رئيس مجلس النواب الأمريكي السابق »نيوت جينجريتش« يخوض حالياً حملة انتخابية مبكرة تستمد توهجها واستمراريتها من الجدل الدائر حالياً في الولاياتالمتحدة حول مشروع إنشاء »مركز ديني/تثقيفي/ إسلامي« يطل علي موقع ما كان يعرف ببرجي مركز التجارة العالمي قبل انهيارهما في هجمات 11سبتمبر2001التي راح ضحيتها آلاف القتلي، والجرحي، والمرضي النفسيين. منذ أيام.. أصدر »نيوت جينجريتش« بياناً عنيفاً لم يقصره علي إبداء رفضه بناء المسجد بالقرب من أطلال مركز التجارة العالمي، وإنما انطلق من هذا الرفض للمكان لتوسيع دائرة ما يراه خلافاً وتناقضاً: بين معاملة بلاده للمسلمين وبين معاملة المسلمين لغيرهم. من رأيه كما جاء في بيانه أنه يجب ألاّ يقام المسجد في نيويورك ما دامت »السعودية« لا تسمح ببناء كنائس مسيحية، و معابد يهودية داخل المملكة وبالقرب من أهم آثارها الدينية. وطالب »جينجريتش« بتطبيق ما تطبقه السعودية في هذا الشأن. وزيادة من جانبه في تأجيج مشاعر المتعصبين والعنصريين الأمريكيين، استغل »نيوت جينجريتش« اسم المركز الديني الإسلامي المقترح، فأشار في بيانه إلي أنهم أطلقوا اسم »قرطبة« علي المركز الإسلامي الذي يريدون إقامته بالقرب من موقع مركز التجارة العالمي، حيث قام إرهابيون مسلمون بالهجوم عليه وقتلوا أكثر من 3000من الأمريكيين، ودمروا واحدا من المعالم الأكثر شهرة في الولاياتالمتحدة. و أكد »جينجريتش« أن معظم الأمريكيين لم يسمعوا من قبل كلمة »قرطبة« ، أو ربما سمع بعضهم عنها لكنه في الوقت نفسه لا يعرف السبب وراء تسمية مشروع المركز الإسلامي بها. وتطوّعاً دون أن يطالبه أحد.. أسرف نائب مجلس النواب السابق في شرح أهداف، وتفسير معاني، كلمة »قرطبة« كما عرفها وجمعها من دوائر المعارف الورقية والإلكترونية. كلمة »قرطبة« يقصد بها »الإساءة والسخرية من الأمريكيين«.. علي حد قول »نيوت جينجريتش« الذي أضاف موضحاً: [ بهذه الكلمة يريد مطلقوها إعادتنا إلي أيام احتلال المسلمين لإسبانيا، وجعلوا من »قرطبة« عاصمة للفاتحين المسلمين. إنهم يذكروننا بانتصارهم علي المسيحيين، وما فعلوه لهم وبهم في إسبانيا. فكنائسهم آنذاك تحولت إلي مساجد]. ويعترف البيان بأن مدينة نيويورك لم تستطع طوال السنوات التسع الماضية إعادة بناء برجي مركز التجارة العالمي، واليوم.. يقال إن هناك »مشروعا لإقامة مركز إسلامي« يطل علي مكان الكارثة الإرهابية، ووضعت له ميزانية لا تقل عن100مليون دولار. وتساءل كاتب البيان: »من أين جاءت كل هذه الأموال؟«. لقد حاولنا مع المسئولين عن المشروع معرفة الإجابة فرفضوا التصريح باسم أو أسماء الممولين. واختتم البيان محذراً من أن الولاياتالمتحدة »تعاني من هجوم إسلامي، ثقافي، سياسي.. يهدف إلي تقويض وتدمير حضارتها«. الموافقون علي بناء المركز الإسلامي لم تعجبهم بيانات، وخطب، ومخاوف، المعارضين له. ومن أبرز ما قاله، وكتبه، الموافقون، قرأت مقالاً تضمن اتهاماً خطيراً لصيحات التعصب، والعنصرية، التي يرددها معارضو المشروع، خاصة:»نيوت جينجريتش«، الذي اتهمه الكاتب بأن المستفيد الوحيد من وراء معارضته العنيفة لبناء المسجد، هو:أسامة بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة (..). فمن رأي كاتب المقال أن »القاعدة« ستستغل رفض الأمريكيين بناء مركز »قرطبة«، لمساعدتها في إقناع المسلمين بأن ما يُطلق عليه اسم:»الحرب ضد الإرهاب« هو في الحقيقة يعني:»الحرب ضد الإسلام«. رغم المنطق في هذا الرد، إلاّ أن الأغلبية المعارضة لم تستمع إليه، لأنها متفرغة لترسيخ وجهة نظرهم في منع تنفيذ مشروع »قرطبة« بكل ما في استطاعتهم من قوي، ونفوذ، وأنصار.. ويري العقلاء أن هناك أكثر من 100 مسجد في مدينة نيويورك، وهو رقم يرونه وأنا معهم كافياً، ما دام في زيادته ما يثير مشاعر الكراهية والعنصرية. الحكاية تزداد تعقيداً. والمتنازعون عليها يزدادون شراسة. وحتي عندما تدخل الرئيس »أوباما« وأعلن موافقته علي بناء »قرطبة« لم يخفت أصوات المعارضين للمشروع وإنما زادها صخباً علي صخب! وأفضل حل في رأيي لإنهاء هذه »الحكاية« حل يرضي العقلاء في الجانبين.. اقترحه الزميل العزيز الأستاذ سلامة أحمد سلامة في مقاله أمس، في صحيفة »الشروق« قائلاً:[إن الأجدر بمسلمي نيويورك أن يبنوا مسجدهم في مكان آخر بعيداً عن المن والأذي الأمريكي. وقد بدأت جهات إسلامية عديدة تشكو بالفعل من تنامي اتجاهات اليمين الصهيوني سياسياً!].