لابد أن نعترف بأننا نحتاج في الكثير من أمور حياتنا للعلم والمعرفة واكتساب الخبرة ومسايرة ما يشهده العالم من تقدم في كثير من المجالات. لا يجب بأي حال أن نغلق الأبواب أمام الاستفادة من أي فرصة لمتابعة ما يجري من تطور تكنولوجي والعمل علي الأخذ به بما يجعلنا نتحدث بلغة العصر. لم يعد مقبولا بأي حال اتخاذ موقف التكّبر علي العلم والمعرفة والتمسك بنزعة »الفهلوة« التي تفتقد شجاعة الاعتراف بالحاجة إلي مزيد من الخبرة والمعرفة. ان ما يشهده العالم من طفرات ومتغيرات في كل جوانب الحياة لابد أن يدفعنا للترحيب بمتابعة كل جديد حتي لا نجد أنفسنا في قائمة الشعوب المتأخرة. هذا الذي أقوله ينطبق علينا نحن أبناء مهنة الصحافة حيث أصبح واجبا علينا ان نتجاوب مع كل مظاهر التقدم في هذا المجال تكنولوجيا وأداء وفكرا. ان واجبنا نحو أنفسنا ونحو الأجيال القادمة ان نتعلم ونعلمهم حيث انه لا حدود للعلم مهما بلغنا من مكانة ومناصب وخبرة. إن التطور الإنساني ما كان يمكن أن يتحقق دون تناقل وتبادل العلم والمعرفة وأن ينقل الذي يعرف ما لديه للذي لا يعرف، وكما ان التدريب لصقل المواهب الصحفية عنصر أساسي لبناء الصحفي علي أساس سليم فإن متابعة أوجه التطور في مهنة الصحافة والأداء الصحفي هو جزء أساسي لصالح المهنة ولصالح القائمين عليها والعاملين في أنشطتها المختلفة. في هذا الاطار كان تفكير المجلس الأعلي للصحافة في إنشاء مركز التدريب الاقليمي الذي أقيم علي أحدث النظم المعمول بها عالميا حيث تم الاستعانة في تنفيذ المشروع بالخبرة والمعونة الفنية الأمريكية . استهدفت فكرة اقامة هذا المركز والتي تبناها صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري ورئيس المجلس الأعلي للصحافة توفير فرص التدريب الصحفي علي أعلي مستوي لكل فئات العمل الصحفي دون استثناء ليس في مصر وحدها ولكن عربيا وافريقيا. تجسدت هذه الاستراتيجية في مبادرة الدعوة الناجحة ل 03 من رؤساء التحرير في الصحف التي تصدر في دول حوض النيل إلي دورة تدريبية تخللها برنامج لزيارة معالم مصر في مناسبة افتتاح هذا المركز الذي انبهر به كل الزوار سواء كانوا أوروبيين أو أمريكيين. ولدعم رسالة التطوير والتحديث التي يقودها مركز التدريب الاقليمي للصحفيين التابع للمجلس الأعلي للصحافة فقد تم توقيع العديد من اتفاقيات التعاون واستقبال الخبرات مع أكبر مراكز التدريب الصحفي في أمريكا وفرنسا وألمانيا. ساهمت هذه الاتفاقيات في دعوة عدد من الخبرات العالمية لعقد دورات تدريبية للصحفيين المصريين. وفي نهاية الأسبوع الماضي استضاف المركز الخبير الامريكي الاشهر »ال تومكينز « في الصحافة الالكترونية التي من المنتظر أن تصبح بديلة للصحافة الورقية بعد سنوات قليلة جدا. وحتي تعم الاستفادة من هذه الخبرة علي جميع المستويات الصحفية المصرية فقد نظمت ثلاث ندوات بالمركز... الأولي دُعي اليها رؤساء تحرير الصحف المصرية والذين وللأسف كانت استجابتهم للمعرفة بهذه التطورات في مجال العمل الصحفي المستقبلي محدودة وغير لائقة بينما خصصت الندوة الثانية والثالثة لأكثر من 05 صحفيا يمثلون مختلف الصحف قومية وحزبية ومستقلة. الذين حضروا هذه الندوات انبهروا بما سمعوه وبما تابعوه من شرح ونماذج ميدانية لاستخدامات التكنولوجيا الالكترونية المطبقة في بعض الصحف الأمريكية الكبري والتي تعطي صورة لصحافة المستقبل. وكما بهرني المحاضر عندما حضرت له محاضراته في معهد »بونيتر « بمدينة »تاميا« في ولاية فلوريدا الأمريكية في الزيارتين اللتين قمت بهما للمعهد عند توقيع اتفاقية التعاون.. فقد تملك نفس هذا الاحساس كل الذين كان لهم حظ حضور محاضراته في القاهرة. كم أرجو أن تكون هذه الزيارات التي يقوم بتنظيمها مركز التدريب وبمشاركة برنامج تطوير الإعلام الأمريكي للخبرات الصحفية العالمية فرصة للصحفيين المصريين لاكتساب ما هو جديد في عالم الصحافة الحديثة. ليس هناك ما يمكن أن يقال في هذه المناسبة سوي: »وقل رب زدني علما«.