عندما يحدث في مصر حدث ما، عظيماً كان أو ضئيلاً تتراجع الدنيا بأحداثها وتتضاءل أمام ما يحدث في مصر، وهذه الخصوصية تعود في أساسها وجوهرها إلي ما تتميز به مصر من طبيعة اجتماعية وانسانية متفردة، ويطبع علي كل فرد مصري جينات لها خصوصية بالمكان وعبقريته، وتفاعل أفراده بعضهم ببعض، هذا التفاعل جعل هذا الشعب رائداً من رواد الحضارة الإنسانية.. لقد فضل الله بلادنا مصر علي سائر البلدان وشهد لها في كتابه الكريم بعظيم المنزلة وذكرها باسمها وخصّها دون غيرها، وكرر ذكرها، وأبان فضلها في آيات كثيرة من القرآن العظيم، وكفي بالله شهيداً، مصر خصّها الله بالخصب والفضل وأنزل عليها الطيبات والبركات وأرسل إليها الأنبياء، والعلماء والحكماء، كما للشعب المصري من قديم الزمان من الحكمة وحب الله.. عندما قال فرعون للملأ إن هذا الساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون، فكان الرد علي فرعون قالوا: أرجه وأخاه، فهل في الدنيا وقت ذلك أرجح عقلاً وأحسن محضرا منهم؟ وأجمع الرواة علي أنه لا يعلم جماعة أسلمت في ساعة واحدة أكثر من جماعة المصريين، ولم يفتتن رجل واحد منهم ولم يصروا علي الكفر، ولم يلبثوا أن آمنوا وسجدوا لله عز وجل، كما افتتن بنو إسرائيل بعبادة العجل؟! وبرجاحة عقل المصريين، غير ما حدث للملك النمرود حين شاورهم في إبراهيم عليه السلام، قالوا له حرقوه وانصروا الهتكم إن كنتم فاعلين.. يا لها من حماقة!. كما دعا نوح عليه السلام ربه لمصر قال: اللهم بارك فيه وفي ذريته وأسكنه الأرض المباركة التي هي أمُ البلاد وغوث العباد، ونهرها أفضل أنهار الدنيا واجعل فيها أفضل البركات، وسخر له ولولده الأرض، وذللها لهم، وقوهم عليها.. آمين يا رب العالمين.