وكأننا عدنا قبائل متناحرة "أوس وخزرج" من جديد في القرن الحادي والعشرين.. وباتت قضايانا السياسية قضايا" كفر وإيمان".. وليست قضايا رؤي تحتمل الصواب والخطأ.. وبات التعامل مع أفكارنا المطروحة يقاس بمنطق من ليس معنا كافر بنعمة ربه عتل بعد ذلك زنيم.. واللهم أذقه سوء العذاب فهو يستحق الرجم أو التغريب عن القبيلة في أفضل الأحوال. أين كانوا يختبئون بأفكارهم المعلنة..؟! وكيف خرجوا من جحورهم.. ؟! هل انشقت الأرض ولفظتهم من جوفها ونشرتهم في ميادين مصر مقصرين الجلاليب ومن بعد مطلقين لحاهم دون تشذيب ويجرون وراءهم بنات ونساء منتقبات رافعات رايات خضراء مرة ومرتديات صور "أبو إسماعيل" مرات علي صدورهن أو يعلقننها علي نحورهن..! أسوأ ما فعله النظام السابق هو تعامله مع الفكر الوافد الوهابي والسلفي وتياراته المعتدلة والمتشددة بوضع رموزه في قمقم تحت الأرض ظنا منه انه أضحي آمنا بتغييبه عنه.. وترك النيران تشتعل تحت الرماد وترك لهم قضايا التعليم فتسللوا منها إلي عقول أبنائنا ونفذوا لكثير من وسائل الإعلام واحتلوا الزوايا والجوامع ونشروا أفكارهم الخاصة.. وتعامل النظام بكل غباء أمنيا مع قضاياهم التي رأت العالم فسطاطين..فسطاط كفر وفسطاط إيمان.. وتجاهل النظام ان التغييب القسري والسجون والمعتقلات لا تقتل فكرا بل تحييه وتقويه.. وتجعل أصحابه جاهزين للتضحية بالنفس والروح من اجل إعلاء كلمتهم ومصيرهم والاستشهاد ونيل خير الجزاء..! ومن أسف يستخدم البعض حاليا جيوش الجهل التي صنعت علي مهل لتمزيق الوطن وتهديد أمن المواطن وحرياته الشخصية بدعوي نشر كلمة الله وجعلها العليا.. وانظروا ما يحدث منهم في غزوة الرئاسة والإمارة.. وأدخل في روعهم أنهم محاربون من... اعداء الحق.. ومن ثم وجب نزولهم الميدان والتضحية لإعلاء الكلمة العليا..! ومن نزل ميدان التحرير منذ ايام قليلة ليلا يري نفسه في قرية باكستانية مليئة بالبسطاء المغرر بهم.. أدعية ترتفع وسط الميدان علي من ظلم أبو إسماعيل وزور جنسية والدته وجعلها أمريكية حتي يبعده عن سدة الإمارة والرئاسة..ورجاء إلي الله بنشر كلمتهم وأنهم لابد راجعون لتحرير مصر من قبضة الكفرة الفجرة.. الميدان مليء بشباب في عمر الورود بجلابيبهم القصيرة ولحاهم النابتة للمرة الأولي يروحون ويغدون داخل الميدان قاطعين الطرق معلنين جام غضبهم علي من ظلمهم وحرمهم العيش تحت إمرة ورئاسة أبو إسماعيل فالق الحق..! أسلمة السياسة والمجتمع هو عين ما تريده أمريكا وإسرائيل.. فإغراق الشعب في التأويل الوهابي المتجمد السلفي للإسلام يضمن لهم عجز الثورة والمجتمع عن مواجهة وتعامل حقيقي مع تحديات العصر ويمزق المجتمع.. وليس أجدر من الشكل الباكستاني لفعل ذلك.. وما تشير به الدلائل ويؤكده بعض الساسة أن النمط الباكستاني جاهز لمصر.. ((جيش خلف الستار وفي مقدمة المسرح يحكم برلمان اسلامي "منتخب")).. هذا هو نمط الديمقراطية المطروح علينا برعاية خارجية..وتتقاتل البلاد بين فصائل دينية متناحرة..وكلنا نعلم ما آلت ِ إليه باكستان..فعلا شكلها باكستاني.