الفكرة جاءت من ابنتي »شروق«. طلبت مني أن تكون هدية نجاحها هذا العام رحلة إلي إيطاليا! ترددت قليلا قبل أن ألزم نفسي بهذا الوعد »الباهظ الثمن« لكني أذعنت لطلبها كأي أم طيبة، وقلت ربنا معنا نبدأ نحوش تكاليف الرحلة من أول السنة! هي نفذت التزامها ونجحت بتفوق، وأنا نفذت وعدي وسافرنا إلي روما، اللقاء الأول بينك وبين مدينة تراها للمرة الأولي كاللقاء بإنسان لا تعرفه، تتحرك موجات إحساسك، تتفاعل مع الأماكن والبشر، إما أن تشعر بألفة وانسجام، وإما أن تحس ببرودة واغتراب. سافرت كثيرا في مهمات صحفية ومؤتمرات دولية وزرت أمريكا الشمالية والجنوبية والعديد من دول أوروبا، وبلدان عربية وأفريقية وآسيوية، لكنني لم أعشق أبدا مدينة مثلما عشقتك يا روما! مدينة تستقبلك بالفن.. تطل عليك بالتاريخ.. تفتح ذراعيها مرحبة بزائريها من كل بلاد العالم. الميادين الفسيحة والساحات الجميلة، مسارح مفتوحة يقدم فيها الهواة عروضهم الشائقة المثيرة، الفنانون يرسمون »بورتريه« لمن يرغب إما طبيعياً أو كاريكاتيراً في دقائق معدودة!! روعة.. شيء مذهل! في هذه المدينة العريقة يعز علي السائحين النوم وهم يجلسون في ساحة »نافونا« الشهيرة أمام التماثيل الضخمة الأربعة التي تتوسط الساحة، نحتها المثال العالمي »برنيني« يمثل كل تمثال منها واحداً من أهم أنهار العالم ويتصدر نهر النيل »آلهة النيل« تلك التماثيل وخلفيته نخلة أصيلة ويسبح في مياه النافورة تمساح النيل، يتوسط تلك التماثيل الأربعة مسلة مصرية فرعونية هي واحدة من 31 مسلة مصرية تتوسط أشهر ميادين روما، وهي علامة علي تجذر الروابط التاريخية والثقافية بين مصر وايطاليا. »بياتساديل بوبولو« أو ميدان الشعب.. مكان رائع يتجمع فيه الناس حول التماثيل الرومانية والنوافير والمباني والكنائس العريقة التي تميز روما. في روما.. التاريخ معجون بالحياة، ليست هناك أماكن للمزارات التاريخية، ومناطق سكنية، فالتاريخ حاضر في كل ركن.. في كل ميدان.. في كل شارع، وهو جزء من الحياة اليومية العادية.. متحف مفتوح! والله.. أكثر. »بياتساديل إسبانيا« من أكثر الأماكن الخلابة، عبارة عن سلالم طويلة، مرتفعة يجلس عليها الشباب والكبار والصغار بالساعات.. منظر مبهر فالسلالم تتحول إلي ما يشبه مدرجات »الاستاد« يلتقي هناك الشباب يغنون.. يرقصون.. يتسامرون.. يحبون.. وأمام تلك السلالم نافورة شهيرة اسمها »باركاتشيا« وهذه أيضا لها قصة سأحكيها في مقال آخر. الناس ينتقلون بين السلالم والنافورة.. الساعات تمضي دون أن تشعر بها من فرط رومانسية المكان وعبق التاريخ المشع منه. روما.. لا يمكن اختصارها في مقالة واحدة.. انتظروني!