شهدت المحكمة الدستورية العليا جلسة ساخنة أمس أثناء نظر منازعات التنفيذ.. التي تطالب بإيقاف قرار رئيس الجمهورية بعودة مجلس الشعب للانعقاد وبالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة العليا بحل وبطلان مجلس الشعب. أكد فقهاء الدستور والمحامون ان قرار عودة مجلس الشعب يهدر دولة القانون ويرسخ لشريعة الغاب وان رئيس الجمهورية لا يملك الامتناع عن تنفيذ حكم.. وقال ممثل هيئة قضايا الدولة ان قرار الرئيس قرار إداري يخرج عن نطاق اختصاص المحكمة الدستورية العليا.. وأكد صبحي صالح وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب أن القرار إما سيادي أو إداري وهو خارج اختصاص المحكمة وقال إن المنازعة سياسية.. واتهم المحامي الإخواني ناصر الحافي هيئة المحكمة بتزوير حكم بطلان مجلس الشعب مما اثار استياء وغضب المحامين الحاضرين.. عقدت الجلسة برئاسة المستشار ماهر البحيري رئيس المحكمة الدستورية العليا بعضوية 11 مستشارا بالمحكمة. واستمعت المحكمة الدستورية العليا أمس علي مدار ساعتين إلي المرافعات في دعاوي منازعات تنفيذ.. تطالب ببطلان قرار رئيس الجمهورية بدعوة مجلس الشعب للانعقاد وبالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان وانعدام مجلس الشعب لعدم دستورية القانون الذي اجريت انتخاباته علي أساسه. وطالب مقيمو الدعاوي وفي مقدمتهم الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء الأسبق والدكتور حسام عيسي والدكتور فؤاد عبدالمنعم رياض أساتذة القانون الدستوري والمحامون ثروت بخيت ونبيل غبريال وكرم غبريال بوقف تنفيذ القرار الجمهوري الصادر بدعوة مجلس الشعب المنحل للانعقاد مجددا.. واكدوا علي ضرورة الاستمرار في تنفيذ الحكم.. واشاروا في مرافعاتهم إلي أن القرار الجمهوري يهدر دولة القانون ويرسخ لشريعة الغاب.. وقالوا إنه لا تملك أية سلطة بما فيها السلطة التنفيذية وعلي رأسها رئيس الجمهورية الامتناع عن تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان وانعدام مجلس الشعب. وأكد مقيمو الدعاوي علي أن حكم المحكمة الدستورية العليا هو حكم نهائي وبات لا يقبل أي وجه من أوجه الطعون، كما أن الاثار المترتبة عليه سبق وان حددتها المحكمة باعتبار مجلس الشعب غير قائم بقوة القانون، وأن سلطات الدولة جميعا تلتزم بتنفيذ هذا الحكم كما أنه ملزم لجميع الشعب. واعتبر فقهاء الدستور والمحامون أن ما أقدم عليه رئيس الجمهورية بدعوة مجلس الشعب المنحل للانعقاد هو اهدار صريح لاحكام القضاء النافذة وحجيتها، واهدار أيضا لأحكام الدستور والمباديء الدستورية المستقرة والقانون والتي تستوجب جميعها تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا، وأشاروا إلي أن عدم تنفيذ حكم قضائي هو فعل مجرم جنائيا.. وقالوا إن حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون، انتخابات مجلس الشعب وما يترتب عليه من اثر مباشر ببطلان المجلس وحله واعتباره غير قائم بقوة القانون هو حكم نافذ بذاته لا يملك أحد تعطيل تنفيذه.. واكدوا انه لا كيان للدولة الديمقراطية الحديثة سوي بسيادة القانون واحترام احكام القضاء، وان رئيس الجمهورية أقسم علي احترام الدستور والقانون وما كان يجب عليه أن يصدر مثل هذا القرار الذي ينهي سيادة القانون، وطالبوا المحكمة بأن تصدر حكما قضائيا علي وجه السرعة والاستعجال بوقف قرار رئيس الجمهورية مع الاستمرار في تنفيذ حكم حل البرلمان، وقالوا إن ما تردد من حديث يتعلق بكون ان منطوق الحكم هو الملزم وحده لتنفيذ يعد دربا من دروب العبث باعتبار أن منطوق الحكم وحيثياته يكملان بعضهما البعض، وان الحديث عن الفصل بينهما يعد من قبيل العبث، واكدوا ان الحكم تحدث بجلاء ووضوح عن بطلان مجلس الشعب وان اية قرارات أو تشريعات يصدرها المجلس علي ضوء القرار الجمهوري ستكون باطلة بطلانا مطلقا، وستتسبب في حدوث بلبلة واضطراب في الحياة السياسية والتشريعية. قرار إداري ومن جانبه قال ممثل هيئة قضايا الدولة ان قرار رئيس الجمهورية بدعوة مجلس الشعب للانعقاد هو بمثابة قرار إداري يخرج عن نطاق اختصاص ورقابة المحكمة الدستورية العليا.. وطالب المحكمة بعدم قبول دعاوي التنازع في التنفيذ لعدم وجود صفة لدي مقيمي هذه الدعاوي في إقامتها أمام المحكمة. وأشار إلي أن قانون المحكمة الدستورية العليا يشترط صراحة أن يكون مقيم دعوي التنازع هو أحد أطراف الدعوي الأصلية من ذوي الشأن فيها معتبرا أن من ترافعوا بطلبات الغاء القرار الجمهوري هم ليسوا أطراف الدعوي الصادر في شأنها حكم الدستورية ببطلان مجلس الشعب. وسمحت المحكمة للمحامين المؤيدين للقرار الجمهوري بالحديث والترافع.. وترافع عنهم صبحي صالح وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب والذي دفع بعدم قبول الدعوي لاقامتها من غير ذي صفة أو مصلحة.. معتبرا ان المحكمة ليست بصدد دعوي منازعة تنفيذ بأي وجه، وإنما هي بصدد قرار صريح وواضح صادر من رئيس الجمهورية لا يخرج التكييف القانوني له عن أمرين إما أن يكون قرارا سياديا لا يجوز الرقابة عليه بمعرفة القضاء أو أنه قرار إداري يدخل ضمن نطاق الاختصاص الأصيل لقضاء مجلس الدولة عليه وليس للمحكمة الدستورية العليا.. كما دفع بعد جواز نظر دعاوي المنازعة في التنفيذ وعدم اختصاص المحكمة ولائيا لكون القرار الجمهوري هو عمل من أعمال السيادة.. واعتبر صبحي صالح ان المنازعة هي منازعة سياسية، وان القرار الجمهوري بدعوي مجلس الشعب للانعقاد قد جاء متفقا تماما مع حكم المحكمة الدستورية العليا فضلا عن كونه يستند إلي الاتفاقيات الدولية وقانون المحكمة الدستورية العليا والدستور والقانون. جريمة تزوير وشهدت المحكمة الدستورية العليا تطورا مثيرا أثناء الاستماع إلي المرافعات في الدعوي. حيث اتهم المحامي الإسلامي ناصر الحافي قضاة المحكمة الدستورية العليا بالتزوير وإرسال حكم حل مجلس الشعب إلي المطابع الأميرية لإصداره بالجريدة الرسمية وذلك قبل سماع المرافعة والنطق بالحكم والمداولة يوم 14 يونيو الماضي وهو الأمر الذي تسبب في حدوث حالة من الهرج والمرج داخل قاعة المحكمة بترديد الهتافات ضد جماعة الإخوان المسلمين ومرشدها العام وذلك من جانب عدد من الحضور المؤيدين لقرار الدستورية العليا بحل البرلمان . وكان المحامي ناصر الحافي قد قال في مرافعته أمام المحكمة الدستورية ، إن أحكام المحكمة الدستورية العليا لا تستطيع أن تعدم سلطة أخري خاصة وإن كانت هذه السلطة هي السلطة التشريعية المنتخبة وإلا أصبح ذلك بمثابة اعتداء من سلطة علي سلطة أخري، معتبرة أن أية أحكام قضائية تصدر بإعدام أو حل أي سلطة من السلطات الأخري تكون هي والعدم سواء وذلك في ضوء أن سلطات الدولة لا تلغي بعضها بعضا. وقال الحافي ، انه يطعن بالتزوير علي حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في 14 من الشهر الماضي الخاص ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب وما ترتب عليه من حل للبرلمان ، مشيرا إلي أنه يمتلك وثائق ومستندات ولديه معلومات مؤكدة تفيد بأن الحكم بشأن بطلان مجلس الشعب قد وصل إلي المطابع الأميرية إيذانا بنشره في الجريدة الرسمية قبل نظر الجلسة والاستماع إلي المرافعات فيها والنطق بالحكم بعد المداولة. وأثار حديث المحامي ناصر الحافي حالة من الدهشة والاستغراب الشديدين علي وجوه أعضاء هيئة المحكمة والحضور لقاعة المحكمة . وأضاف الحافي ، أنه يختصم هيئة المحكمة من قضاة المحكمة الدستورية العليا وأنه يطالب برد هيئة المحكمة، مشيرا إلي أنه أقام دعوي يتهم فيها هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم بالتزوير وهو الأمر الذي يشكل جريمة جنائية وجريمة استعمال محرر مزور. وعقب رفع هيئة المحكمة الجلسة والدخول إلي غرفة المداولة تمهيدا لإصدار الحكم هتفت مجموعة كبيرة من الحضور المؤيدين لحل البرلمان ضد المحامي ناصر الحافي وجماعة الإخوان المسلمين. وبعد ساعة من رفع الجلسة عادت المحكمة لتطلب سماع أي تعقيب من المحامين إلا أن المحامي ناصر الحافي كرر نفس اتهاماته لهيئة المحكمة. وتجمع حوله كل المحامين يرفضون ما قاله ويطالبونه بالسكوت.. وتم رفع الجلسة.