عمرو الخياط أصبحنا في وضع شديد الإرتباك، والصورة ضبابية ولا أحد يعلم ما هو قادم أو ماهو يجب حدوثه، عام وشهران مروا علي الإطاحة بالنظام السابق وفجأة عدنا إلي نقطة الصفر، القوي السياسية التي كانت معارضة لمبارك ونظامه توحدوا في لحظة فارقة وأتوا ثمار هذا التوحد بالخلاص من نظام اعتبروه رمزا للفساد والمحسوبية، والتكبر والاستبداد. ولكن سرعان ما تفككت أواصل هذا التوحد، وأصبحت هذه القوي متناحرة والاختلاف بينهم هو الأساس والاتفاق صعب المنال، وتصدر المشهد لمن لديه القدرة علي التواجد في الشارع وتحريك جموعه. وتتأسد قوي بعينها لتصبح الوريث للنظام السابق بينما القوي الأخري إما تصب جم غضبها علي من إنفرد بالسلطة وعزلهم أو في ساحات المحاكم لتفسد بأحكام قضائية كل ما اتخذ من قرارات من قبل القوي المسيطرة، وأصبح الوضع السياسي مترنحا ما بين أغلبية فازت بشرعية انتخابية نزيها وبين شركاء ثورة عادوا إلي موقع المعارضة بعد أن تصوروا في لحظة أنهم تخلصوا من وضعهم السابق بسقوط مبارك ونظامه، ولكنهم لم يستطيعوا أن يحركوا الشارع ويوحدوه تأييداً لهم فعادوا إلي كونهم أقلية تتحكم فيهم أغلبية منتخبة هم رافضين لها. وعلي جانب آخر، جموع كبيرة من الشعب هم من أطلق عليها الأغلبية الصامتة التي تشاهد ما يحدث وتكتفي إما بالنقد لما يحدث من دون أن يكون لها دور، وتنشد الاستقرار والهدوء ولكن الصراع علي السلطة بين القوي المتناحرة يهد حلمها البسيط بالاستقرار ويجعلها غير آمنة علي مستقبلها وغير مشاركة في صنعه أو حتي اختياره وهو ما يجعلها إما غاضبة أو رافضة لما يحدث، لتتحول في لحظة طالت أم قصرت نواة لثورة قادمة اذا لم تستشعر بما تنشده أو تبتغيه. في المقابل لكل ما يحدث فإن هناك حالة من فقدان الثقة بين جميع الأطراف، فالمجلس العسكري الذي تحمل المسئولية ورفعته جميع القوي السياسية إلي عنان السماء أصبح في لحظة نتيجة خلاف في الرؤي مع القوي السياسية غير ذلك ووجهت له كل سهام النقد الذي وصل إلي التجريح في الأشخاص القائمين عليه، والإخوان الذين فازوا بمقاعد البرلمان أصبحوا بعد ثلاثة أشهر من الانتخابات غير مرغوب فيهم ويتحملون وزر أشياء كثيرة من بينها الرغبة في التكويش علي السلطة والسيطرة علي مقاليد الحكم، والقضاء الحصن القوي للعدالة في مصر ناله هو الآخر من حالة فقدان الثقة الكثير خاصة أن هناك حالة من عدم وضوح الرؤية للمتنازعين أمامه، فالشرعية القانونية والتي يقوم علي تطبيقها القاضي لا تعجب الثائر الذي يبغي شرعية ثورية، وهو ما أدي إلي فوضي أخلاقية شهدتها المحاكم في الفترة الأخيرة وأصبحنا أمام رغبة في تطبيق القانون لتسود شرعيته فإذا جاء علي غير الهوي نادوا بالشرعية الثورية والتي تفتح الباب من جديد لوضع استبدادي ويؤدي بشكل أو بآخر إلي تقويض قيمة دولة القانون. والآن وسط كل ذلك علينا أن نحدد خارطة طريق تعيننا للخروج من النفق المظلم الذي نصر أن نسير فيه وتدفعنا بعض القوي السياسية نحوه وكأنهم مستفيدون من هذا السلوك وهم لا يعلمون أنهم يشدوننا إلي هاوية لن ترحم أحدا، أو تنصر خصما من الخصوم، والحل في التوحد من جديد وأن تعود الثقة ونقرر بوضوح ما يريده الشعب وليس جماعة أو فصيلة، فنحن في أمس الحاجة إلي زعيم يوحدنا ونقف خلفه ليعبر بنا إلي المستقبل ويقودنا إلي ما نبتغيه في أحلامنا البسيطة ويحقق لنا استقرارا فقدناه بعد أن أصبح في يقين البعض أن تحقيق ذلك أصبح من العسير تحقيقه في ظل هذا التناحر الفوضوي بين القوي السياسية الآن.