إلهام أبوالفتح رغم الاختلافات العديدة والواضحة بين مرشحي الرئاسة في مصر بمختلف توجهاتهم، الا ان العنصر الوحيد الذي يجمعهم او القاسم المشترك الاعظم بينهم هو ادعاء كل منهم القدرة علي حل مشكلاتنا وتسوية ازماتنا مهما كانت معقدة ومزمنة. نظرة سريعة الي برنامج كل مرشح تجعلنا نعتقد انه يمتلك المصباح السحري ومعه المارد الاسطوري الذي يحقق كل امنيات واحلام صاحب المصباح. ومما يسهل هذه المهمة ان مشكلات مصر معروفة، وهي تقريبا نفس مشكلات جميع الدول النامية.. معظمها في الغالب طابعه اقتصادي مثل ارتفاع معدلات التضخم والبطالة ونقص الاستثمارات الاجنبية والديون. وتأتي بعد ذلك مشكلات داخلية واهمها الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان والبيئة ثم الصحة والتعليم والامن وغيرها حتي نصل في النهاية الي ملفات السياسة الخارجية والعلاقات الدولية. الغريب ان كل المرشحين اكدوا ان لديهم كلمة السر لحل هذه المشكلات وبعضهم وصل في وعوده للناخبين الي درجة التعهد بحل بعض هذه المشكلات خلال 24 ساعة من توليه منصب الرئاسة.. ودون اي محاولة لاثارة مشاعر اليأس والاكتئاب بين الناخبين، يجب الاعتراف بان القضية ليست سهلة الي هذه الدرجة والا لكانت كل دولة تواجه مشكلات وازمات عويصة قادرة علي حلها بمجرد اسقاط الرئيس وتغيير النظام. ولا شك ان السياسات الخاطئة التي انتهجها النظام السابق في مصر مسئولة الي حد بعيد عن تعميق ازماتنا وزيادة صعوبة المشكلات التي نواجهها. ولكن الوصول الي الحقيقة يتطلب ما هو ابعد من النوايا الحسنة وتصديق وعود مرشحي الرئاسة ببذل كل الجهد وتخصيص كل الوقت لعلاج هذه الازمات والمشكلات. لقد نجح كثير من مرشحي الرئاسة في تشخيص الكثير من مشكلاتنا وبث الطمأنينة في نفوسنا ازاء امكانية تجاوزها والتغلب عليها. حتي هنا الامور تبدو علي ما يرام ولكن الجميع تقريبا عجزوا عن ان يقدموا لنا خريطة طريق للخروج من عنق الزجاجة. مثلا لم يحدد لنا السادة المرشحون كيف يمكن تمويل المشروعات الاقتصادية الطموحة التي تعهدوا بتنفيذها. ولا من اين سيأتون بالاموال اللازمة لتحقيق ما يصفونه بثورة في مجالات التعليم والصحة والصناعة وغيرها. وفي تقديري ان المرشح الذي يستحق اصوات وثقة الناخبين حقا هو ذلك الذي يصارحهم بالحقائق والارقام مهما كانت مؤلمة هو ذلك المرشح الذي يؤكد لناخبيه انه بدونهم لن يستطيع ان يفعل شيئا وان استنهاض الامة وتفجير كل طاقاتها وقدرتها علي تحمل صعوبات الميلاد الجديد هي شروط اساسية لتحقيق وعوده بالتنمية والتقدم والرخاء.. المشكلة ان الاعتبارات الانتخابية تسيطر علي برامج غالبية المرشحين ودعاياتهم الانتخابية بصرف المدي عن امكانية تحقيق هذه الوعود او مدي قدرتهم علي تنفيذها.. لقد وصلت الامور الي درجة ان احد كبار مؤيدي مرشح رئاسي اكد للناخبين ان مرشحه هو صلاح الدين الجديد الذي سيعيد امجاد الامة ويقود الجماهير المؤيدة له الي الصلاة في المسجد الاقصي بالقدس.. مرشح آخر اكد انه سيعيد ايام الزمن الجميل عندما كانت مصر تزهو بين الدول بديمقراطيتها السياسية وطابعها الحضاري المتميز. وقال ثالث انه يحمل البشري لفقراء مصر باياأ العدالة الاجتماعية والامجاد القومية وسوف يجعل التعليم في المدارس والجامعات الحكومية هو الامل الذي يتطلع اليه جميع التلاميذ والطلاب بدلا من المدارس والجامعات الخاصة. كل هذه الاحلام لا غبار عليها بشرط ان تكون هناك آلية محددة لتنفيذها وتحقيقها وان تتجاوز حدود الوعود لتصل الي مرحلة خطة العمل من اجل الرخاء.