إبراهيم سعده نقلت وكالة "رويترز" عن قائد عسكري مصري في سيناء قوله: "نجحنا في دخول قرية التومة، وقتل 20 ارهابيا، وتدمير ثلاث عربات مصفحة عائدة للارهابيين. وما زالت العمليات مستمرة". الخبر مع ترحيبنا بنتائج هذه العملية يكشف عن أسرار لم نكن نصدقها. فعندما يبدأ القائد العسكري المصري تصريحه لوكالة الأنباء البريطانية بكلمة: "نجحنا في دخول قرية التومة.." فهذا يعني أن القرية كانت قلعة حصينة للجماعات الإرهابية، يصعب اقتحامها (..). وعندما نسمع موفد قناة "النيل" المصرية إلي قرية التومة والقري المجاورة لجنوب مدينة الشيخ زويد عن نجاة مروحية مصرية من طراز "آباتشي" من السقوط بعد محاولات اسقاطها بأيدي وأسلحة المجرمين الإرهابيين.. فهذا يعني أن تلك الجماعات مسلحة حتي أسنانها وتمتلئ كهوفها بأنواع عديدة من أحدث الصواريخ أرض/جو، ولولا أن قائد المروحية كان يطير علي ارتفاع عال، يزيد عن مدي الصواريخ، لما أمكن نجاة الطائرة ومن داخلها (..). ما يتصوره البعض أسراراً تتكشف الواحد بعد الآخر منذ فجر ليلة أمس الأول بعد العملية العسكرية والتمشيطية الناجحة.. حتي الآن كان البعض الآخر يعلمه ويتوقع حدوثه منذ زمن طويل. ولقد توقفت طويلاً أمام المقال البديع للكاتب العربي الكبير خيرالله خيرالله في عدد أمس الأول من الزميلة "الشرق الأوسط" تحت عنوان صادم، مثير، وواقعي في الوقت نفسه. فالزميل الكاتب الصحفي الشهير يذكرنا بان ما حدث يوم الأحد الماضي في سيناء وراح ضحيته العشرات قتلاً وجرحاً وإعاقة من ضباطنا وجنودنا الشهداء هو تحصيل حاصل لما ارتكبناه من سياسة خاطئة بالأمس البعيد، واليوم القريب مع المشكلة المزمنة المسماة ب "القضية الفلسطينية« فاجأنا الكاتب الأستاذ خيرالله خيرالله بكلمات مقاله الأولي، قائلاً: [ما حصل عند ممر رفح وهو معبر حدودي بين قطاع غزة الفلسطيني والأراضي المصرية أكثر من طبيعي]. وتفسيراً وتأريخاً لوجهة نظره، قال الكاتب: [ إن مصر تحصد الآن ما زرعته في غزّة لا اكثر ولا اقلّ. فالهجوم الآثم الذي تعرّضت له العناصر العسكرية المصرية في موقع قريب من المعبر الحدودي داخل الاراضي المصرية كان متوقعا في ضوء التراخي الذي ميّز في السنوات القليلة الماضية مواقف القاهرة من قطاع غزّة الذي كان حتي العام 1967تحت الادارة المصرية. لم يكن التراخي المصري تجاه غزّة ابن البارحة. بدأ قبل فترة طويلة في عهد الرئيس حسني مبارك والأجهزة الامنية التابعة للنظام المصري]. وينبهنا الزميل خيرالله خيرالله إلي أن : [ كان الدبلوماسيون الغربيون في القاهرة يقولون في السنوات الاخيرة التي سبقت انهيار نظام مبارك إن "الجانب المصري يمتلك افضل المعلومات عن غزة. وكانوا يشيدون بعمل الاجهزة المصرية ويقولون ان الدول الاوروبية المهتمة بما يدور في القطاع تستقي معلوماتها من المصريين. لكنّ هؤلاء الدبلوماسيين كانوا يشيرون في الوقت ذاته الي ان من هم علي رأس الاجهزة الامنية المصرية مثلهم مثل القيادة السياسية لا يعرفون كيفية الاستفادة من المعلومات المتوافرة. أكثرمن ذلك.. كان هؤلاء يشكون من عجز القيادة السياسية المصرية وقادة الاجهزة الامنية علي خلاف الضباط العاملين علي الارض من تقدير خطورة الوضع في غزة، وتأثيره السلبي علي الداخل المصري]. ويري الكاتب الصحفي العربي خيرالله خيرالله انه: [ في عهد مبارك خصوصا في السنوات العشر الاخيرة منه كانت مصر متلهية بمصر. كان هناك همّ اكبر بكثير من غزة هو هم التوريث. في غضون ذلك، كانت الاجهزة الامنية، تؤدي دورها والمطلوب منها بكفاءة عالية، ولكن من دون ان يكون علي رأسها عقل سياسي وامني، في آن، يعرف أن أي تهاون مصري في غزة ستكون له نتائج سيئة داخل مصر نفسها]. وتفسيراً لما يراه، أضاف الكاتب: [ لم تستوعب مصر/ مبارك معني الانسحاب الاسرائيلي من جانب واحد من غزة في العام2005. ولم تستوعب أيضاً استمرار فوضي السلاح في القطاع. كما لم تستوعب أيضاً ان الانقلاب الذي نفّذته "حماس" في غزة عام 2007 كان موجها الي مصر أيضا، وليس الي السلطة الوطنية الفلسطينية المغلوب علي امرها فقط. أكثر من ذلك.. لم يكن في القاهرة من هو قادر علي تقدير الاخطار الناجمة عن تحوّل "حماس" الي ميليشيات مسلحة مستقلة كلّ منها عن الاخري، وان بعض هذه الميليشيات علي علاقة مباشرة بقوي اجنبية بينها ايران وأدواتها معادية لمصر، ولأي دور مصري أو عربي في المنطقة]. مساحة المقال انتهت.. لكن صدمات الكاتب تتوالي في المقال التالي.