عجيب أمر هذا الدين.. منصور دائما رغم تخاذل أتباعه وتآمر أعدائه. حاول القس الامريكي تيري جونز ان يحرق القرآن الكريم ، فتحرق مئات الامريكيين شوقا لمعرفة ماذا يقول هذا الكتاب، والنتيجة إسلام حوالي 180 أمريكيا بين رجل وامرأة، علي وقع التهديد بحرق المصحف. ويرجع محمد ناصر مدير المركز الاسلامي التابع لمنطقة واشنطن الكبري(تضم ميرلاند وفيرجينيا والعاصمة واشنطن) السبب في ازدياد عدد معتنقي الاسلام في هذه المنطقة الحيوية من امريكا الي ثقافة المطالعة والقراءة عن القرآن والسيرة النبوية من مصادر مختلفة منها ماهو معاد و ما هو منصف. حين يقرأ هؤلاء يدركون أن القرآن هو الكتاب السماوي الوحيد الذي يؤمن بالكتابين السماويين الاخرين(التوراة والانجيل)، كما انه الكتاب السماوي الوحيد المؤكد،الموثق ،الذي لم يتعرض لاي تحريف او تعديل( الكاتب الصحفي الكبير الاستاذ موسي صبري كان يقول دوما ان الدليل الاكيد علي بشارة السيد المسيح هو القرآن الكريم). كما يدرك الامريكان خلال مطالعتهم للقرآن والسنة، أن تمام إسلام الانسان لا يكتمل الا بالايمان برسل الله كلهم جميعا وكتبه السماوية كلها جميعا. كما يتأكد للامريكان أن كل ذلك يتم في إطار حرية الاعتقاد التي كفلها الاسلام للجميع ، في نصوص ثابتة واضحة: »ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا، أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين«. ويضيف ناصر:اذا كنا نحن المسلمين نعرف ذلك، فأن الامريكيين حين يدركونه لاول مرة، يصابون بالدهشة، فالدعاية الصهيونية المسيحية تصور للناس أن المسلمين يكرهون الاخرين علي إعتناق الاسلام مستخدمين السيف والارهاب. ويرد المواطن الامريكي روبرت سبنسر(أشهر إسلامه بعد تهديدات جونز واختاراسم عبد الرحمن): »ما حدث معي عكس ذلك تماما،لم يقترب مني احد ويدعوني للاسلام ولو بالقول ولكني قرأت كثيرا بعد إلحاح جونز علي حرق المصحف، فدعاني ذلك الي ضرورة أن أقرأ هذا الكتاب الذي يطالب البعض بحرقه، فلم أجد فيه إلا سموا ورقيا في القيم والمثل والاداب والاخلاقيات، فضلا عن العدل والحرية والمساواة بين الجميع« ويضيف: »ولذا أتابع النمو السريع للاسلام في العالم الغربي، ففي 12 عاما تم بناء أكثر من 1200 مسجد في امريكا« لماذا؟ لان المسلمين الامريكيين الجدد يتأكدون أن الاسلام يتجاوز الدعوة الي التسامح الي الدعوة الي قيمة أعلي وهي إحترام الاخر، فيقول القرآن »ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحرورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا«. وساعد علي فهم الغربيين لذلك كتاب"البحث عن المعني:وضع فلسفة للتعددية" للمفكر طارق رمضان الذي يشير فيه الي ان المعني الحرفي للتسامح يعني أن"تعاني من" او "تحتمل" وجود الاخرين، وهو ما يتضمن وجود علاقة هيمنة، فهناك طرف قوي مطلوب منه أن يسيطر علي نفسه ويحد من قدرته علي إلحاق الضرر بالآخرين، أي أن هذا التسامح ينطوي علي قبول الاخر علي مضض لكل من الطرف الاقوي والاضعف، ولذلك فالمطلوب هو الاحترام لا التسامح، هذا الاحترام كما يراه رمضان- يقوم علي اساس المساواة والعلاقة المتكافئة، فالتسامح يقصر علاقتنا بالاخر علي مجرد السماح له بالتواجد بينما الاحترام يكشف لنا مكنونات نفسه، كما أن الاحترام يشترط وجود المعرفة فالانسان لن يحترم المجهول. »يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم«. نحترم الآخر ونتقبله ونؤمن به وبنبيه وكتابه، فلماذا بعد كل ذلك يكرهوننا ويأخذوننا بما فعله السفهاء منا.