كفكفت دمعي بسرعة فلا وقت للدموع علي الكارثة وأكتب لكم لتعلموا انه تم اهمال سيناء بتعمد وسبق اصرار وترصد منذ ثلاثين عاما تركت أرض الفيروز والخير نهبا لمن يريد من المجرمين وقطاع الطرق فقط مصري واحد اتجه الي سيناء.. اتجه الي الشرق بينما اتجهت مصر كلها الي الساحل الشمالي الغربي للمنتجعات والسعادة ومنذ اسبوع في مكالمة مع الدكتور حسن راتب قال لي بأسي وحزن: سيناء تركت نهبا للمليشيات.. هنا في سينا لا أمن ولا أمان.. هنا في سيناء مليشيات القاعدة والجهاد والتكفير والهجرة وغيرهم وقررت ان اكتب ولكن دهمتني مشاكل الصحافة فحدثت الكارثة بالهجوم الغادر علي وحدة من جيش مصر واستبيح شرف مصر واستشهد خيرة ابنائها وكأنها رسالة بالبداية ولعلنا نعي الدرس.. أو لعله يمر مرور الكرام ليتفرج العالم علينا.. سيناء محتاجة لدرع حرب.. محتاجة للتعمير.. سيناء محتاجة للمستثمرين ولكن المستثمرين يتجهون للاسرع.. ما صدق خيرت الشاطر يخرج الي النور حتي افتتح 52 فرعا لسوبر ماركت الكسب السريع من دم الغلابة حيث الطعام هو الاحتياج الاول والشاطر شاطر ويختار الاسهل.. يا إخوان.. يا فضيلة المرشد اطلبها من الشاطر ان يتجه الي سيناء حيث خطو الانبياء.. وهذه تجربة ربما ندفع المؤمنين. حاورت الدكتور حسن راتب عن اختياره سيناء وكيف بدأ ولماذا قال هذه القصة التي نسيناها رغم انها لا تنسي قال: كنت اعمل في السعودية وسافرت الي فرنسا لاشتري معدات للشركة التي كنت اعمل بها وشاهدت فيلما يصور انسحاب اليهود من سيناء من قرية اسمها ياميت وكانت مجموعة من المتطرفين قد احتلوا ياميت ورفضوا الانسحاب وطلبت اسرائيل من الرئيس الراحل انور السادات ان يتركهم في القرية ولكن السادات رفض ورفضوا الخروج فشاهدت اخراجهم بالقوة وكانوا يحاولون الانتحار الجماعي تشبثا بالقرية وحدثت اشتباكات بين اليهود المتطرفين المحتلين لقرية ياميت وبين الجيش الاسرائيلي وكلما وضعوهم في السيارات يقفزوا منها بالقوة.. شاهدت انهم متشبثون ببلدنا واحنا بنشتغل بره فقررت العودة وقررت العمل في سيناء التي تركناها ويتمسك بها الاسرائيليون وقررت بناء قرية مكان ياميت التي حطمها اليهود بالديناميت بعد خروجهم منها ولكن المحافظ الراحل منير شاش قال لي »سيبك من موضوع ياميت وخد ارض علي البحر اعمل فيها قرية جديدة« وبدأت بقرسة »سما العريش« وهذه القصة مكتوبة في كتابي »سيناء قلب ينبض لمصر« وسألته عن المشاكل التي واجهته في هذه المنطقة التي لا يوجد بها اي استثمارات والمنطقة توحي بالاحساس بالوحدة قال ان اهل سيناء كان استقبالهم جيداً ولا يجب ان نحكم من خلال حالات فردية موجودة في كل مكان، أهل سيناء طيبون ومحترمون لكن احنا قصرنا جدا وتركنا سينا ليست منزوعة السلاح ولكن منزوعة التنمية لا تمثل الطموحات المصريين أبدا فقد اتجهوا للساحل الشمالي الغربي وأنا اتجهت الي سيناء وتتعجب من شكل خريطة سيناء إنها مثل القلب وهي فعلا قلب مصر النابض كما أطلقت علي كتابي الذي يحمل قصتي كلها في سيناء.. مواجهة الأمن في سيناء متوازية مع اهمال التعمير وهو درع حرب.. والكلام مازال للدكتور حسن راتب عن تجربته عملت التعمير المادي ببناء القرية ثم التعمير المعنوي بإنشاء جامعة سيناء.. بناء قرية سما العريش كقاعدة اقتصادية ينطلق منها إنشاء المنطقة الصناعية. صناعات ثقيلة ضمن مصانع الأسمنت وصناعة أكياس ومصانع الرخام وكانت قاعدة صناعية لبناء نهضة صناعية بالمنطقة تكون أرضية لمجتمع سيناوي متكامل وكانت جامعة سيناء للتنمية البشرية. انتهي كلام د. حسن راتب. وكنت عند زيارتي للعريش منذ سبعة أعوام قد طلبت زيادة المنح من الجامعة لكل محافظات مصر فوافق د. حسن راتب ومنح خمسين طالبا من المحافظات المختلفة منها هناك ثم زادت الي أكثر من مائة بعد ذلك وفي حديثنا منذ أسبوع أحسست أن الرجل يختنق وهو يحكي عن الغياب الأمني بعد أن خطف أحد الموظفين من المليشيات الموجودة في سيناء وحكي لي كيف أن السيناوية في حالة من الفزع وعدم الاستقرار فهنا ما يسمي بالجيش الاسلامي وميليشيات الجهاد والقاعدة والتكفير والهجرة وقال لي أنا في شدة الخوف علي البلد كلها من خواء سيناء من الأمن بحيث أصبحت بؤرة خطر تهدد مصر كلها لقد استباحت هذه العناصر كل شيء وتمشي جهارا نهارا باسلحتها تلوح بمقدرتها ويفرضون اتاوات علي الناس علنا وجهارا نهارا. - والعمل؟ ما رأيك وانت مواطن سيناوي تماما قالت له فقال - لابد من جهاز أمني متكامل قوي في سيناء لمواجهة هذه الفوضي التي تبيح القتل والتخريب لابد من خطة أمنية منظمة بمسئولين ومتخصصين في الدفاع ولابد من تمشيط المنطقة واستخدام الطائرات لكشف المواقع والبؤر التي تنتشر في سيناء.. لابد أن نؤمن أن ضعف الأطراف هو ضعف واستباحه للأمة. يا أهل مصر.. هذه هي شهادة رجل حاول اقتحام المجهول وغامر بما له منذ ثلاثين عاما ونجح بالمقاومة وبأهل سيناء يا أغنياء مصر الذين ينشئون المنتجعات وحدائق الجولف التي اقتصت مياه مصر من أجل ملاعب الجولف الخضراء لمجتمع النصف في المائة وكله من الأغنياء الجدد الذين لا يعرفون الاستثمارات الحقيقية.. وجالهم المال ع الجاهز.. يا إخوان يا مسلمين.. يا خيرت يا شاطر يا حسن يا مالك يا أصحاب المجموعة الاستثمارية اقرأوا تاريخ المسلمين ومليونيرات المسلمين اقرأوا حكايات المبشرين بالجنة وهم مليونيرات.. اقرأوا عبدالرحمن بن عوف الذي خجل من أهل المدينة الذين عفرت قوافله طرقها في هداها لهم سبعون قافلة أهداها لهم خجلا منهم!! اقرأوا كتاب د.حسن راتب »سيناء.. قلب ينبض لمصر« اقرأوا التجربة وبدلا من استثمار أهل مصر الجوعي في أطعمة السوبر ماركت المستوردة عمروا سيناء شاركوا في تأمين بوابة مصر الشرقية.. بدلا من غرق أولادنا في البحر مهاجرين طالبين للعمل شجعوهم علي الهجرة إلي سيناء استثمروا الغلابة الضائعين بين أنياب الفقر والبطالة سوف لا تندمون لان تجربة د.حسن راتب لم تخسر مادياً ولكنها لم تكن لتصل لأحلامكم بالثراء المطلوب من التجارة بهامش الربح، الحدود المعروفة يا أولي الأمر منا.. يا رئيس الجمهورية.. يا رئيس المجلس العسكري يا وزير الداخلية.. يا رئيس جهاز تنمية سيناء.. يا كل المصريين.. إن ما حدث في سيناء هو تهديد صريح لمصر كلها.. وللأسف الشديد كان باراك نتنياهو هو في موقع الحدث بعد دقائق وكان اولي الأمر منا هناك بعد خمسة عشرة ساعة.. ذهبوا وكانت دماء الشهداء الأبرار قد جفت مع أن الذهاب بالطائرة الهليكوبتر لا يستغرق نصف الساعة لعلهم كانوا يتناقشون قبل الذهاب هؤلاء الشهداء شهود علي تقصير أولي الأمر.. تقصير عمره ثلاثون عاما من الاهمال المتعمد في تعمير سيناء وتنمية سيناء.. ومنذ اكثر من عام اعددت سلسلة من التحقيقات حول خواء سيناء تحت عنوان سيناء منزوعة السلام سيناء منزوعة التعمير وسيناء منزوعة التعليم وسيناء منزوعة الثقافة وسيناء منزوعة التنمية وتمت فقط بعمل موضوع واحد لان باقي المواضيع لهم لم أجد من وحاوره فيها.. فقط حاورت وزير الثقافة في ذلك الحين د.عماد أبوغازي وفند لي ما يوجد في سيناء من قصور الثقافة وتنفيذ خطط ثقافية مثلها مثل باقي مصر. إن ما حدث ناقوس يدق بالخطر سواء من الميليشيات أو من العدو الاسرائيلي صاحب معاهدة السلام والمتربص بالسلاح وربما وجد في هذا الحادث الجلل ذريعة لدخول سيناء لانعدام الامن المصري.