سمعت منذ فترة عن صحيفة فرنسية اسمها: BAKCHICH »بقشيش« وهذا الاسم كان كافياً لسهولة التنبؤ بهويتها، واهتمامات صحفييها، واختيارات كتابها.. وهو ما أبعدني عنها، وعنهم. في الأسبوع الماضي.. اضطررت للبحث والتنقيب عن تلك الصحيفة، بعد أن قرأت في الصحف الأخري، والجادة عن حكاية غريبة، مثيرة، بطلها: صاحب ومدير تحرير صحيفة »بقشيش« »نقولا بو« خلال وجوده في مكتب وزير الهجرة في الحكومة الفرنسية: »إريك بيسون«. العلاقات كانت متوترة بين الرجلين منذ أن دأبت »بقشيش« علي تخصيص صفحات عديدة، ومتتالية، لتغطية تفاصيل التفاصيل في »حكاية غرام« سيادة الوزير بفتاة تونسية تدرس في إحدي جامعات باريس، وهي القصة التي أثارت الكثير من الجدل في كل مكان لما تحمله من تناقضات، مثل صغر سن الفتاة بالنسبة للوزير المتزوج والأب! ومنها أن وزير الهجرة الذي يطالب بتقليص الهجرة إلي بلاده، وينادي بتشريعات قاسية للتخلص من كل المقيمين فيها بطرق غير شرعية خاصة: الغجر، والأفارقة، والعرب إنقاذاً للهوية والقيم الفرنسية، هو نفسه الوزير الذي سقط صريع عشقه لفتاة في سن ابنته وافدة، عربية، وتونسية! لم تترك صحيفة: BAKCHICH شائعة من الشائعات عن »قصة غرام الوزير« إلاّ تلقفتها، وأفسحت لنشرها صدارة صفحاتها الأولي! لم تترك شاهداً علي لقاء العاشقين داخل مقهي، أو دار سينما، أو علي رمال شاطيء الغرام إلاّ وعصرته عصراً أملاً في أن يضيف معلومات أكثر مما لديها، فإن لم تجد فلا مانع من اختلاقها، و إلقاء الملح والفلفل عليها ليزيد من لذتها، ولذعاتها، وإثارتها! وما أكثر ما دفعته »بقشيش« للمصورين الذين اخترقوا الحوائط ، وتسلقوا الأشجار، و تنكروا في أزياء الحراس والخدم والباعة المتجولين، وحملوا أصغر وأدق أجهزة تصوير لا تراها العين المجردة، و.. و.. وكلها مبررات، وضروريات، لولاها ما استطاعوا إلتقاط صور نادرة للعاشقين، وفي أماكن يستحيل الوصول إليها، وفي توقيتات يصعب توقعها أو تحديدها! كل أجهزة الإعلام الفرنسية بثلاثية تقسيماتها اهتمت بتغطية »حكاية غرام« الوزير »بيسون« والطالبة »ياسمين ترجمان«، لكن غضب سيادة الوزير كان أكثر عنفاً، وتركيزاً، علي صحيفة »بقشيش«! ربما لأنها توسعت في التغطية أكثر من غيرها، أو لأنها توحشت في نشر وقائع وأقوال خيالية، نقلاً عن »شهود ما شافوش حاجة«! في البداية.. آثر الوزير تجاهل »حكاية غرامه« التي تتابع صحيفة BAKCHICH الأسبوعية نشر انفراداتها، واختراقاتها، للعلاقة السرية بين »إريك« و»ياسمين« عدداً بعد آخر ويواصل موقعها الإلكتروني بث أحداثها وانتقالاتها وسهراتها بالكلمة، و الصوت، والصورة علي مدار الساعة. لكن الوزير لم يستطع الاحتمال أكثر مما احتمل. كما لم يعد لديه صبر علي ما تنشره الصحيفة الأسبوعية »بقشيش« و موقعها الإلكتروني علي مدار الساعة، وقرر »إريك بيسون« أن يتصدي بشخصه، والوثائق في يده، والقانون والقضاء في معيته لكل هذه الافتراءات، والسفالات، والإساءات، التي دأبت الصحيفة وصاحبها علي نشرها ضده، وضد معشوقته، مما يسيء أيضاً وبالتالي إلي سمعة وكرامة عائلة » الترجمان« العربية، المسلمة المقيمة في إحدي القري التونسية. ولم يكتف السيد الوزير العاشق الولهان بإبداء غضبه، وامتعاضه، من تدخل الإعلام خاصة صحيفة »بقشيش« في أدق خصوصياته، وإنما فاجأ الجميع بإعلان زواجه من »ياسمين الترجمان« وبموافقة وترحيب الأسرتين: »هنا.. في فرنسا، وهناك.. في تونس«. وكان المنتظر أن يضع هذا الإعلان نهاية سعيدة ل »حكاية غرام الوزير«، لولا أن الصحيفة »المشاغبة« و صاحبها »الأكثر شغباً« قررت متابعة أحداث »ما بعد الزفاف« خاصة خلال »شهر العسل«. وكانت تعليمات » بو« صاحب ومدير التحرير لمندوبيه بالانطلاق: بحثاً، وحفراً، وتنقيباً، وفحصاً، وتمحيصاً في كل شيء، وأي شيء.. يمس مجرد المس من قريب أو بعيد بدقائق، وساعات، وأيام »ما بعد الزفاف«: قولاً، و فعلاً، وتسجيلاً، و صورة، و إيصالاً بالاستلام، و وثيقة للأمر المباشر! نتيجة »الفحص« و»التمحيص« كانت بالنسبة لصاحب BAKCHICH مذهلة، بدرجة ذهول »علي بابا« عندما دخل المغارة وعثر علي كنز الأربعين حرامي. .. للحكاية بقية.