بعد عودته من رحلته التاريخية عين سكرتيرا أول للمفوضية المصرية بواشنطن نهاية ألف وتسعمائه وثلاثة وعشرين وكان له الشرف أن يكون أول من يرفع العلم المصري بيده علي دار المفوضية الحديثة علي أرض الولاياتالمتحدةالأمريكية وقد سمح له الملك فؤاد بالسفر إلي أوروبا كل حين وآخر لالقاء محاضرات عن رحلته واكتشافاته تلبية للعديد من الدعوات من شخصيات لها وزنها ومؤسسات علمية واجتماعية. وعاد من اوروبا لمصر مع الزعيم سعد زغلول عام الف وتسعمائة واربعة وعشرين وكلف بالقيام بالمفاوضات بين مصر وايطاليا بشأن الحدود الغربية. ثم حاول قيادة طائرة بمفرده من اوروبا الي مصر لاول مرة في التاريخ لكن الملك فؤاد أمره بقطع هذه المحاولة والعودة لمصر لتولي مهام جسام عام الف وتسعمائة وخمسة وعشرين فعين امينا اول للملك فؤاد واستمر خمسة عشر عاما في هذا المنصب. حيث تولي مهمة متابعة صقل ونشأة الامير فاروق ولي العهد ثم اصبح المستشار الشخصي للملك فاروق بعد وفاة الملك فؤاد نهاية شهر ابريل من عام الف وتسعمائة وأربعين وهو ما نال استحسان جميع رجالات الدولة والاحزاب. والطريف انه لمواكبة هذا المرسوم الملكي كان لزاما نشر صورة رسمية له وكانت رتبته الباشاوية ومنصبه تفرض التصوير بالبدلة الرسمية المزركشة بالقصب ووضع الاوسمة والنياشين والقلادات التي فاز بها علي صدره وعندما تم ذلك ظهر صدره من اكتافه حتي الحزام القصب المتدلي منه السيف مرصعا تماما بالاوسمة والقلادات والميداليات ليتضح انه اكثر شخصية مصرية تم تكريمها محليا ودوليا في تاريخ مصر »مرفق صورة رقم 3« ثقافته وتربيته الدينية الازهرية صنعت منه رجلا مصريا عربيا للنخاع وفي ذات الوقت دراسته بجامعة أوكسفورد البريطانية العريقة جعلته ملما بالشخصية البريطانية وطباعها واسلوب التعامل معها مما اعطاه دائما اليد العليا في معاملاته مع ممثلي قوات الاحتلال البريطاني فكانوا يعملون له الف حساب عند اضطرارهم التعامل مع القصر وتمكن من انقاذ عرش مصر من براثن الاستعمار البريطاني بنصائحه ويعتقد ان هذا كان السبب في مقتله علي كوبري قصر النيل عام الف وتسعمائة وستة واربعين عندما اصطدم لوري من الجيش البريطاني بسيارته وواجب ذكر بعض الحقائق والمواقف المرتبطة بشخص احمد حسنين وحياته والتي لها دلالاتها فمن كتبوا عنه اخيرا اوحوا انه كان زير نساء وخبيثا ومتسلقا وهو ما يناقض جذور تربيته الازهرية الوقورة وشخصيته فقد كان ذا شخصية ساحرة وجذابة ومثقفا رفيع المستوي واسع الاطلاع يجيد عدة لغات اجادة تامة مع اجادته الممتازة للغة العربية وكان متدينا ويكفي الاطلاع علي كتابه في صحراء ليبيا والذي سرد فيه تفاصيل مغامرته الصحراوية او مشمول محاضراته العديدة ليتأكد من مدي ايمانه بالله فالكتاب والمحاضرات ثرية جدا بدلالات تكشف احترامه لكل مخلوقات الله فقد كان يعشق الحيوانات ويرفق بها وهي صفة ورثها عن والده الشيخ محمد أحمد حسنين والذي كان يجمع الحيوانات الضالة بمنزله ويرعاها وامتد هذا العشق لابنائه واحفاده كما كان يلتزم بمباديء دينه في كل افعاله. كل هذا اهله لان يكون نجم مجتمع ساطعا منذ شبابه فكلما دخل مجتمعا او حفلا التف حوله الجميع متشوقين للاستماع لاحاديثه وقصصه لدرجة ان ترتيب الجلوس حول موائد الحفلات والمناسبات كان الجميع يتسابقون للجلوس بجواره او قريبا منه. ويكفي الاطلاع علي رأي وتعليقات شخصيات المجتمع المصري والدبلوماسي الاجنبي عن شخصية احمد حسنين والتي طبعت بجميع الصحف والمجلات المصرية بعدة لغات خلال الربع الثاني من القرن الماضي ومنها هو رجل سمت نفسه علي الصغار. رجل بكل ما يتحمله هذا التعبير. رجل مهذب العقل مهذب القلب مهذب النزاعات مهذب التفكير. من الاشخاص الذين يصاحبهم الفأل الطيب. محبوب من الشعب. مثل أعلي للجنتلمان العصري والسياسي وللعالم والاديب وقد كتب عنه الكاتب البريطاني الشهير روم لانداو انه من الشخصيات التي يعثر عليها في الاقاصيص اكثر مما يعثر عليها في الحقيقة ولابد للمرء من ان يعود الي ابعد عهود التاريخ ليستخرج شخصية ممتازة كهذه الشخصية.