إبراهيم سعده إذا صدقت مصادر الصحيفة البريطانية "ديلي تلجراف" فإن وكالة المخابرات الأمريكية "سي.آي.إيه" تشارك بالفعل في سباق البحث عن "الأسلحة الكيماوية والبيولوجية السورية قبل فوات الأوان". فمع توسع وانتشار المعارضة الثورية المسلحة و وصولها إلي قلب العاصمة دمشق بتفجيرها مبني الأمن القومي بمن فيه من وزراء، وضباط من أعلي الرتب القيادية فإن أيام الرئيس بشار الأسد باتت في رأي المخابرات الأمريكية معدودة، وبالتالي فالمهم الآن مسابقة الزمن للعثور علي مواقع الأسلحة المحرمة قبل أن يستخدمها النظام ضد شعبه، من جهة، أو سقوطها في أيدي من لا يستحق الهيمنة عليها من داخل البلاد أو خارجها! انفردت ال "ديلي تلجراف" بالكشف نقلاً عن مصادر للإدارة الأمريكية لم تُحدّدها الصحيفة عن قيام المخابرات الأمريكية بإرسال العديد من ضباطها إلي المنطقة لتقييم برنامج التسلح السوري بصفة عامة والاتصال بصفة خاصة "مع المنشقين العسكريين السوريين للحصول منهم علي أكبر قدر من المعلومات حول أسلحة الدمار الشامل السورية". ليس هذا فقط .. بل أضافت تلك المصادر المجهّلة قائلة: "إن المخابرات الأمريكية تركز أيضا علي رصد الاتصالات الهاتفية، ورسائل البريد الالكتروني، وصور الأقمار الصناعية، والمعلومات الاستخباراتية الأخري، بهدف تحديد مكان وجود الأسلحة الكيماوية والجرثومية التي تردد قيام الجيش السوري بنقلها من مخابئها إلي أماكن أخري". الهلع الأمريكي من استخدام هذه الأسلحة المحرمة دولياً التي تردد أن سوريا تملك مئات الأطنان منها عبر عنه "مايك روجرز"، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي، منبهاً إلي أن سوريا لم توقع علي معاهدة أسلحة الدمار الشامل في عام1992 التي تحظر علي الدول الموقعة: إنتاج، وتخزين، واستخدام، تلك الأسلحة وبالتالي فعلي المجتمع الدولي أن يتابع ببالغ الاهتمام هذه التداعيات الخطيرة سواء علي الشعب السوري أو الشعوب المجاورة بهدف اتخاذ القرار السليم بشأن تلك الأسلحة الخطيرة التي لا نعرف حالياً مواقع تخزينها، و لا من يتمكن الاستحواذ عليها واستخدامها غداً أو بعد غد؟! ما قاله "مايك روجرز" منذ أيام أيده المطالبون بالتدخل العسكري الدولي والفوري في الشأن السوري.. سواء بهدف ضمان حماية هذه الأسلحة والإبقاء عليها داخل مخابيء سرية ومحمية، أو سرعة جمع المعلومات الأكيدة عن أماكنها الجديدة وسرعة تدميرها. ورفضاً لهذا التدخل.. صرح "آرام نركيزيان الخبير في المركز الأمريكي للدراسات الاستراتيجة والدولية بأن سوريا/ الأسد لديها المقدرة الكافية لاستخدام أسلحة الدمار ضد خصومها. لكنها كما يعتقد لن تقدم عليها حتي الآن حتي لا تعطي مبرراً للتدخل العسكري الدولي ضدها، كما حدث لليبيا/ القذافي. وأضاف "مايك روجرز" أن مجرد التفكير في التدخل الأمريكي المنفرد، أو التدخل العسكري الدولي، ضد سوريا سوف يجبر بشار الأسد علي استخدام الورقة الوحيدة في يده استخدام أسلحته المحرمة والبشعة ضد شعبه أو ضد جيرانه، ليشعل المنطقة كلها ناراً، وقتلاً، وترويعاً، وهو ما يجب علي المجتمع الدولي منعه وتفاديه. ما حذرنا منه الخبير الأمريكي أمس الأول، أكده النظام السوري أمس. فلأول مرة كما أعتقد تعترف سوريا علناً، بلسان متحدث باسم وزارة خارجيتها، بامتلاكها أسلحة دمار شامل كيماوية، وجرثومية مهدداً باستخدامها ضد أي اعتداء خارجي تتعرض له. وتبريراً لهذا التهديد المروّع قال المتحدث الرسمي السوري جهاد مقدسي إن النظام السوري لن يلجأ إلي استخدام مخزونه من الأسلحة الكيماوية تحت أي ظرف علي المدنيين.. إلا في حال تعرضنا لاعتداء خارجي". ولم يقل لنا هذا المتحدث الحكومي لماذا ينوي نظامه الأسدي الانتقام من عشرات أو مئات الآلاف من السوريين المدنيين الأبرياء ضحايا الأسلحة المروعة والمحرمة الذين لا علاقة لهم من قريب أو بعيد ب "التدخل" أو " الاعتداء" الخارجي.. كما وصفه؟!