أشجار الغابة تتحرك نحو القلعة يا سيدي...هكذا فاجأ الحارس سيده ماكبث المطمئن إلي أن نبوءة الساحرات لن تتحقق ، فمن الذي يصدق أن غابة بيرنام تتحرك متجهة نحو جبل دانسينان... تحققت النبوءة المستحيلة حين أمر مالكوم أبن الملك القتيل دانكان جنود جيشه بحمل فروع الأشجار كنوع من التمويه...الخدعة التي طعم بها شكسبير مسرحيته الخالدة تشبه خدعة حصان طروادة و كل الأساطير التي تعزو اشتعال النار إلي مستصغر الشرر. تسابق المحللون للتعجب من إمكانية أن تشعل شجرة اشتباكات عسكرية علي الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل كادت تتطور إلي حرب جديدة علي غرار حرب لبنان عام 2006 التي اشعلتها عملية اختطاف لجنود عبر الحدود...الكاتب البريطاني روبرت فيسك تناول قضية شائكة وهي الحدود التي لا يستطيع أن يحددها شخص حتي الآن فالخط الأزرق الذي حددته الأممالمتحدة هو الخط ذاته الذي كان يفصل بين الأراضي اللبنانية التي كانت تخضع للانتداب الفرنسي والأراضي الفلسطينية التي كانت تخضع للانتداب البريطاني ذات يوم قبل أن يوجد كيان أسمه إسرائيل. حروب الأمس تزكي حروب اليوم فالتقسيم الاستعماري نتج عن معاهدة سايكس بيكو التي توجت نهاية الحرب العالمية الأولي و هي حرب أشعلتها شرارة صغيرة أيضا ، فالسبب المباشر لاندلاع الحرب في صيف عام 1914 كان اغتيال ولي عهد النمسا علي يد طالب صربي في سيراييفو والنتائج كانت 9 ملايين قتيل و 21 مليون جريح و 8 ألاف مفقود و أسير في صراع أدي إلي تغييرات جذرية في العالم، وإلي توازن غير مستقرّ اختلّ من جديد علي نطاق واسع بعد 21 عاماً حين نشبت الحرب العالمية الثانية. بقي أن نقول أن الشجرة التي حاولت اسرائيل اقتلاعها لم تكن الأولي و لن تكون الأخيرة و لكن الحروب لا تنتظر سوي شرارة صغيرة حتي تندلع عندما تتهيأ كل العوامل لقيامها و يومها تتحقق كل النبوءات المستحيلة و ربما تتحرك أشجار الأرز اللبنانية إلي الجانب الأخر.