علي مدي 26 عاما منذ انشاء إسرائيل.. تتكرر علي لسان كل رئيس أمريكي جملة محددة »ان امريكا ملتزمة بأمن إسرائيل«. ومنذ تولي الرئيس أوباما مقاليد الحكم تتكرر هذه الجملة علي لسانه ولسان أعضاء إدارته وخاصة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية وجورج ميتشيل المبعوث للشرق الاوسط، ليل نهار، وبمناسبة وبدون مناسبة. تكرر الادارة الامريكية هذه الجملة في لهجة استعطاف للحكومة الاسرائيلية لعلها تتجاوب مع الجهود الامريكية لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، املا في الوصول الي حل نهائي ودائم للصراع العربي - الاسرائيلي. المواطن العربي عندما يستمع الي هذه الجملة، يتخيل ان المقصود منها هو المعني الحرفي لها، بمعني مساعدة إسرائيل في حماية امنها، فقط عند نشوب حرب بين اسرائيل واحدي الدول العربية جاراتها، أو حمايتها من اي تهديد لأمنها مثل السلاح النووي الايراني، أو حتي صواريخ المقاومة الفلسطينية في غزة أو حزب الله في لبنان.. ولكن الواقع ان هذه الجملة تعني أبعادا كثيرة متضمنة الأمن الاسرائيلي الشامل، ابتداء من توفير رغيف العيش وحتي التفوق العسكري الاسرائيلي علي كل دول المنطقة مجتمعة. ومن هنا جاء التعبير السائد بأن اسرائيل بمثابة الولاية الامريكية الحادية والخمسين. وعلي هذا الاساس تتحمل موازنة الولاياتالمتحدة مساعدات لاسرائيل تعدت آلاف المليارات من الدولارات منذ نشأة اسرائيل. وحتي أصبحت هذه الدولة من بين الاوائل في قائمة دول العالم تقدما اقتصاديا وتطورا علميا وتكنولوجيا واحدي الدول النووية المتفوقة وسط العالم العربي والاسلامي. ولم تكتف امريكا بذلك.. بل تفكر هي قبل اسرائيل في أي تحديات جديدة تواجه أمن اسرائيل.. وهذا ما خرجت علينا به هيلاري كلينتون في مؤتمر لجنة العلاقات الامريكية الاسرائيلية »ايباك« والتي تعد اقوي تجمع وقوة ضغط في السياسة الامريكية لصالح اسرائيل.. حددت كلينتون في هذا اللقاء ثلاثة تحديات مستقبلية، لم تصرح بها اسرائيل نفسها من قبل، ولم يتناولها نتنياهو رئيس حكومة الائتلاف المتطرف. قالت ان الآليات الديموغرافية والايديولوجية والتكنولوجية تحمل تهديدا لأمن اسرائيل، موقف امريكي جديد يوسع نطاق مفهوم الحفاظ علي أمن اسرائيل، حتي وإن ساقت كلينتون ذلك في اطار حديثها علي ضرورة احلال السلام بالشرق الاوسط، فهي تريد بهذه الكلمات الثلاث، حماية يهودية اسرائيل من التركيبة الديموغرافية للسكان.. وتريد حماية اسرائيل من أي افكار ايديولوجية سياسية أو دينية وتربية عقول لاجيال شابة، خشية ان تهدد هذه الايديولوجيات علي أمن اسرائيل وحمايتها.. وتؤكد بمصطلحها الثالث، الخوف علي اسرائيل من اي تطور تكنولوجي للاسلحة وخاصة لدي حماس أو حزب الله. هكذا هي امريكا.. عبرت كلينتون نيابة عنها بكلمات ثلاث تعتبرها دستور أمن اسرائيل، من الرغيف إلي الصاروخ!