أحمد شلبى أول أمس مرت ستون عاما علي ذكري ثورة يوليو وتذكرت كم كانت ملحمة قوية وصلبة بين الجيش والشعب والتي انعكست في ثورة يناير. وكانت ملحمة ايضا بين الشعب والجيش وتذكرت كيف كان قائد الثورة يشعر بنبض الجماهير واستطاع في أقل من شهرين تلبية أهم حاجة في نفس المواطنين وهي القضاء علي الاقطاع واعادة العزة للمواطن المصري الذي كان يكدح لخدمة »أسياده« ويحصل علي الفتات الي أن أنصفته الثورة من خلال قانون الاصلاح الزراعي وغنينا معا وحتي الآن الأغنية الخالدة »فدادين خمسة«. وفي المقابل لم نر المواطنين الذين يثقون في قائدهم وقفوا وتجمهروا أو اعتصموا وتركوا عملهم بل كانوا سندا لقائدهم.. والآن أشاهد الصورة مقلوبة تماما أري نموذجا حيا لأسلوب البلطجة ولكن علي طريقة المثل الشائع »فيها لاخفيها«: حادث قطار الصعيد الذي انقلبت عرباته ولولا لطف الله ورحمته بعباده لكانت الخسائر البشرية والقري المحيطة بالحادث اشتعلت نيرانا ونيرانا لمجرد ان فئة من الناس لم يعجبها قرار هيئة السكة الحديد بأن يتوقف القطار البطئ بعض الوقت لمرور القطار السريع فقامت بالعند بوضع الاخشاب وقطع الحديد علي قضبان قطار الصعيد السريع بلا ذرة ضمير.. من هؤلاء؟! انقطاع الكهرباء بعض الوقت عن بعض المحافظات نظرا لكثرة الاستهلاك خاصة في ظل الموجة الحارة الشديدة دفع فئة أخري من الناس الي التهديد بحرق اكشاك الكهرباء حتي تنقطع الكهرباء عن مصر كلها.. من هؤلاء؟! إضراب عمال مصانع المحلة يتوعدون ويهددون ليس فقط بايقاف عجلة الانتاج وانما بتهديد الرئيس نفسه قبل اللقاء معه. ايضا عمال موبكو يمنعون تبريد خزانات الامونيا وصيانتها واصلاح غرفة التحكم حتي تمت عملية التبريد تحت حراسة الجيش حتي لا تشتعل النيران في كل مكان.. من هؤلاء؟! أما عن الاضرابات والاعتصامات بسبب تحسين الرواتب فحدث ولا حرج فهي بالجملة في ارجاء مصر كلها، وكلها تتجه الي قطع الطرق وتعطيل خطوط السكك الحديدية ونصب الخيم حتي اصبح وطننا عنوانه شارع واضراب واعتصام.. من هؤلاء؟! حتي الخلافات الشخصية والخاصة وحوادث الثأر ايضا خرجت عن طوقها الي الانتشار في الشارع للتعبير عن غضبها وايقاف عجلة الحياة.. من هؤلاء؟! ومما يؤلم المرء أن هناك اعتداءات علي المستشفيات العامة الملجأ الوحيد للمرضي الفقراء مما اصابها بالعطب وهروب الأطباء والمرضي وهذا نوع لم نعرفه عن البلطجة بالأمس.. من هؤلاء؟ أما عن القضاء فهو يمر بمحنة فالناس نصبوا أنفسهم من خلال الوقفات والاعتصامات امام المحاكم قضاة لهم حق السطوة والسيطرة لتغيير احكام القضاء التي لا تروق لهم حتي صار القضاء يعمل وسط ارهاب الجموع الذين يقفون أمام المحاكم وأحكامه.. من هؤلاء؟! حتي الرئيس مرسي الذي قدم وعدا بأن قصر الرئاسة مفتوح لتلقي شكاوي الناس لدراستها ومحاولة حلها لم يسلم من تسلق البعض علي أسوار القصر وايضا لم يسلم من نصب الخيم أمام أبوابه ومنع المسئولين من الدخول والخروج حتي لغة المظلوم في طلب حقه تحولت الي لغة تهديد حتي يخضع الرئيس للاستجابة لطلبه دون دراسة اذا كان يستحق ام لا ودون ترك مساحة من الوقت لحل المشكلة.. من هؤلاء؟! أين الانسان المصري الذي عاش الاف السنين ولم نعرف عنه هذه الصور المؤذية الشائكة التي لا تحقق ما يصبو اليه بل علي العكس اذا استمر الحال علي هذه الشاكلة ستزداد الأمور صعوبة وسيخسر المواطن والوطن اضعافا مضاعفة مما يطلبه المضربون والمعتصمون ليس أموالا فقط وانما علاقة الحب الأزلية بين مصر وأهلها. لابد من وقفة حاسمة مع هؤلاء قبل أن ينتشر الخراب.. وان يبذل الرئيس والمسئولون جهدا اضافيا لاعادة الثقة بينهم وبين المواطنين حتي تختفي ظاهرة أنا ومن بعدي الطوفان!