اسس الراحل الكبير عبد الغفارعودة فرقة المسرح المتجول التي اعاد احيائها توفيق عبد الحميد بعد توليه رئاسة البيت الفني للمسرح لكي تتجول وتقدم عروضها بالمحافظات واسند رئاستها لعصام الشويخ ، وها هي الفرقة تتجول بعرض " درب عسكر" في قاعة يوسف ادريس بمسرح السلام بوسط القاهرة ، بما يعني ان الفرقة فقدت الهدف من عودتها إذ كنا نتوقع ان تنطلق بعرضها الاول في جولة بالمحافظات بالفعل !! مسرحية "درب عسكر" من تأليف الراحل د. محسن مصيلحي ومن إخراج محمود الزيات في أول عمل له بمسرح الدولة ، صمم ديكور المسرحية أحمد فرج ،غناء وليد مصطفي وسارة رشاد ، وبنظرة سريعة علي العرض الذي يتناول تاريخ فن الارتجال في المسرح المصري بدءا من خيال الظل ثم المحبظتية ليصل إلي يعقوب صنوع رائد المسرح العربي، ليطرح قضايا عديدة تتعدي تاريخ فن الارتجال الذي لجأ إليه المؤلف كقالب درامي يقدم من خلاله رؤيته للبسطاء الذين يمثلهم هؤلاء الممثلون وقضية الرقابة والإبداع والقيود التي كانت مفروضة علي الفنان وهي قضية أزلية كانت دائما محل نقاش بين المبدعين ، حاول المخرج تقديم فرجة شعبية وبصرية وفي ظني بما أنها التجربة الأولي له فقد سعي لتقديم العرض في حدود فن الارتجال مما جعله يضيف مشهدا من عنده عن المسرح التجريبي باعتبار انه أخر ماوصل إلينا وكيف أخذ منه المخرجون الشكل الخارجي فقط بدلا من الاستفادة من تقنياته فجاءت عروضهم مشوهة لم تضف للمسرح المصري . هذه الإضافة عكست رؤية المخرج الشاب لما نشاهده علي خشبة المسرح اليوم وعدم رضاه عن هذا المسرح المنسوخ من بيئات ومجتمعات مختلفة ، في العرض يقدم صنوع احدي مسرحياته ونفاجأ بعسكري الدرك يصعد علي خشبة المسرح ليقبض علي ممثل يؤدي دور قاتل ويستحسن "النظارة" أو الجمهور المشهد ويطلبون ضم المشهد الارتجالي للعرض وكذلك مشهد الممثل الذي احتج علي صنوع عندما طلب منه أن يأخذ مكان الملقن الذي تغيب عن المسرحية فرفض وحمل "الكمبوشة" وجري بها علي المسرح وأصر الجمهور علي إضافة المشهد للعرض ، ولهذا فقد نجح المخرج في تقديم عرض كوميدي معتمدا علي مجموعة من الممثلين الممتازين أختارهم بعناية قدموا شخصيات كاريكاتورية بخفة ظل بمبالغة محسوبة ودون خروج عن النص، أحمد الشناوي في شخصيات عصفور أفندي وعوض الفلاح والمعلم والملقن والعسكري وجميل وعضو فرقة الرقص التجريبي، حمدي عباس يتألق في هذا العرض في أدوار المايسترو والعجوز والمعلم حنا ويعقوب صنوع وعلي الكسار والسينوغرافي، أحمد عبد الجواد في أدوار البهلوان وشوشه والضابط والشيخ علي والشاويش وعضو التجريبي، سحر منصور الفنانة الرائعة في شخصيات زوجة الابن والعمدة والمتفرجة والرقيب وفتاة التجريبي، وشيرين في أدوار البهلوان والغازية وهنومة والعجوز الشامية والعسكري 2 ومدير المديرية وراقصة التجريبي ، ومحمد شحاتة في شخصيات العازف والمريض والمؤرخ ، وأخيرا .. العرض جيد في حدود التجربة الاولي للمخرج لكن استخدام خيال الظل لم يكن موظفا بحرفية داخل نسيج العرض ويحتاج لاعادة نظر كذلك مساحة الغناء فهي قليلة نسبيا ولكن الاستعانة بالعرائس اعطي فرجة شعبية .