هل هي ظاهرة بالفعل تهدد صناعة الكتاب والنشر وتهدد تطوره؟! هل هي ظاهرة تشكل بالفعل انتهاكا لحقوق المؤلفين.. وأنها من الخطورة التي قد تقضي علي حركة النشر وتغلق مكتبات الناشرين!! هل النشر الالكتروني وتحميل الكتب علي شبكة الانترنت بموافقة المؤلفين أو بدون موافقتهم بما يسمي »بالقرصنة الالكترونية« للكتاب.. هل تشكل خطرا فادحا يستدعي من رئيس اتحاد الناشرين »محمد رشاد« اللجوء إلي الأزهر واصدار فتوي تجرم قرصنة الكتاب الالكترونية.. وهو ما حدث بالفعل كما ينتظر فتوي أخري مماثلة من الكنيسة!! سبق ان اصدر الأزهر فتوي بجواز استخدام التكنولوجيا الحديثة في الهجوم علي المواقع الاسرائيلية والأمريكية التي تسئ للاسلام فيما سمي »بالجهاد الالكتروني« أو »التضامن الالكتروني« أو »الوحدة الالكترونية« أو »الحرب الالكترونية« إلي آخر المصطلحات الجديدة والحديثة! لكن الفتاوي الدينية شيء وقضايا الكتاب وصناعته ونشره وحقوق الملكية الفكرية والأدبية أمر آخر.. صناعة الكتاب شأن ثقافي تماما أو شأن اقتصادي يخص سوق النشر لكنه بالتأكيد لا يخص المسجد أو الكنيسة.. ولا يجوز ادخال الدين في كل صغيرة وكبيرة من تفاصيل الحياة اليومية خاصة وان فاعلية الفتوي غير مهمة وغير مؤثرة ولا تمتلك سلطة فاعلة. انتهاك حقوق الملكية الفكرية والأدبية والفنية أمر يحدث كل يوم في كل انحاء العالم.. احصائيات اليونسكو تشير إلي ان »الصين« أكثر بلاد العالم ممارسة للقرصنة الفكرية.. وان المنطقة العربية منطقة تخضع للقرصنة أي انها لا تمارس القرصنة ولكن يتم قرصنتها »وهي عبارة تكاد تكون تاريخية«!! مجرد ان يصدر ألبوم غنائي جديد لمطرب أو مطربة سرعان ما يتم نسخه وتنزيله وتحميله علي شاشات الكمبيوتر بالمجان، ويحدث هذا ايضا مع الافلام السينمائية بصورة تهدد وبصورة اخطر المنتج الفني. مواقع الكتب علي شبكة الانترنت ربما هي الاحدث في مجال القرصنة وهي ايضا الأقل خطورة »هذا رأي كثير من المؤلفين وكثير من الناشرين وطبعا كل القراء«.. قرصنة اقل خطورة بحكم ثقافة لايزال »من يقرأ فيها« يميل لقراءة الكتاب الورقي. الكثيرون يرون في اعادة نسخ الكتب مجانا علي الانترنت رغم تجاوزها لحقوق المؤلف ولحقوق الناشر »وبالمناسبة حقوق المؤلف في الأغلب ضائعة في كل الأحوال مع الناشر الورقي أو الناشر الالكتروني«.. الكثيرون يرون ان الظاهرة لا تشكل خطورة حقيقية وان حجم الخسارة الاقتصادية محدود وبسيط مقابل تعميم الفائدة وتحقيق انتشار اوسع للكتاب.. اضافة إلي ان هذه المواقع تسعي لكسر حواجز الحدود وتسعي لتجاوز الرقابة علي المطبوعات واشكال المنع والمصادرة. تبادل معي كثير من الزملاء مواقع نشر كتب.. قال احدهم: يمكنك تحميل كتب »سلمان رشدي« الممنوعة علي موقع »....« قال آخر: هي سرقة مشروعة ومفيدة بقدر ما تخدم مساحة كبيرة من الشباب ومساحة أكبر لغير القادرين امام ارتفاع ثمن الكتاب.. قال آخر: انهم اشبه »بارسين لوبين« يأخذ من الاغنياء ليعطي الفقراء من القراء. هي جريمة أخلاقية وجريمة اقتصادية ايضا وانتهاك لصناعة الكتاب وسوق النشر وهو ما يعني البحث عن حلول وضوابط لحفظ حقوق الملكية الفكرية والأدبية وهو ما يعني اللجوء إلي القضاء وسيادة القانون لا اللجوء إلي المشايخ والبحث عن اصدار الفتاوي.