من غرائب الأحوال وعجائب الأهوال ان العراق الحالي هو البلد الوحيد في العالم الذي يسمح دستوره بأن يحمل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ومحافظ البنك المركزي وأي وزير وأي سفير وأي نائب وأي قائد عسكري أو أمني جنسية أخري بالاضافة الي الجنسية العراقية! بينما تنص القوانين العراقية النافذة إنه لا يجوز تعيين أي موظف أو سائق أو زبال أو شرطي مرور إلا اذا كان يحمل جنسية واحدة هي الجنسية العراقية! بمعني ان وظيفة الزبال أو الموظف أو شرطي المرور في العراق أكثر أهمية وخطورة من مناصب رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو رئيس مجلس النواب أو بقية العناوين التي ذكرناها في بداية المقال! كيف لا والزبال يطلّع بحكم عمله علي أدق الأسرار في أكوام الزبالة التي يحملها كل صباح من فواتير الأسواق الي قشور البطيخ الي قناني المرطبات الفارغة الي بقايا طبخة اليوم السابق؟! لقد تولي رئاسة الجمهورية في زمن الاحتلال جلال الطالباني وغازي الياور وكلاهما يحملان جنسية غير عراقية. كما تولي رئاسة الوزراء أياد علاوي وإبراهيم الجعفري وكلاهما يحملان الجنسية البريطانية. أما الوزراء والنواب والسفراء فحدث ولا حرج! لقد ساعدت ازدواجية الجنسية والجواز بعض الشخصيات السياسية ممن تسلموا مناصب وزارية في الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 علي الهروب خارج العراق وعدم إمكانية ملاحقتهم قانونيا في تهم فساد تورطوا فيها أثناء توليهم المناصب الحكومية، كما هو الحال مع وزراء الكهرباء والدفاع السابقين الذين نهبوا مليارات الدولارات وهربوا وإحتموا بالجنسية الثانية. وكانت آخر القضايا التي أثارت الرأي العام قضية وزير التجارة عبد الفلاح السوداني الذي يحمل الجنسية البريطانية والمتهم باختلاسات وسرقة أموال عامة خلال فترة تسلمه منصبه الحكومي وساعده في الأفلات من السجن رئيس الوزراء شخصياً لانه من حزب الدعوة الذي يرأسه المالكي وتم تهريبه الي لندن ليعيش عيشة الأمراء بأموال فقراء العراق الذين سرق مواد بطاقاتهم التموينية!.. ليس هذا فقط، فتسعون في المائة من السفراء العراقيين في الخارج وبينهم ممثل العراق في الجامعة العربية يحملون جنسيات أجنبية. وبعض هؤلاء تم تعيينهم سفراء للعراق في الدول التي يحملون جنسياتها.. فتأمل!.. صدق أو لا تصدق: ان وزيراً عراقياً يحمل الجنسية البريطانية قدم رشوة من المال العام مؤخراً إلي الحكومة البريطانية! وصدق أو لا تصدق: ان السفارة البريطانية في بغداد استدعت الوزير المذكور للتحقيق أمام أحد موظفيها الصغار داخل السفارة بصفة ان الوزير يحمل الجنسية البريطانية! وصدق أو لا تصدق: ان تهمة الوزير أمام السلطات البريطانية هي تجسسه لصالح الحرس الثوري الايراني وحمله عدة جوازات سفر أحدها عراقي والثاني بريطاني والثالث بلجيكي الا انه لم يسع للحصول علي جواز ايراني لانه يسبب له المشاكل!.. وقد أبلغت وزارة الخارجية البريطانية سفارتها في بغداد بضرورة الاتصال بالوزير المذكور وحضوره شخصيآ لمقر السفارة بالمنطقة الخضراء لغرض استجوابه والتحقيق معه حول إحتفاظه باكثر من جواز سفر ومن ضمنها جوازه الدبلوماسي العراقي وبأسماء وعناوين ومهن مختلفة. وكان جهاز " إم أي 6 " الاستخباري البريطاني علم من مصادره الخاصة أن الوزير المذكور عندما يذهب الي ايران يحمل جواز سفر عراقي عادي وبأسم ومهنة ومعلومات تختلف عن المعلومات الموجودة بجواز سفره البريطاني أو حتي جواز سفره البلجيكي وكذلك جواز سفره الدبلوماسي العراقي. اضافة الي انهم اكتشفوا أن هذا الوزير يعتبر مصدر معلومات مهم جداً لمخابرات الحرس الثوري الايراني فيلق القدس وكذلك ممول مادي مهم لمختلف الشركات التجارية الإيرانية المرتبطة مباشرة بالحرس الثوري ومساعدتهم قدر الإمكان لغرض التفافهم علي الحصار الغربي المفروض علي إيران.. ولطمس حقيقة هذا الموضوع أخبر الوزير المحققين في السفارة البريطانية ببغداد ان تحت يده حاليآ مشروعاً استشارياً خاصاً مرتبطاً بتمويل الاسكان والقروض في العراق وبقيمة 200 مليون دولار وانه سوف يحيله فوراً للشركات البريطانية التجارية وشركات الاستشارات المصرفية التي سوف تحددها له الحكومة البريطانية وبأسماء وعناوين هذه الشركات التي ترغب الحكومة البريطانية نفسها بان يحال لها هذا المشروع. وقد اتي الجواب من قبلهم بعد اقل من يوم واحد بغلق ملف التحقيق معه مؤقتاً، مقابل إحالة المشروع الي شركات بريطانية!.. كانت السيدة رجاء الجداوي في مسرحية "الواد سيد الشغال" تخشي "شماتة آبلة ظاظا". ويبدو ان حكومة المالكي لا تهمها أي فضيحة ولا تعنيها شماتة آبلة ظاظا!