هذه ليست أزمة في اللوائح ولا قصور تشريعي، كما يتصور البعض أو يعلنه مسئولو اتحاد الكرة وكثير من المحللين والخبراء، ولم تكن أزمة محمد ناجي جدو لاعب الاهلي المنتقل اليه من الاتحاد السكندري، وما أثير حولها من خلاف شديد بين اندية الزمالك والاتحاد والأهلي، ينتظر نقله الي ساحات اخري أوسع سواء من خلال النيابات والمحاكم المدنية. أو تدويل هذه القضية ونقلها للمحكمة الرياضية الدولية او للاتحاد الدولي، نتيجة عجز لوائح الاتحاد المصري عن مواجهة مثل هذه الازمات والمشاكل المتكررة، حتي بات بالضرورة لكل موسم. أزمته وقضيته ونجمه المختلف عليه. أزمة جدو جاءت كاشفة لعورات النظام الكروي في مصر، من جوانب عدة. منذ ست سنوات وعندما اكتشف مجلس إدارة اتحاد الكرة برئاسة عصام عبدالمنعم آنذاك أن اتحاد الكرة الذي اقترب من الاحتفال بمائة سنة علي تأسيسه في بداية العشرينيات من القرن الماضي لا يملك لائحة نظام أساسي تتسق مع لوائح الفيفا. وتم اقرار مشروع لائحة متكامل ومتفق مع طبيعة النظام الرياضي في مصر واشكال ملكيته. وأقر الاتحاد الدولي هذه اللائحة واعتمدها. وقبل عامين ايضا تم وضع لائحة جديدة لشئون اللاعبين روعي فيها ان تتضمن كل البنود الملزمة في لائحة شئون اللاعبين والاحتراف بالفيفا. وتم استخدام بعض البنود الاسترشادية التي يضعها الفيفا في لائحته الاساسية للاستنارة بها دون الزام للدول الاعضاء، بها وفقا لظروف وحالة كل دولة. أي أن اللائحة المصرية متسقة ومرتبطة تماماً بلائحة الفيفا وفيها كل البنود الملزمة دوليا. إذا لماذا المشكلة. ولماذا استدعي هاني أبو ريدة عضو اللجنة التنفيذية بالفيفا المستشار القانوني للجنة شئون اللاعبين الدولية يوهان خايس الاسبوع الماضي لمراجعة اللائحة المصرية؟ اللوائح موجودة، وفيها نفس البنود، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في من يطبقون هذه اللوائح. بنود لائحة شئون اللاعبين تم تطبيقها علي كل الحالات المماثلة لواقعة جدو خلال الموسمين الاخيرين وما قبلهما، حتي لحالات توقيع لاعب لأكثر من ناد. ومرت كل هذه الحالات في هدوء لأنها تخص الناس اللي تحت. في مشاكل انتقالات لاعبي »الناس اللي فوق« يبدو اتحاد الكرة مذعوراً ويكيل بعدة مكاييل، ولا مجال عنده أبدا لتسيير اللوائح وفرضها علي الجميع علي حد سواء رغم تطابق الحالات وتماثل الخروقات. أزمة جدو، وكما كشفت عجز القائمين علي شئون الاتحاد علي تطبيق ذات اللوائح ونفس البنود علي الجميع، برغم وضوحها ووجود من النصوص في نسخة العقد الموحد المعمول به بين جميع الاندية واللاعبين، والتي ينص احدها وعلي الصفحة الثانية من هذا العقد الموحد والذي هو شريعة المتعاقدين علي اجراءات التعاقد مع لاعب. ويضع من الشروط ما يفرض علي النادي الذي يخالفها عقوبات واضحة وصريحة ومحددة تبدأ بالغرامة المالية ثم خصم نقاط من رصيده وتنتهي بالايقاف لمدة عن ضم لاعبين جدد.. هي ذاتها العقوبات الدولية التي يحددها الفيفا للوقائع التي ينتهك فيها أي ناد اجراءات التعاقد القانونية، وهي اجراءات منصوص عليها ومحددة. وكان علي مسئولي الاتحاد أن يتأكدوا هل طبق هذه كل ناد من الأندية المتنازعة علي جدو هذه الاجراءات أم لا. وإذا وجدت يطبق القانون ونص العقد الذي هو شريعة المتعاقدين وبنود لائحة شئون اللاعبين التي تم تطبيقها ومجازاة لاعبين أخرين بها. أكبر مصيبة ليس فقط الخوف من شعبية الأزمة وضغوط الجماهير والإعلام وإهمال تطبيق اللوائح رغم وجودها وتعدد المكاييل والالتفاف علي اللائحة، هي كل العورات التي كشفتها أزمة جدو لكن أكبر مصيبة تجلت مع هذه القضية كانت في كشف اعضاء مجلس إدارة اتحاد الكرة عن موقفهم وانتماءاتهم ومصالحهم جهاراً نهاراً..! عضو اتحاد الكرة أو أي لعبة - حين يتصدي للفصل في اي قضية متنازع عليها يكون كما القاضي، الذي يفترض فيه تحري العدالة. والبعد عن أي انتماء او هوي، ودائما ما نري القاضي الذي يعلن عن عقيدته تجاه قضية ما أو موضوع لقضية، يبتعد تماماً عن نظرها او يبعد أو يتم رده. وهذا ابسط شروط توفر العدالة بين الناس، لكن اعضاء باتحاد الكرة منهم محمود الشامي وآخرين كانوا وطوال فترة ازمة جدو يتباهون يوميا عبر برامج تليفزيونية وتصريحات صحفية بارائهم وقراراتهم الشخصية تجاه الأزمة حتي قبل أن تنتهي اللجنة القانونية التي شكلها مجلس إدارة الاتحاد لبحث القضية وفي هذا بالقطع جهل أصيل بطبيعة العمل الإداري واشتراطاته وقيمة شخوصه ومدي تأثير مثل هذا التدخل لاعضاء بمجلس إدارة الاتحاد علي مجريات التحقيق أو بحث القضية. إعلان اعضاء بالاتحاد عن مواقفهم وفقا لما يحملون من انتماءات وعلاقات ومصالح ودفع أطراف الازمة الاهلي والزمالك إلي طلب رد عدد من اعضاء مجلس إدارة الاتحاد، وبرغم أن هذا الرد كان إعلاميا فقط، إلا أنه كشف عن عورة جديدة قاتلة. أزمة جدو قابلة حاليا للتدويل، إذا ما نفذ مسئولو الزمالك ما صرحوا به مسبقا عن عزمهم اللجوء للمحكمة الرياضية الدولية أو الفيفا للمطالبة بما يصفونه بحقوق مشروعة لهم في هذه القضية سواء بالحق في ضم اللاعب أو تحميله قيمة الشرط الجزائي وقيمته الأولي 03 مليون جنيه في العقد الذي يدفع نادي الاتحاد السكندري ببطلانه لأنه بالانتهاك الصريح للائحة والقانون من جانب نادي الزمالك مثلما يقول نادي الاتحاد في مذكرة تقدم بها لاتحاد الكرة ضد الزمالك مطالباً بالتحقيق فيها، وهو ما لم يتم كعورة أخري شديدة. أيضاً ازمة جدو جاهزة للانتقال لساحات المحاكم المدنية بعد ان دفع اللاعب بعدم حصوله علي أموال من نادي الزمالك طالباً اليمين الحاسمة ممن كانوا يتفاوضون معه وعند التعاقد علي أوراق بيضاء كما يقول اللاعب. جدو يدفع ببطلان العقد الذي يقول إنه وقعه علي بياض وتم إضافة »أرقام وبنود فيه لم تكن موجودة. وهذا قول يحسمه رجال القضاء في حال رفع اللاعب دعوي قضائية. الجاني ووكيله ومن بين العورات الكثيرة التي كشفت عنها أزمة جدو، هذا الجهل الكبير باللوائح الموجود.. وعدم حسم الاتحاد لملف وكلاء اللاعبين وتدخلاتهم الكثيرة بفوضي في انتقالات اللاعبين. وعدم توفر القدر الأدني من ثقافة الالتزام لدي اللاعبين الذين استسلهوا التوقيع لاي ناد، ودائما ما تجد اللاعب الجاني ووكيله المعتمد في حالة بحث عن مزايا من الأموال دون أي ضوابط قانونية أو أخلاقية. كما لا يتوفر لاداريين بالاندية الحد الأدني لفهم اجراءات التعاقد واتباع اساليب الشفافية والوضوح في التفاوض واخطار النادي الذي يتبعه اللاعب والمنطقة التابع لها، ولكنها اجراءات لم تتم في أزمة جدو الكاشفة والتي لن تكون آخر أزمات انتقالات اللاعبين في ظل حالة الفوضي الشديدة.