هذه المرة أدركت ان عبارة »القانون لا يحمي المغفلين« عبارة قاصرة تحمي القانون وحده، وتسكنه مقاعد راحة البال، أو هي عبارة خشنة لم تجد شيئا يمكن ان تفعله للضحايا سوي الضحك عليهم والتندر بغفلتهم.. أو يمكن عكس العبارة كما يحلو للبعض فنقول ان المغفلين هم الذين يحمون القانون!! بداية طويلة وجملة اعتراضية ممتدة، فقد كنت ذلك »المغفل« هذا الاسبوع دون قانون!! والحكاية اني قمت بجولة تسويقية في بعض المحلات التجارية بمنطقة العبور بشارع صلاح سالم بمدينة نصر.. وبعد مشتريات متنوعة من اماكن مختلفة تداولت خلالها أوراق مالية متنوعة.. اعطيت البائع ورقة مالية من فئة المائة جنيه.. ابتسم البائع وهو يتفحص الورقة: آسف انها »مضروبة« ويقصد »مزورة« أو »مزيفة«.. قال ان ذلك يحدث كثيرا هذه الأيام وبصورة متزايدة خاصة مع الأوراق المالية الكبيرة فئة »المائة«، و»المائتين«.. تفحص الورقة ثانية واضاف ان التقليد متقن لكنها ايضا مكشوفة! قلت: كيف؟ فجأة تحول كل العاملين بالمحل التجاري إلي خبراء عملة ومتخصصين وراحوا يشرحون لي الفارق بين العملة السليمة والعملة الزائفة المضروبة... بداية ملمس الورقة المالية يفضح التقليد.. فالورقة الزائفة اشبه بالورقة المغسولة لا تمتلك تماسك ولا قوام الورقة المالية السليمة... كما أن ليس لها صوت عند طيها.. خبراء العملة يكشفون العملة الزائفة من سمك الورقة ووزنها الجرامي، فنوع الورق من أكبر العوائق أمام عصابات التزوير وهو غالبا ما يفضح التقليد.. الأوراق المالية السليمة تستخدم ورق »الكوتيدبيبر« المضاد للاتساخ.. كما ان احبار الورقة المالية الزائفة تذوب في الماء.. مجرد قطرة ماء تطيح بالورقة وتكشف الوانها الباهتة، حيث احبار العملة السليمة ثابتة لا تتغير.. اضافة إلي العلامات المائية »الكاتب المصري وفئة العملة« في المائتي جنيه.. و»أبوالهول وفئة العملة« في المائة جنيه... لكن العلامات المائية أصبح أيضا من السهل تزويرها.. فقد اسهم الكومبيوتر والأجهزة الالكترونية الحديثة في تسهيل عملية تزييف الأوراق المالية. يقوم المقلد باستخدام الماسح الضوئي لتصوير العملة التي يريد تزويرها، ثم يقوم بادخالها علي الكومبيوتر ومعالجة ألوانها بصورة مطابقة للعملة الاصلية.. ثم يقوم بطباعتها علي أي طابعة..! هذه السهولة هي بكل المقاييس جريمة اقتصادية تهدد الأمن والاقتصاد والواقع الاجتماعي.. صحيح ان حالات التزوير للعملات في مصر مجرد حالات فردية قليلة لم تشكل ظاهرة أو تهديدا لكنها تظل خطرا ورعبا بحاجة إلي قوة حماية مضاعفة.