التشاؤم هو أصدق لفظ يمكن أن نجسد من خلاله موقف العالم إزاء ما يجري في مصر الآن.. هذا التشاؤم تجسده قراءتنا لما خرجت به علينا كبريات الصحف العالمية أمس بتقاريرها وتحليلاتها وأقلام كتابها وعدسات كاميرات مراسليها.. وفي شبه اتفاق، طالبت الصحف جميع القوي الثورية في مصر بالتوافق السريع، إذا كانوا حريصين علي ثورتهم، وحذرت من أن الأوضاع لا تبشر بخير، وأن مقاطعة قطاعات كبيرة من المصريين لانتخابات الإعادة، قد تكون ثمن الإحباط المتنامي في الشارع المصري إزاء عدم التوافق المزمن بين فرقاء الثورة، وأن علي المصريين جميعا الآن ودون استثناء إثبات ولائهم لبلادهم . صحيفة »واشنطون بوست« الأمريكية حذرت من أن ما يجري في مصر الآن ليس سوي مقدمة لمزيد من الانهيار الذي تشهده البلاد، وهو ما يتعين علي القوي المتناحرة وضع حد لها، قبل أن تعود البلاد من جديد لنقطة الصفر، وتخسر كل ما قطعته من خطوات علي طريق الانتقال نحو الحكم المدني. وقالت الصحيفة إن هناك حالة من التشتت والتشرذم تسيطر علي الساحة السياسية في مصر وتتصاعد حدتها بين ساعة وأخري ، وأنه رغم عودة الروح إلي الميدان، إلا أن القوي الثورية لا يبدو أنها تتفق علي سبل الخروج من المأزق الراهن، رغم تواجدها معا في التحرير. وتوقفت الصحيفة عند المهلة التي حددها المجلس العسكري لتشكيل اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور، وإلا العودة لدستور71 . وأكدت أن هذه المهلة تضع المزيد من الضغوط علي القوي السياسية وتدفعها، أو هكذا يجب، إلي التوافق ، تفاديا لأزمات جديدة. وفي تقرير آخر، توقفت الصحيفة عند ضبابية الموقف في مصر في ضوء تحديد المحكمة الدستورية العليا الأربعاء القادم موعدا لنظر الطعون في قانونين يتعلقان بالانتخابات البرلمانية والرئاسية بينهما »العزل« قبل يومين من جولة الإعادة. وقالت إن ما ستتوصل له المحكمة من قرارات يمكن أن يدخل البلاد في دوامة جديدة من الاضطرابات والتوترات. أما صحيفة »فاينانشيال تايمز« فقد حذرت من عدم اتفاق القوي السياسية والثورية في مصر علي موقف موحد، واستمرارها في التناحر والاختلاف، بعد أن أمهلها المجلس العسكري الحاكم يومين للتوافق لاستكمال تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور وإلا العودة لدستور 71 قبل أيام قليلة من جولة الإعادة في الانتخابات السياسية. وحذرت الصحيفة أيضا من مواجهات جديدة بين المجلس والقوي السياسية والثورية، ما لم يحدث التوافق، قبل انقضاء المهلة. وأضافت الصحيفة إن القوي الثورية قد تخسر أصواتا كثيرة في انتخابات الإعادة ما لم تتوافق أمام الشارع الذي يتوق للاستقرار، وقد يدفعهم عدم اتفاقها لاتخاذ مواقف وقرارات في غير صالح الثورة وأهدافها. أما صحيفة »نيويورك تايمز« الأمريكية فقد اعتبرت الأوضاع في مصر الآن تزداد تعقيدا وغموضا وتتطور من سييء إلي أسوأ. وقالت إن الميادين تزداد اشتعالا، والقوي الثورية منقسمة علي نفسها، فهناك من يريد مجلسا رئاسيا، وهناك من يرفض، ويعتبر ذلك التفافا حول جولة الإعادة، والتي ينقسمون حول إجرائها أصلا، فهناك من يريد إلغاءها وهناك من يريد المضي فيها قدما، ولا أمل يلوح في الأفق حول اتفاق علي تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، والمجلس العسكري حدد مهلة للتوافق، وجلست القوي ولم تتوافق، ولا يعلم أحد كيف ستنتهي هذه الأزمة، وفي الخلفية المحكمة الدستورية، التي ستصدر أحكاما الأربعاء القادم يمكن أن تشعل الساحة أكثر. صحيفة »لوس أنجلوس تايمز« الأمريكية أيضا قالت إن الشعب المصري مقبل علي مرحلة الاختيارات الصعبة والقرارات المصيرية، وإن معركتهم الحالية هي انتخاب رئيس، والمضي قدما بمرحلة الانتقال نحو الديمقراطية، وهذا لن يتم كما يراد منه في ضوء التشاحنات والصراعات والخلافات الراهنة. واعتبرت الصحيفة إن المصريين في اختبار تاريخي يومي 16 و17 يونيو، في إشارة لجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية. و لكنها حذرت من أن ما يجري قد يدفع قطاعات كبيرة من الشعب في مصر، إلي مقاطعة الانتخابات مدفوعين بمشاعر الإحباط التي تجتاحهم، في ضوء عدم التوافق المزمن، الذي لا تبدو له نهاية.