جلال دويدار عندما نتابع مسلسل الكوارث التي انعكست آثارها علي أحوال مصر علي مدي السنوات العشر السابقة لثورة 52 يناير ومازالت حتي الآن لابد وان نتذكر علي الفور ارتباطها الوثيق بعملية توريث الحكم. يأتي في مقدمة هذه الكوارث تفشي الفساد نتيجة اطلاق يد الوريث جمال مبارك خاصة في ادارة كل ما هو متعلق بالاقتصاد. ليس جديدا القول بأن هذا التوجه اتخذ شكلا محددا لخدمة الاهداف السياسية استنادا الي سطوة رأس المال والثروة. وكما هو معروف فقد اسندت هذه المهمة الي احمد عز الذي اتاح له النظام السيطرة الكاملة علي انتاج سلعة استراتيجية هي حديد التسليح . في اطار هذه المهمة تم التخطيط لكل خطوات الاعداد لمسرحية التوريث بداية من ادخال التغييرات علي الدستور بما يستهدفت إتمام فصولها دون اي معوقات. وتولي احمد عز بعد ذلك الاعداد لانتخابات مجلس الشعب عام 0102 التي تم تزويرها بما يتيح للحزب الوطني السيطرة الكاملة باستبعاد جميع العناصر المعارضة. لم يخف مهندس عملية التزوير هذه الحقيقة الي درجة انه لم يتواني عن التفاخر بما قام به في اجتماعات الحزب. اعتبر انه وبهذه النتيجة قد كسب عدة »ابناط« علي منافسيه من اعضاء الحلقة سواء المحيطة بالرئيس السابق مبارك او بخليفته الابن جمال مبارك. ان احدا لايستطيع ان يجادل في ان السنوات الخمس الاخيرة من حكم مبارك كانت تجسيد دولة جمال مبارك. في اطار هذه الدولة لم يكن خافيا تورط جماعته في كل قرار يتم اتخاذه وفي كل مفسدة يتم تداولها او تناولها حديثا في اروقة المجتمع. كل هذه الاحداث كانت وراء اشعال ثورة 52 يناير التي قام بها الشباب ووقف وراءها الشعب وهيمنت عليها بعد ذلك جماعة الاخوان. اذن فانه لايمكن باي حال تبرئة هذه الاوضاع بشكل اساسي من المسئولية في الدفع الي هذه الثورة والي الحالة التي نحن عليها الان. الاخطر انه قد صحب الانشغال في اعداد المسرح للتوريث سيطرة اتجاه التهاون في حماية الامن القومي الي درجة السكوت علي امتهان سيادة مصر وكرامتها. كان الدافع الي هذا الموقف ضمان توافر الرضا علي التوجهات السياسية للنظام الذي لم يكن من هدف له سوي تمرير عملية التوريث. كان واضحا ان جماعة المنتفعين بجمال مبارك لا تمانع في التفريط في متطلبات الامن القومي اذا ما تماشي ذلك مع مصالحها ومخططاتها في خدمة عملية التوريث. استمر هذا الفكر وللاسف بعد الثورة ليس بهدف التوريث ولكن حتي يتجنب النظام الحاكم الجديداثارة اي مشاكل في تتناقض مع الاستجابة لمتطلبات التحالفات الجديدة. كان من الطبيعي ان يكون من نتائج هذه السياسات ماتعرض له الامن القومي المصري من انتهاك متمثلا فيما شهدته نقطة حرس الحدود عند حدودنا مع غزة والاراضي الفلسطينية المحتلة من هجوم اجرامي راح ضحيته 61 شهيدا من جنودنا واصابة 7. ان ماحدث في سيناء هو استمرار للامتهان الذي يواجه الامن القومي المصري والسيادة المصرية. ولا يمكن ان ننسي في هذا المجال عملية التحريض التي قامت بها حماس لاختراق الحدود المصرية عام 8002 والسماح بالعبور غير المشروع لمئات الالاف من الفلسطينيين الذين كان بينهم ارهابيين. الي جانب ما يتعرض له الامن القومي المصري من خروقات شهدت الساحة في نفس الوقت سلوكيات غريبة ومثيرة. بدلا من الاحتجاج علي عدم صيانة الامن القومي المصري تم التهجم علي الاعلاميين المتواجدين بمدينة الانتاج الاعلامي لنقدهم الرئيس وجماعة الاخوان. اذا كان ما جري في سيناء يعد سبة في جبين النظامين الحاكمين السابق والحالي .. فان ماجري امام مدينة الانتاج الاعلامي مساء أمس الأول »الاربعاء« هو بكل المقاييس نقطة سوداء في سجل الدولة المصرية. عاش الامن القومي المصري وعاشت حرية الرأي والتعبير!!.