H تشهد الشاشة الصغيرة في رمضان هذا العام.. عددا من الظواهر الايجابية التي تبشر بعودة المسلسلات المصرية إلي المنافسة بقوة لتعود إلي مكانتها وعرشها الذي شهد تراجعا في السنوات الأخيرة، بعكس البرامج التي تحولت إلي ساحة لكشف المستور بطريقة لا تحترم المشاهدين وحقهم في متابعة نجومهم علي اكمل صورة بعيدا عن الفضائح وتبادل الاتهامات والخروج عن النص لكشف اسرار العلاقات الخاصة . لأول مرة منذ سنوات يحصل مسلسل تليفزيوني واحد علي تلك النسبة من المشاهدة في زمن تعدد القنوات الفضائية هو مسلسل »الجماعة« للكاتب المبدع والجرئ وحيد حامد.. الذي حمل علي عاتقه منذ سنوات طويلة مسئولية التصدي لظواهر الفساد والتطرف الديني في المجتمع المصري راصدا ذلك بموضوعية وحياد تام.. سواء في السينما أو التليفزيون واعماله خير شاهد ابتداء من »الدنيا علي جناح يمامة«، ومرورا »باللعب مع الكبار«، »المنسي«، »طيور الظلام«، »كشف المستور«، إلي جانب تجربته التليفزيونية الرائعة حلقات »العائلة« التي كشفت عن اسباب انتشار ظاهرة التطرف الديني في وقت كان المجتمع يعاني من آثارها المدمرة.. لانه يهوي دائما الضرب علي الحديد وهو متوهج وساخن دون خوف أو تردد ولا ينحاز الا لطرف واحد فقط هو المواطن المصري. في »الجماعة« كانت البطولة المطلقة للاحداث التي كتبها وحيد حامد والصورة التي نقلها لنا في أروع لقطات المخرج محمد يس.. ومدير التصوير وائل درويش ومهندس الديكور انسي ابو سيف والمونتاج لدينا فاروق بامكانيات انتاجيه لم يشهدها أي مسلسل منذ سنوات طويلة.. وهو ما يؤكد حق وحيد حامد في ان يكون مشرفا علي انتاج العمل لضمان عدم تقديم أي تنازلات علي حساب القيمة الفنية للحلقات.. لذلك شاهدنا احمد حلمي ومنة شلبي وكريم عبدالعزيز كل منهم في مشهد واحد فقط- من منطلق الثقة في اسم المؤلف حيث كانت مشاهدهم من اجمل مشاهد »الجماعة« في الاداء والحوار الذي كتبه المؤلف. كما شهد العمل محاولة جادة لاعادة حق الكاتب والمخرج في احتلال الصفوف الاولي لتحمل مسئولية المسلسل دون الاعتماد علي اسم النجم الواحد.. حيث يكتب اسماء الممثلين في نهاية كل حلقة. كما شهد مسلسل »الجماعة« اختيار كل ممثل في الدور الذي يناسبه.. دون النظر الي اسماء النجوم.. ومنها القدير عزت العلايلي المستشار عبدالله كساب.. وحسن الرداد وكيل النيابة واياد نصار »حسن البنا«، عبدالعزيز مخيون وصلاح عبدالله وسامي مغاوري ومحمود الجندي واشرف مصيلحي ويسرا اللوزي وسوسن بدر وصلاح عبدالله والوجه الجديد الذي ادي شخصية »حسن البنا« في مرحلة الطفولة والصبا. لدرجة تجعل من الصعب ان نختار آخر لاداء دور من تلك الادوار.. وهو ما يؤكد بأنه لا مجاملة في اختيار الابطال لان الدور ينادي صاحبه وهي مقولة شهيرة لكبار مخرجي الدراما المصرية في عصرها الذهبي.. الذي نجح مسلسل »الجماعة« في اعادته إلي توهجه من جديد في رسالة جديدة من وحيد حامد للعائلة المصرية التي حذرها منذ عشر سنوات من خطورة التطرف الديني.