لقد دقت ازمة وقف تصدير ونقص انتاج القمح في العالم اجراس الخطر.. واكدت انه لا بديل الا بتحقيق الامن الغذائي خاصة في المحاصيل الاستراتيجية الحبوب وقصب السكر واللحوم والانتاج الداجني. ولقد نبه الرئيس مبارك الي هذه القضية القومية منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي, واستخلص حقيقة سياسية مهمة وهي ان الامة التي لا تنتج احتياجاتها, لا تملك حريتها. لقد اكد الرئيس مبارك انه في اطار اصرارنا علي زيادة الانتاج يجب ان نوجه اهتمامات خاصة بالاكتفاء في انتاج الغذاء لان الامة التي لا تنتج غذاءها لا تملك حريتها او استقرار ارادتها ونحن لا نقبل ان نرهنإزراتنا للغير, ونعرض مستقبلنا للخطر, في الوقت الذي نملك فيه من مقومات الانتاج الزراعي والحيواني مما يجعلنا بمنأي عن الهزات والانواء والضغوط. وفي خطابه في افتتاح المؤتمر السنوي الخامس للحزب الوطني عندما طالب الحكومة باعداد استراتيجية جديدة للتنمية الزراعية حتي عام2020 واستلام المحاصيل من الفلاحين والعمل علي الوصول الي معدل80% في محاصيل الغذاء السبعة: القمح والارز والسكر والبطاطس والفول والعدس والزيت. ولقد نجحت مصر في زيادة محصول القمح من مليوني طن عام1982 الي8.2 مليون طن واصبح الانتاج يوفر60% من الاحتياجات. وققد اعلن امين اباظة وزير الزراعة واستصلاح الاراضي ان الاستراتيجية الزراعية الجديدة ستحقق75% من احتياجاتنا من القمح, وان علماء مركز البحوث الزراعية تمكنوا من التوصل الي العديد من الاصناف الجديدةالعالية الانتاج والانتاجية, وان الحكومة تستهدف زيادة المساحات المزروعة من القمح الي4 ملايين فدان بحلول عام2017 من خلال تنفيذ خطة استصلاح مليون فدان اضافية للاراضي الجديدة. الحقيقة ان النهضة الزراعية في مصر مبارك حققت قفزة في الانتاج الزراعي لم تتحقق منذ نصف قرن. بفضل تنفيذ استراتيجية التنمية الزراعية في الثمانينيات والتسعينيات. المتغيرات العالمية تطالبنا باعادة هيكلة القطاع الزراعي, وتعظيم دور الارشاد الزراعي وتنفيذ برنامج الرئيس مبارك الزراعي بالكامل.. لدينا تجربة التسعينيات بتنفيذ حملة متكاملة لزيادة انتاج القمح رأسها الدكتور محمود شريف محافظ الشرقية في ذلك الوقت. وقد نفذ الدكتور يوسف والي نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الاراضي برنامجا متكاملا لمساندة الفلاح وتحفيزه علي زيادة الانتاج تضمن حرث التربة بالليزر وتقديم التقاوي المنتقاة والسلالات الجديدة عالية الانتاجية حتي وصل انتاج الفدان إلي18 إردبا وكانت الخطة الوصول الي25 اردبا للفدان مع بداية القرن الجديد, وتطهير الترع والمصارف مجانا. الازمة العالمية الحالية للقمح تؤكد ضرورة استغلال جميع الامكانات لتحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل. والحقيقة ان المعضلة التي تواجه العمل الوطني الزراعي هي محصول القمح الذي يمثل عبئا كبيرا علي الموازنة ويهدد الاستقرار وحرية القرار. مصر تحتل مركز الصدارة العالمية في استيراد القمح حيث تأتي مصر في المرتبة الثانية. مصر قادرة علي تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح فالانتاج عام2008 وصل الي8.2 طن, وهي كمية كافية لانتاج رغيف الخبز ولكن المشكلة ان كمية توريد المحصول للحكومة بلغت2.5 مليون طن, و5.7 مليون طن تذهب كعلف للثروة الحيوانية والداجنة ولانتاج الدقيق الفاخر لمحلات وانواع الخبز الفاخرة والحلوي. لماذا هذه الصورة؟! لقد زرع القمح الخوف في نفوس الفلاحين3 مواسم متتالية انخفاض السعر وامتناع الحكومة عن استلام المحصول في مواجهة ارتفاع تكاليف الزراعة. لقد اعلن ديك برابور نائب رئيس مؤسسة القمح الامريكية ان مصر مهيأة لزراعة جميع انواع القمح وتحقيق الاكتفاء الذاتي منه خاصة ان لديها جميع المقومات من اراض ومناخ وبيئة مناسبة الا ان الامر يحتاج الي تكاتف الحكومة والمزارعين والمستثمرين. والدليل ارتفاع نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح من22% عام1982 الي56% وانخفاض الواردات حتي وصلت اخيرا الي5.9 مليون رغم زيادة الاستهلاك وذلك لزيادة الانتاج الوطني من القمح بمقدار ثلاثة امثال ليصل الي نحو8.2 مليون عن عام2008. المشكلة.. ان هناك ظاهرة عدم ثقة بين الحكومة والفلاحين. لابد من ازالة المعوقات التي تواجه زيادة مساحة محصول القمح وابرزها: عدم وجود سياسة سعرية متوازنة تراعي فيها تكلفة مدخلات الانتاج. تطبيق سياسة سعرية متوازنة للقمح تراعي فيها تكلفة مدخلات الانتاج بالاضافة الي ربح مناسب يشجع علي قيام المزارع بالتوسع في زراعة القمح. الاعلان المبكر وقبل بدء زراعة القمح عن اسعار التوريد. ولابد من اعادة سياسة تقديم دعم للمزارع مثل تقديم قروض ميسرة بفائدة مخفضة لزراع القمح اسوة بما هو متبع في زراعة الفواكه والخضراوات مع ربط ذلك بتوريد كمية من المحصول في اخر الموسم وصرف الاسمدة مبكرا وعدم ربط توزيعها بالحيازة الزراعية, وزيادة عدد منافذ توريد القمح المصري بالداخل. اللغز الحائر هو عزوف الفلاحين عن توريد كامل الانتاج للحكومة.. ولابد من دراسة الارتفاع بمعدل التوريد من2.5 مليون طن الي8 ملايين طن حتي لا تتكرر ظاهرة استيراد الاقماح المسرطنة والفاسدة وغير الصالحة لصناعة الخبز. لابد ان يكون حل هذا اللغز احد العناصر الاساسية في الاستراتيجية الزراعية الجديدة حتي عام.2020 قضية القمح اصبحت مثار حوار وطني واسع بين كل المهمومين بمستقبل مصر.. وامنها السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وبعيدا عن الشعارات.. وبالحقائق والارقام فإن قضية الامن الغذائي كانت ومازالت في مقدمة برنامج العمل الوطني لمصر مبارك. واكد الرئيس ان الموقف يستوجب جهدا شاملا تشترك فيه الدولة والمؤسسات الشعبية والفلاحين لكي تعود القرية المصرية وحدة تنتج اكثر مما تستهلك من المواد الغذائية والحيوانية. ان مصر مبارك بكل المقاييس العلمية والدولية تشهد علي امتداد29 عاما ملحمة من ملاحم العمل الوطني علي امتداد ارضها الطيبة.. حققت ومازالت انجازا كبيرا في مجال التنمية الزراعية من خلال فكر جديد.. واستراتيجيات وبرامج وخطط علمية.. وعقول العلماء في مراكز البحوث الزراعية والجامعات وايمان وحماس وسواعد الزراعيين والفلاحين الذين قدموا كل الجهد بسخاء وعطاء لامحدود.. وحققت مصر المرتبة الاولي في انتاج بعض المحاصيل الاستراتيجية علي المستوي العالمي. اسجل هذه الحقائق.. في مواجهة ما يدور حول قضية زراعة القمح في مصر.. وانها اصبحت خطرا يهدد الامن القومي. القضية بعيدا عن الشعارات.. تحتاج الي جهد قومي وطني لمواجهتها حتي لا تظل عبئا يهدد الكيان الاجتماعي و السياسي والاقتصادي. القمح من اهم الحبوب الغذائية في مصر.. وهو المحصول الغذائي الاستراتيجي الاول في الامن الغذائي المصري, والاعتماد علي السوق العالمية في الحصول عليه يكلف الاقتصاد القومي اعباء متزايدة. لابد من الاسراع في تنفيذ استراتيجية جديدة لانتاج القمح تحقق الاكتفاء الذاتي.. وعودة الحملة القومية لحشد كل الجهود العلمية والشعبية لزيادة انتاج القمح من اجل مصر.