بالتأكيد ما يجري حاليا هو عملية سياسية لاختيار رئيس مصر القادم.. ما يعني اننا لا نبحث عن زوج للمحروسة ومع ذلك يصر البعض علي اننا نبحث عن زوج للمحروسة.. فيفاجئنا حين يسئل عبر وسائل الاعلام عن المواصفات التي يرغبها في رئيس مصر القادم بقوله : »نريد رئيسا يراعي ربنا فينا «.. أو » واحد يخاف من ربنا ويقدر قيمة مصر «! اظن هذه صفات تناسب من يبحث عن زوج لفتاة قاصر وليس رئيس جمهورية يخضع للمحاسبة والمساءلة من جماهير الشعب عن برامجه.. وتشي هذه الصفات المطلوبة بالاستسلام للقدر وكأن الرئيس القادم من خياراته ألا يراعي فينا ربنا.. ويستطيع حسب هواه التحكم فينا ويصبح ديكتاتورا جديدا يبطش بخلق الله..! كأن الناس لم تع ان مصر قد تغيرت بعد ثورة يناير.. ولم يعد بمقدور اي رئيس قادم ان يصبح »حسني مبارك جديدا«.. ولم يعد ايضا باستطاعته العمل علي نهج اسلافه ممن اعتبروا أنفسهم رموزا للدولة لا تمس ولا ينطقون عن الهوا وتجلت الحكمة في رءوسهم وفي اسرته وخاصة الست حرمه..! وكأن الناس لم تدرك ان ثورة يناير بذلت دماء اغلي ابنائها من اجل بناء دولة مؤسسات ودولة قانون لا يستطيع الرئيس فيها العمل علي هواه وكما يشتهي أو يوزع الانصبة علي احبائه ورفقائه في السلب والنهب ويترك بقية الشعب يتسلون بالمظاهرات والإعلام المتحرك بالريموت.. او كأنهم لم يتيقنوا انه لم يعد في مقدور الرئيس القادم إلا ان يحمل علي كتفه برنامجا يعمل علي تنفيذه ويحاسب عليه وعلي ما سيفعله طوال مدة رئاسته التي لن تزيد عما سوف يدشنه الدستور الغائب حتي الآن. دول المؤسسات ودول القانون ودول الديمقراطية التي نريدها يتغير فيها الرؤساء حسب القانون ويحاسب ايضا.. ولا تجد تغيرا يذكر في السياسات العامة للدولة بتولي اي رئيس جديد.. فسياستها ثابتة لا تتغير بتغير الرؤساء اللهم بعض السمات التي يضفيها شخص الرئيس أو توجهاته وقناعاته السياسية والتي لا تعني اطلاقا تغيرا كاملا في سياسات البلاد..! لكن وسط الديمقراطية الوليدة وتجربتنا الفريدة في تاريخنا نجد العديد من الفضائيات صاحبة الهوي ضلت ولا تكف عن التقاط رجل الشارع لسماع مثل هذه الاجابات »نريد رجلا يراعي فينا ربنا.. أو رئيسا يخاف ربنا« وبثها مرارا وتكرارا.. وكأننا أرامل أو "ولايا مكسوري الجناح" ونعتمد علي ضربة الحظ في ايجاد زوج يراعي فينا ربنا..! بالتأكيد هذه الاجابات التي نسمعها وتصر عليها الفضائيات وتعيد بثها تصب في خانة تيارات بعينها.. تيارات تريدها نعرات دينية للوصول لسدة الحكم بأي وسيلة كانت ولو علي جسد الديمقراطية الوليدة وجسد السياسة والحكم الرشيد..! والعجيب ان نسمع اغنية حديثة عن اختيار الرئيس الجديد تقول "نريد زعيم دكر" واظن ان كلمة دكر باتت لصيقة بالبط.. فدائما ما نردد دكر بط.. وهذا بعيد تماما عما نبحث عنه في خيارنا للرئيس الجديد.. فاختياراتنا لابد ان تحكمها برامج وقناعات الرئيس وليس كونه دكرا.. ولا اظن ان كثيرا من الناخبين اختاروا مرشحهم عن طريق برامجه او قناعاته السياسية.. لكن الاستمالات العاطفية والدينية ستلعب دورا كبيرا في اختيار الرئيس القادم.. ولاحيلة لنا في ذلك.. لكن حصاد سنوات من الجهل والقهر المتعمد خوفا من صحوة الشعب.. ورغم ذلك لابد من استكمال المشوار وتثقيف سياسي لايأتي عبر صناديق الاقتراع فقط..! فالدعايات الديماجوجية رافعة الشعارات الدينية العاطفية والتأثير التاريخي استغلت كتلة الامية عند الشعب وجهله بالعملية السياسية وقلبتها غزوة ومعركة بين كفار ومسلمين و"اللي تكسبه العب به".. وأفسحت المجال للاختيار العشوائي والاختيار الديني ولمن يتوسم الناخب فيه انه سوف يراعي فينا ربنا.. ولو كره اصحاب الديمقراطيات ونظريات اختيار الرئيس.. وتعمدت ألا يكون لدينا غير نظرية الزوج الرئيس الدكر!