مجرد التفوه بكلمة لانتقاد إسرائيل أو سياستها أو جرائمها، اصبح جرما لا يغتفر، وصاحبه عنصريا، ومضطهدا لليهود، فهو بذلك دخل في زمرة المعادين للسامية، ومن الممكن ان يلاحق قضائيا. تلك الأكذوبة نجحت إسرائيل في ترسيخها في المجتمعات الأوروبية عبر المنظمات اليهودية المتغلغلة فيها، وتبنت استراتيجيات محددة ومرسومة بدقة، لتحويل معاداة السامية إلي جرم »انساني« تقترفه اي دولة او شخص يحاول المساس باليهودية كفكر أو دولة أو شخصية، بل تعدي ذلك إلي المساس بالسياسة الاسرائيلية. واستخدمت اسرائيل ضلالتها تلك لترهيب السياسيين والمفكرين، فبمجرد انتقاد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للحصار علي غزة ووصفه للقطاع بأنه معسكر اعتقال.. خرج علينا الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريس الذي منحته ملكة بريطانيا لقب الفارس باتهام الشعب البريطاني بأكمله بمعاداة السامية. ولم يكن الشعب البريطاني هو أول متهم - ولن يكون الأخير - فقد سبقه لذلك العديد من السياسيين والمفكرين والفنانين. ولن نستطيع أن نعرض كل من حازوا هذا الشرف وما سنعرضه لا يمثل الا غيضاً من فيض. ففي عام 2002 اتهمت اسرائيل فرنسا بأنها اسوأ دولة غربية من حيث معاداة السامية لمجرد تسجيل 213 حالة اعتداء علي يهود في ذلك العام. وكذلك وجه نفس الاتهام إلي مهاتير محمد حينما كان رئيسا لوزراء ماليزيا بسبب تصريحات في إحدي قمم منظمة المؤتمر الإسلامي قال فيها إن اليهود يديرون العالم بالوكالة ويجعلون الآخرين يقاتلون ويموتون بدلا عنهم ولأجلهم. ولم يفلت المفكر الفرنسي روجيه جارودي من هذا الاتهام بسبب كتابه »الاساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية« والذي شكك فيه في عدد القتلي في المحرقة اليهودية. نححت اسرائيل في أن تجعل من نفسها »بقرة مقدسة« لا يجوز الحديث عنها أو لمسها، فهي تقتل من تشاء، وتحاصر من تشاء، بيدها عصا معاداة السامية لمن ينتقدها، ومن يتفوه بكلمة ضدها فهو آثم قلبه، ومعاد للسامية!! عامر تمام amer [email protected]