نرفع شعار حرية التظاهر السلمي باعتباره من أهم روافد الديمقراطية الصحيحة التي نتطلع إليها.. وقد تعرض هذا الشعار لسوء الاستخدام بهدف تسخيره لخدمة المخططات الانتهازية ومعها الاخوانية لصالح النزعات الفوضوية. ادي هذا الانحراف إلي تحول هذا الحق المكفول قانونا إلي موجات من الازمات التي ادخلتنا في غمة عدم الاستقرار التي مازلنا نعاني منه حتي الآن. ليس من وصف لهذا السلوك سوي انه تعبير عن عدم مراعاة الصالح الوطني وتوظيف التوجهات التي قد تكون غير بريئة أو عفوية لتنفيذ مخططات واهداف سياسية. لا يخفي علي أحد ان حالة التسيب المتعمد في مواجهة هذه الفوضي هي التي كانت وراء ما نحن فيه الآن من تدهور اقتصادي واجتماعي ينعكس سلبيا علي مقدراتنا الوطنية. لقد جري استخدام الارهاب والتواطؤ وعقد الصفقات مع من أوكلت إليهم امانة ادارة شئون الدولة للقبول بالمظاهرات والمليونيات التي كان يجري الدعوة إليها عمال علي بطال للزج بهذا الوطن في هوة الانهيار والمجهول. وقد كان واضحا ان هذا الوضع كان مخططا له ومتفقا عليه لتسهيل عملية الهيمنة علي الدولة المصرية المنهارة. يدخل ضمن هذا التخطيط ما تم من اتفاقات مريبة دفعت مصر إلي السير في الطريق الخطأ للديمقراطية التي يتطلبها بناء الدولة المصرية ما بعد الثورة . تأكدت هذه الحقيقة التآمرية في خطوات البناء الزائف لهذه الدولة. كيف بالله يمكن اقامة دولة دون أن يكون هناك دستور؟! كل الخبراء وكل الأصوات الوطنية قالت بأعلي الصوت ان هذا الدستور هو السبيل الوحيد لتأسيس كافة السلطات التي تمثل جوهر قيام هذه الدولة. هذا التوجه لم يكن بريئا من سوء النية التي تمثلت في تبني المجلس العسكري الاعلي لاتجاه الانتخابات قبل الدستور والذي لم يكن خافيا انه يخدم جماعة الاخوان. كانت أهم ما ركزت عليه نصوص الاعلان الدستوري الاخواني الصادر في مارس 1102 اجراء انتخابات مجلس الشعب وانتخابات رئيس الجمهورية أولا. كان الهدف استثمار جهازية الجماعة ماديا وتنظيميا وعلي مستوي الشارع المصري لهذه الخطوة بما يضمن السيطرة والهيمنة ودعم عملية اختطاف ثورة الشباب والشعب والتي نجحت في اسقاط النظام الحاكم السابق جري ذلك من خلال دعم المجلس العسكري ولا أقول الجيش المصري . هذا الموقف كان بداية انفضاح خيوط المؤامرة التي تم إعدادها بإحكام وتواطؤ والتي انتهت بما نحن فيه الآن. من استبعاد وتهميش للقوي الوطنية غير الإخوانية.. واتاحة المجال للعناصر الانتهازية التي احترفت النفاق والظهور الاعلامي وانتهي امر بعضها بأخذ بعضها لخازوق »مغرّي« كما يقولون!!. حول التمسك بالمبدأ غير الاخلاقي الذي يقول: ان الغاية تبرر الوسيلة والذي يعد حجر الاساس فيما نشهده الان كان من الطبيعي وبعد ان استنفدت موجات التظاهر اهدافها بوصول الجماعة الي ما تريد وما خططت له ان يتم تجريم التظاهر الذي يُعبر عن حرية الرأي والتعبير. لم يقتصر الأمر علي التهديدات للقائمين علي دعوات التظاهر السلمي احتجاجا علي الهيمنة الاخوانية.. وإنما تعاظمت الصدمة من خروج احد المنتمين للأزهر الشريف من اصحاب الميول الاخوانية بفتوي فاسدة تحرم التظاهر السلمي. وقد تعدي الأمر حظر ممارسة هذا الحق بل تعداها للدعوة تحل دم المتظاهرين. لا معني لهدف الفتوي سوي أن التظاهر لصالح الاخوان حلال بينما هو حرام لصالح أي اتجاهات وطنية آخري. ان هذا الذي صدر عن هذا المنتمي للأزهر يتنافي ويتعارض مع وثيقة الأزهر التي ارتضتها كل قوي الشعب من اجل إحلال الأمن والاستقرار والنهوض بمصر. مواجهة هذا الانحراف تحتم علي فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وإمام المسلمين التدخل ببيان رسمي يدين هذه الفتوي باعتبار أن التظاهر السلمي باعتباره من الحريات التي يقدسها الاسلام. ان هذا الازهري يستحق بهذا الموقف نعته بعدم الانتساب لدين الحق والموعظة الحسنة.