مازالت كلماته ترن في اذني منذ أول اجتماع للرئيس محمد حسني مبارك مع المجموعة الاقتصادية في بداية الثمانينيات، قال »ان من لا يملك قوتة لا يملك حريته«.. وقتها كان الرئيس يقصد ضرورة السعي للاقتراب من تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، وكانت قدرتنا نحو 04٪ من احتياجاتنا.. ونستورد الباقي، وكانت هناك دورة زراعية تخطط لها الحكومة كل عام، تحدد من خلالها مساحات القطن والارز والقمح والذرة. ولكن جاءت العولمة.. وخرج البعض بالفكر الجديد الذي يدعو إلي الحرية الكاملة للمزارع، ليختار ما يراه محققا لآماله.. وبدأت العشوائية في استغلال الاراضي الزراعية فتحولت الي عمارات خرسانية وابراج، ومنتجعات، وعمليات سطو واستيلاء علي أراضي الدولة.. وتضاربت سياسات الوزارات وتضاءل نصيب الفرد من الاراضي الزراعية اكثر واكثر بفضل الزيادة السكانية، وهجر المُزارع للأرض.. وتحملت الميزانية المليارات لاستصلاح الارض الجديدة في الصحراء. والآن اصبحنا في مواجهة تَحد جديد وهو الفقر المائي القادم.. نعم لن يكون هناك مساس بحصة مصر من المياه طبقا للاتفاقية الدولية مع دول حوض النيل، ولكن كيف نخطط للمستقبل؟ نعم للتعاون والمصالح المشتركة مع الدول الافريقية، وبستر من الله كان لدينا مخزون استراتيجي من القمح لمدة 4 شهور، وهي كمية متواضعة جداً لذلك قام المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة بالتحرك السريع بحثا عن اسواق جديدة نشتري منها القمح خاصة بعد كارثة حرائق غابات موسكو والتوقف عن تصديرها القمح للخارج.. وهناك دول اخري في الطريق لانتهاج نفس السياسة مثل اوكرانيا. ومن هنا.. وبقلب المواطن واحساسه استدعي الرئيس مبارك وزير التجارة واستعرض معه الموقف بكل شفافية، واستثمارا لعلاقاته المتميزة مع قادة الدول المنتجة للقمح تم الاتفاق علي استيراد كميات اضافية لدعم المخزون الذي قالوا عنه في البداية انه يكفي ستة اشهر ثم تبين انها اربعة. ان الأمر يزداد خطورة بعدما اعلنت الأممالمتحدة عن ظهور اعراض التصحر علي ثلاثة ارباع الأراضي المراعي، وان ثلث الأراضي الزراعية تحولت الي اراض غير منتجة وكثيرا ما ينتهي بها الامر الي الاهمال.. ثم جاءت المتغيرات المناخية التي نعاني منها اليوم، والتي سوف تزيد من تداعيات نقص الغذاء بجفاف الاراضي الامر الذي سيترتب عليه زيادة عدد الفقراء بنحو مليار نسمة.. وتحذر الاممالمتحدة من الاثار المترتبة نتيجة جفاف الاراضي وما يترتب عليها من تحول الكربون الجوي الي كربون عضوي، وهو ما يمثل خطورة بالغة علي السكان. ان قضية القمح وتوفير رغيف الخبز للمواطن هَم أكبر للحكومة التي عليها استطلاع المستقبل الجديد، وعلينا ان نتوقف امام نتائج اجتماع الدول الكبري في كندا منذ ايام قليلة مضت التي اخذت علي عاتقها المسئولية امام الفئات الاكثر فقرا لان من يدفع ثمن الازمات هم من لا يَد لهم فيها، وتمثل ذلك في ارتفاع نفقات المعيشة، وفقدان الكثيرين لوظائفهم »34 مليون فرد« وتبقي مسئولية الحكومات في توفير الادوات الكفيلة بالانتاج وزيادته الي اقصي درجة حتي لا يدفع الجميع الثمن، لان ما اخشاه ان يأتي اليوم الذي نمتلك فيه المال ولا نجد القمح في الاسواق العالمية.. وقال حكيم »علشان تكون كلمتك من راسك، لازم تكون لقمتك من »فاسك«.