سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
»فتاوي الانتخابات«.. الباب الخلفي لاستخدام الدين في الدعاية * د.محمود مهني: من قال به فهو آثم * د.آمنة نصير: ثقافة القرون الوسطي * د.الشحات الجندي: استخدام غير جائز *مستشار المفتي: الظاهرة مرصودة
إذا كانت اللجنة العليا للإنتخابات قد حذرت من استخدام الشعارات الدينية في الدعاية الإنتخابية .. وهو نفس التوجه الذي أقرته دار الإفتاء، وأضافت إليه الآيات القرآنية معتبرة استخدامها شكلا من أشكال الإبتذال للنص القرآني، فإن المرشحين وأنصارهم علي ما يبدو حاولوا الإلتفاف علي هذا التحذير لنفاجأ قبل أيام من الإنتخابات بموضة جديدة اسمها: " الفتاوي الإنتخابية". فقبل أيام أصدر محمد عبد الله عضو مجلس شوري جماعة الإخوان فتوي أعتبر فيها دعم مرشحهم د.محمد مرسي فريضة إسلامية .. وقبلها أصدر الشيخ هاشم إسلام عضو لجنة الفتوي بالأزهر فتوي تحرم انتخاب مرشحي الفلول. قد يكون ما ذهب إليه هؤلاء العلماء في فتاواهم صحيحا، ولكن السؤال: هل يحق لهم إصدار فتوي؟ .. وإذا كانت دار الإفتاء قد اتفقت مع ما ذهبت اليه اللجنة العليا للإنتخابات في عدم جواز استخدام الشعارات الدينية في الدعاية الإنتخابية وأضافت إليها آيات القرآن، فهل مثل هذه الفتاوي ينصرف عليها - أيضا - نفس التحذير. الدكتور آمنة نصير استاذ العقيدة بجامعة الأزهر يبدو أنها كانت متألمة كثيرا من صدور مثل هذه الفتاوي، فما أن أنتهينا من طرح هذه الأسئلة عليها حتي أنفجر بركان غضبها. د.آمنة قالت منفعلة :" هذه الفتاوي ستعيدنا لثقافة القرون الوسطي، عندما كانت هناك سطوة للكنيسة ، مما جعل الناس يضيقون ذرعا بها، وظهرت الإتجاهات المنادية بفصل الدين عن الدولة ولم تنجح أي محاولة للسيطرة علي هذا البركان الذي أطلقته د.آمنة، بالإنتقال معها للحديث عن تفاصيل كل فتوي علي حده، فلم تزدها هذه المحاولة إلا غضبا علي غضبها، حيث قالت: " هذا كلام أقل من أن يناقش، فهو تدليس و إخراج للدين ونصوصه من سياقها لإستخدامها في أمور دنيوية ". وختمت كلامها علي نفس الدرجة من الغضب، قائلة لمطلقي هذه الفتاوي : " كفوا عن هذا العبث، ودعوا الناس تمارس الديمقراطية، كما نادوا بها في ثورة يناير " قائلها آثم بركان الغضب الذي استقبلت به د.آمنة أسئلتنا خرجت حممه بعد أن انتهينا من طرح الأسئلة، لكن د.محمود مهني عضو مجمع البحوث الإسلامية لم يمهلنا الإنتهاء من طرحها. فما أن سمع د.مهني كلمة " فتاوي إنتخابية " حتي خرجت الكلمات من فمه غاضبة، بل أنه وعلي نفس طريقتهم قال : " إذا كانوا هم يفتون بأن من لا يعطي فلانا فهو آثم، فأنا أفتي أن كلامهم هذا فارغ و من يردده فهو آثم، لأنه شهد بما لا يعلم " . وحرص د.مهني علي استخدام الآيات القرآنية للتأكيد علي أن ما يذهبون إليه في فتواهم لا يمت للدين بصلة، ووجد في الآية التي تقول : " ان أكرمكم عند الله أتقاكم " دليلا علي ذلك، حيث تساءل: " كيف عرفوا أن فلانا أو علانا هو الأتقي، والله سبحانه وتعالي قال في كتابه: (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقي) " . ووجه د.مهني الشعب المصري إلي انتخاب من يراه صالحا، بغض النظر عن من يقول أن هذا من الفلول أو غير الفلول، وقال ساخرا: "إذا طبقنا هذا الكلام ، فكلنا فلول، لأن كلنا عملنا في نظام مبارك ، فبعضنا من عمل استاذا بالجامعة وآخر طبيبا وثالثا وزيرا وهكذا " .ووضع د.مهني مواصفات للرئيس القادم من وجهه نظرة، ومنها أن يكون من الذين عايشوا معاناة فقراء الشعب المصري، والكفاءة في إدارة علاقات مصر الخارجية ، والدراية بالحقائق الاقتصادية ، وقوة الشخصية التي تمكنه من التعامل مع قيادات الجيش. وقال: "طبقوا هذه المعايير علي المرشحين ال13 بغض النظر عن إنتمائهم الحزبي". وبأسلوب يميل إلي الهدوء علي خلاف د.آمنة ود.مهني، قام د.محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية بتطبيق هذه الفتاوي علي الشعارات التي خرجت بها ثورة 25 يناير. قال د.الجندي: "الثورة خرجت منادية بالحرية والعدالة، وهذه الفتاوي أبعد ما يكون عن ذلك". وبأسلوبه الذي يميل إلي البساطة حاول د.الجندي توضيح رؤيته، حيث بحث عن الغرض من الفتوي وهو توجيه الناخب لمرشح بعينه، وتساءل: " هل هذا من العدل؟ ". وواصل د.الجندي شارحا رؤيته، التي تؤكد علي ان هذه الفتاوي تهدم أيضا قيمة الحرية، وقال: " أنا عندما أوجه الناخب لمرشح بعينه، فانا هنا أسلبه حريته، التي خرجنا في ثورة يناير نطالب بها". وفوق كل هذه القيم التي هدمتها هذه الفتاوي، يستنكر د.الجندي أن يتم هذا الهدم باسم الدين، وقال وقد ارتفعت نبرة صوته بعض الشيء: " هذه الفتاوي استغلال غير جائز للدين لتحقيق مصالح سياسية ". الظاهرة مرصودة وإذا كانت دار الإفتاء هي الجهة الشرعية والرسمية المنوط بها إصدار الفتاوي، فما هو موقفها من مثل هذه " الفتاوي الإنتخابية " ؟ لم نجد إجابة قاطعة عند د. إبراهيم نجم المستشار الإعلامي لدار الإفتاء، الذي أكتفي بالقول: "لا تقلقوا الظاهرة مرصودة لدينا، وسنرد عليها ببيان اليوم ". نتمني أن يصدق د.نجم في وعده، حتي نجد ما يحمينا من هذه الفتاوي التي تسلب الناخب المصري حريته،.