مصر تفور وتغلي بالأحداث الساخنة وهذا وارد لشعب يغير جلده وشعب يحفر في ثلاثين عاما ويكتشف كيف كان مغيبا. التحية لابن مصر كلها أحمد الشحات الذي اناب عنا في الانتقام المعنوي بنزع علم إسرائيل وزرع علم مصر مكانه. وفتحت سيناء قلبها الذي أغلقه النظام السابق علي قهر وجراح وتغريب خارج الوطن واستغرقا في أحد بنود معاهدة كامب ديفيد »سيناء منزوعة السلاح« ذلك البند الذي لعبت به اسرائيل طوال الثلاثين عاما وكتب فيه الكاتب الكبير الراحل سعد الدين وهبة سلسلة من المقالات في الأهرام رافضا هذا البند المهين غير ان البند الرابع من المعاهدة يتحرك بزيادة وحدات الشرطة والجيش ولكن النظام السابق كان يراعي مشاعر اسرائيل ويدعمها بترك سيناء بلا تنمية وبشر سيناء بلا رقم قومي ولكن مجرد وثيقة مكتوب فيها »رعاية جمهورية مصر العربية«.. كان النظام يجامل أمريكا دائما عن طريق ربيبتها اسرائيل!! وكتب سعد وهبة رحمه الله كاشفا النقاب عن صاروخين لإسرائيل يحملان اسم »أريحا واحد« ويصل الي قلب القاهرة بعد ساعة واحدة مدمرا كل شيء والصاروخ الثاني »أريحا اثنين« يصل إلي السد العالي بعد 3 ساعات فيدمره وتغرق مياه بحيرة ناصر مصر كلها حتي تصب في البحر الأبيض في 8 ساعات!! ولا حياة لمن تنادي والنظام السابق يدعم إسرائيل علي حساب أمن مصر لدرجة أن وزير الحرب في حكومة شارون قبل حكومتي اولمرت ونتنياهو هدد مصر باطلاق الصاروخين. وسيناء وعرب سيناء كأنهم بشر خارج الخريطة وربما بعض وحدات من الشرطة معرضة للضرب علي الحدود ولا تستطيع حتي ان تحمي نفسها ناهيك عن القبائل الذين يحملون الحمية المصرية والوطنية والشجاعة والذين كانوا يشتبكون دوما مع العدو دفاعا عن أرض الوطن. لم يكن الاهمال سوي ثمن للتواصل السياسي مع الامريكان ولم يلتفت النظام السابق الي العنف الداخلي الذي تولد لدي أهالي سيناء. وقد زرت سيناء لأول مرة مع مجموعة من الاطفال فازوا في مسابقة قدمتها لهم من خلال باب أخبار الاطفال الذي كنت احرره في جريدة الاخبار وكنت اقيم هذه المسابقة تحت عنوان »ارسموا مصر واكتبوا عنها« وذلك لتعميق الانتماء للوطن وكانت الجوائز السفر الي كل مصر وحينما سافرنا في أول الثمانينيات الي سيناء وكان محافظها لشمال سيناء اللواء منير شاش ذلك الرجل العظيم الذي استقبل الصغار استقبال كبار الزوار واحتفل بهم خبير الفنادق الراقي محمد ابوالنجا في حفل مع أهالي شمال سيناء في الفندق. زرنا قرية ياميت وهي اشهر وأجمل وأصح قرية في العالم ووجدنا القرية وقد دمرها بيجين قبل ان يسلموا العريش لمصر دمرها بالديناميت ولكن احد الاطفال الفائزين وهو صيدلاني الان في كندا الدكتور محمد أبوزيد قال وقتها: بيجين دمر ياميت بالحقد وليس بالديناميت وكان تعبيرا ذكيا يعبر عن اخلاقيات العدو الصهيوني. كانت العريش تحفل بأكثر من خطة تنمية وكان رجل الأعمال الراحل السيد أحمد الانور ترك كل أعمال التعمير في مصر وذهب الي سيناء علي حد قوله ليعمر الأرض المحررة واختار مدينة الشيخ زويد وكان البناء علي قدم وساق وبعده جاء اللواء علي حفظي الخبير العسكري واهتم باقامة قصر ثقافة العريش وقصر ثقافة رفح وكانت انشطة الاطفال مهتمة بثقافة البيئة وفنون البيئة وربطهم بالمنطقة. وفي عهد اللواء أحمد عبدالحميد احد قادة الجيش واحد تلاميذ المشير طنطاوي قد عين محافظا لسيناء الشمالية واهتم أيضا بالتصنيع وقري سيناء الصحراوية وكذلك بالثقافة وخصوصا ثقافة الطفل التي كان يقيم لها رئيسها الاستاد محمد عبدالعظيم الفعاليات المستمرة من فنون وندوات ومعارض واهتم اللواء احمد عبدالحميد بجذب المستثمرين فبدأ د. حسن راتب بالمصانع والجامعة. ولكن كل هذا كا ن متمركزا في العريش وحولها في دائرة قطرها لا يخرج عن العريش كثيرا ولكن عند حدود العريش مع اسرائيل كنت تلاحظ الخواء من البناء هنا والتعمير والحياة هناك لم اغفل عن فكرة التعمد الذي بحثت عن اسبابه فلم أجد ردا سوي ترك سيناء لقمة سائغة للعدو الصهيوني. كنت دائما اضع عيني وعقلي علي بند سيناء منزوعة السلاح في معاهدة كامب ديفيد والتي اري انها لن تلغي ولكنها تتآكل وحدها ولكن كنت اشعر بالاسف والحزن حينما طلبت مصر الاذن من اسرائيل بزيادة الشرطة الي ثمانين الف جندي في اول الثورة حينما حدثت بعض المناوشات علي الحدود واصبت بالحسرة حينما انتهت المناوشات وطلبت اسرائيل من مصر سحب الجنود!! هل المعاهدة تعطي لاسرائيل التحكم ولمصر الاذن بالحماية؟! أعتقد ان ترك سيناء بلا تنمية سواء لبناء القري أو اقامة مجتمع كامل الخدمات أو خطة امنية كاملة اعتقد ان هذه هي جريمة العهد السابق وهي اكبر بكثير من قتل الثوار.. انها جريمة قتل جزء من الأمة بسبق اصرار وترصد ويجب ان تقام قضية جديدة يطلق عليها تعمد اهمال تنمية سيناء لتترك لقمة سائغة في فم العدو الاسرائيلي. اننا نعيش ايام الاكتشافات لخطايا العهد الماضي ولكن هناك خطايا يمكن تجاوزها وحلها بسهولة وسرعة ولكن خطيئة ترك سيناء منزوعة السلاح فقد اصبحت منزوعة السلام وها نحن نواجه باراقة دماء شبابنا في حرب غير متكافئة بل عدوان في حالة سلام في منطقة شديدة الاهمية فهي منطقة حدودية خضعت للاهمال المتعمد ثلاثين عاما وكأن النظام السابق تركها هبة لاسرائيل لتفعل فيها ما تريد وللحديث بقية. اعتذار اعتذر عن سهو حدث في مقال الاسبوع الماضي حيث كتبت رسالة الي وزير الشئون ربما لعدم اقتناعي بكلمة »التضامن الاجتماعي« اعتذر للوزير جودة عبدالخالق ولي معه مقال اخر لفتح ملفات المعونات التي تلهفها الجمعيات الخيرية من الخارج والداخل بينما الفقراء وأصحاب المشاكل محلك سر والباقي يزدادون ثراء! قبل الطبع الداعون إلي حرب مع إسرائيل واهمون ليس لعدم قدرات مصر ولكن لأهمية عدم الخروج الي ساحات جديدة.. المشاكل الإسرائيلية المصرية تحل بالحنكة السياسية والهدوء وبالنسبة لكامب ديفيد عمرها الافتراضي انتهي ولا داعي للنداء باسقاطها.