اليوم عيد يسمي عيد التضحية والفداء, لأن أبا الأنبياء امتثل لأمر الله وبدأ في ذبح ولده بيده. تقول الأحداث: ارسل الله شيخ الأنبياء إبراهيم عليه السلام إلي قومه ببابل بالعراق, لينقذهم من عبادة الصنم إلي عبادة الواحد الأحد. رفض القوم الدعوة, وفي المقدمة الوالد صانع الآلهة. حطم أبوالأنبياء الآلهة وعلق الفأس علي كتف كبيرهم. قال القوم من فعل هذا بآلهتنا؟ أشار إلي الصنم الكبير بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم ان كانوا ينطقون. كانت لحظة صحوة من القوم, وسرعان ما عادوا إلي جهلهم ثم نكسوا علي رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون. أعلن شيخ الأنبياء باطل صنيعهم, ولكن الضلال أعمي البصيرة: قالوا حرقوه وانصروا ألهتكم ان كنتم فاعلين مع النار والاشتعال, أوقف القادر قانون الاحتراق: قلنا يا نار كوني بردا وسلاما علي إبراهيم. بعد النجاة أمره ربنا بالهجرة إلي الشام فلسطين قال إني ذاهب إلي ربي سيهدين. هاجر كبير السن عقيما, ومع ذلك التمس من الله الولد: رب هب لي من الصالحين. استجاب الكريم لالتماسه والمنحة إسماعيل من هاجر المصرية ملكة القطرين فبشرناه بغلام حليم طالت القامة وساهم في بناء البيت مع أبيه وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ما كاد يتوكأ عليه حتي أمره الله بذبحه وبيده: فلما بلغ معه السعي قال يابني اني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري. الابن: يا أبت أفعل ما تؤمر, الخطوة الأخيرة يكب ابنه علي وجهه للذبح فلما أسلما وتله للجبين مع الامتثال: قد صدفت الرؤيا. استسلام ليس شجاعة: انه انقياد لله, تحقق الهدف, الله لا يريد الجسد المذبوح ولكن الطاعة وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا. نجح في الاختبار: لأنه جاد بالوحيد: وهو في سن الشيخوخة: الوحيد الذي يحمل الاسم واللقب عبر السنين لم يبق إلا الدم وهذا ينوب عنه كبش من الجنة, وفديناه بذبح عظيم. مضي أبوالأنبياء جسدا وبقي تشريعا وصار يوم التضحية والفداء عيد لقوم آمنوا به وبحفيده صلوات الله وسلامه عليه. يوم تراق فيه الأضحية ليكون درسا للمسلم وكيف يجود بالنفس والولد ليحافظ علي عقيدة التوحيد والعرض والأرض. فالتغريب يذيب سلوكه في محلول المستورد الهابط للقضاء علي الشخصية المسلمة والهوية الإسلامية, والعدو رابض في القلب العربي بعد اغتيال الأرض وتشريعه الأهل وصار البديل في الوطن والمواطنة. فلنستيقظ عدة حتي لا نتهود خلقا وسلوكا بعد أن تهودت الأرض. أما الأضحية فقد وضع لنا الإمام والقدوة صلوات الله وسلامه عليه المنهج الذي يسير عليه المسلم في هذا اليوم. عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: أول ما نبدأ في يومنا هذا ان نصلي, ثم نرجع ثم ننحر, من فعله فقد أصاب سنتنا ومن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله ليست من النسك في شيء وإذا كانت سنة شيخ الأنبياء شعيرة دينية يثاب عليها المضحي ويؤجر فانها شعيرة اجتماعية يشترك فيها المسلمون. انها صورة مشرفة للتعاون والتراحم وإيقاظ المشاعر والأحاسيس تجاه المحاويج وليتذوق اللحم من لم يجده ويأكل الخبز علي رائحة الشواء. ولذلك نجد الامام والقدوة يوزع الأغلب من اللحم علي المحاويج ويبقي علي القليل لأهله: عن أبي رافع أن رسول الله صلي الله عليه وسلم: كان إذا ضحي اشتري كبشين سمينين أقرنين املحين فإذا صلي وخطب الناس أتي بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية ثم يقول اللهم هذا عن أمتي جميعها, من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ ثم يؤتي بالآخر فيذبحه بنفسه ثم يقول هذا عن محمد وآل محمد فيعطها جميعا للمساكين ويأكل هو وأهله منها. وفي ترجمة الأضحية وفي زحمة النسك علي المسلم ألا تغيب شمس هذا اليوم وقد وصل الرحم وزار الأصدقاء والجيران وعاد المرضي وأكرم اليتيم ومد يده وقلبه لمن كان معه في خصومة, فهو يوم التسامح والعفو والصفح والفضل لمن سبق وتقبل الله طاعتكم.