لا أعتقد أن هناك مفاجأة حقيقية فيما حققه حمدين صباحي في انتخابات الرئاسة.. بل علي العكس فإنه لو أسعفه الوقت والامكانيات لاحتل المقدمة بكل تأكيد، ولما وجدنا أنفسنا في هذا المشهد الذي تجري فيه انتخابات الإعادة في غياب الممثل الحقيقي لقوي الثورة في هذا السباق التاريخي. أعرف أن مشاعر الصدمة من نتائج المرحلة الأولي تجتاح الكثيرين، خاصة من هذا الشباب النبيل الذي خاض المعركة بشرف وبسالة، والذي بذل الجهد في أصعب الظروف وفي ظل حرب شرسة من كل الاتجاهات، ولكنه صمد واستطاع أن يحقق هذه النتائج المبهرة، وأن يؤكد بالنتائج التي حققها حمدين صباحي أن الثورة مستمرة، وأن أبناءها قد عرفوا الطريق وتعلموا الدرس، وأن ما فعلوه في هذه الانتخابات هو مجرد بداية لمعركة طويلة ليس لهم خيار أن يخوضوها وأن ينتصروا فيها. علينا أن ندرك جيدا ان أمامنا مرحلة صعبة للغاية، وأيا كانت نتيجة انتخابات الإعادة فإننا سنكون أمام موقف خطير، وصدامات محتملة، وانقسامات تهدد كيان الدولة ذاته. ومن هنا فإن واجبنا الأساسي الآن »وقبل أي شيء آخر« هو أن نحافظ علي هذا التحالف الذي ضم قوي الثورة الحقيقية والذي خاض الانتخابات الأخيرة وراء حمدين صباحي، ليكون هذا التحالف أساس التحرك في المرحلة القادمة مع انضمام قوي أخري وقفت بجانب مرشحي الثورة الآخرين. هذا التحالف الذي أنضجته المعركة هو المكسب الأكبر من هذه الانتخابات لو حافظنا عليه، ولو استوعبنا كل ما حدث منذ الثورة، وأين كان الخطأ، وكيف سمحنا بحصار الثورة أو اختطافها أو التلاعب بمصيرها. دروس المعركة الانتخابية حتي الآن تقول إن قوي الثورة مازالت قادرة علي الفعل والتأثير، وأن المحافظات التي استطاعت أن تتحرك فيها وسط الناس حسمت قرارها لصالح الثورة ومرشحيها. ودروس المعركة الانتخابية تقول إن جانبا كبيرا من الأصوات التي ذهبت لقوي الثورة المضادة كانت لمواطنين بسطاء لا علاقة لهم بالفلول أو أعداء الثورة، ولكنهم يبحثون عن الأمان ويتعرضون لحملات تضليل استغلت أخطاء الثوار التي ينبغي الاعتراف بها وتصحيحها. ودروس المعركة الانتخابية تقول إن الغالبية العظمي من الذين لم يشاركوا في الانتخابات هم رصيد للثورة لو استطاع الثوار أن يصلوا إليهم وأن يشاركوهم الهموم والآمال. إن البعض يتصور أن نتيجة الانتخابات تعني أن الثورة انتهت!! أو أن الدولة المدنية القوية المتقدمة التي نحلم بها جميعا قد أصبحت في حكم المستحيل. ونحن نقول لهم: لا تخطئوا الحساب: فالشعب قد استيقظ، والزمن لن يعود إلي الوراء، والثورة تصحح أخطاءها وتولد من جديد!!