بسم الله الرحمن الرحيم يوم الجمعة الماضي 02/02/2006م ، إتشحت مصر بالسواد بعد أن فقدت أكثر من 1000 من أبنائها ، في الكارثة المروعة غرق العبارة " السلام 98 ". إن تاريخ وزارة النقل والمواصلات ، يشهد إنها تحتل المركز الاول بلا منازع في سلسلة الكوارث التي ينتج عنها ضحايا بالآلاف نحتسبهم شهداء عند ربهم لاخوف عليهم ولا هم يحزنون ، ولعل أبرز حلقات هذه السلسة ما بدأ يطفو على سطح الأحداث منذ عام 1991 وحتى الآن حينما غرقت العبارة المصرية " سالم إكسبريس " وتوالى بعدها العديد من حوادث غرق العبارات المماثلة ، الأمر الذي بات معه الإبحار في تلك المسافة الصغيرة بين مواني السعودية ومصر ، ولعلنا نستعرض نموذجاً من أكبر كارثة غرق لأشهر عبارة في التاريخ " تيتانيك " ، ومن ثم نتعرض لحوادث غرق العبارات المصرية ، وسأترك التعليق لقاريء الكريم . تيتانيك العبارة الإنجليزية : منذ أكثر من 90عاماً غرقت الباخرة الإنجليزية الأشهر في التاريخ ، وتحديداً في ليلة " 15/04/1912 م " ، بعد إصطدامها بجبل جليدي على مسافة نحو 400 ميل جنوب نيوفاوندلاند في أول وآخر رحلة لها على صفحات مياه الأطلسي ، وتايتانيك باخرة إنجليزية دشنت للعمل أول مرة في " 31 مارس 1911 م " ، وقد غرقت عند إصطدامها بجبل جليدي عند الموقع ،41ْ .44 " شمالاً ، 49ْ .57 " غرب ، وكان على متنها 2201 راكب فقط 711 نجوا ، بينما 1490 راكب لقوا حتفهم ، وللعلم فإن الباخرة " تيتانيك " لم يكن على متنها حمولتها القصوى وهي 3547 راكب ، حملت " تيتانيك " ما مجموعه 20 قارب نجاة ، و3560 سترة نجاة ، العشرون قارب كانوا أكثر مما توصي به اللوائح والقوانين في ذلك الوقت بالإضافة إلى أنها صممت لإستيعاب 48 قارب نجاة . دراسة الأرقام السابقة تؤكد أن إحتمالات الخطأ واردة ، لكن ما يجب أن نفعله توخي الحذر والحيطة قبل أن يقع المحظور فلا نلومن إلا أنفسنا . فعدد قوارب وسترات النجاة أحد السبل الكفيلة بتقليل حجم الخسائر ، ومن العدل أن نشير إلى أن الباخرة لم يمضي على إنشائها أكثر من عام واحد فقط . العبارة " سالم إكسبريس " المصرية : كانت من أشهر العبارات التي غرقت في آوائل التسعيتنات من القرن الماضي وتحديداً في " 14/12/1991م " ، العبارة " سالم إكسبريس " والتي راح ضحيتها أكثر من " 700 " راكب مصري ، بعد إصطدامها بمنطقة شعاب مرجانية ، بعد أن غير قبطان السفينة مساره لإختصار المسافة ، وكان هذا الحادث بداية إنذار مبكر للخلل الذي أصاب رحلات السفر البحري وعبارات نقل الركاب سواء كان هذا الخلل بشري يتعلق بالكفاءات العملية للطاقم الموجود على متن السفينة ، أو إنه خلل " معداتي " أصاب ميكانيكية عمل السفينة . العبارة " السلام 95 " المصرية : في يوم الإثنين الموافق 17/10/2005م ، وفي تمام الساعة السابعة والنصف ، وعلى بُعد 5.7 ميل من ميناء السويس إرتطمت العبارة " السلام 95 " بسفينة قبرصية وغرقت ، وكانت السفينة تقل على متنها 1450 راكباً منهم 107 أفراد طاقم العبارة ، ونتج عن هذا الإرتطام وفاة 4 مواطنين ، وإصابة 88 آخرون . وكأني أرى ميناء السويس كأنه " موقف سيارات " أحمد حلمي " ، وليس ميناء تحكمه لوائح ونظم لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزها حتى لا تقع مثل هذه الكوارث . والجدير بالذكر أن هذه العبارة دخلت الخدمة عام 1995م . وفي رمضان الماضي أيضاً واجهت المعتمرين أزمة التكدس حيث قامت الشركة المالكة للعبارة " كليوباترا " بترك 500 معتمر في العراء دون أن تقوم بتسكينهم ، وذلك بسبب الحجز أكثر من الحمولة المقررة للعبارة ، والتي تبلغ 2500 راكب ، حيث قاموا بالحجز العشوائي لعدد 3000 معتمر وغادرت العبارة بدونهم . العبارة " السلام 98 " المصرية : في ساعة متأخرة من يوم الخميس 02/02/2006م ، وتحديداً في العاشرة مساءاً ، إنقطعت الإتصالات اللاسلكية بين السفينة " السلام 98 " ، وبين السلطات البحرية في السعودية ، والبحر الأحمر ، وكان على متن السفينة ، 1407راكب ، منهم 104 أفراد طاقمها ، ولم ينجو من الحادث إلا مايزيد عن الثلاثمائة راكب من إجمالي مجموع ركابها البالغ 1407 راكب . مما يؤكد أن " شركة السلام للنقل البحري " تستخدم سفناً إنتهى عمرها الإفتراضي ، ولا تقوى على الإبحار في أعالي البحار . ويجدر بنا أن نشير إلى أن هذه العبارة وأخواتها التي تعمل في الشركة سالفة الذكر لم تكن مخصصة لنقل الركاب في الأصل ، وإنما كانت سفن نقل بترول وبضائع ، خرجت من الخدمة ليتم تقطيعها إلى حديد خردة إلا أن الشركة المالكة إستغلت علاقاتها القوية مع الترسانة البحرية بالإسكندرية لإقناعها بتجهيز هذه السفن لنقل الركاب ، رغم إعتراض الفنيين نظراً لتهالك جسم السفينة . بقي لنا الإشارة إلى أن السفينة العجوز قد بُنيت في 1970م ، وخرجت من الخدمة عام 1994م ، ونُقلت ملكيتها لشركة السلام للنقل البحري عام 1998 م . وقد أكد تقرير صادر عن شركة " لويدز ريجيستر " المتخصصة ، في الملاحة البحرية حول سلامة العبارة " السلام 98 " أن العبارة في خريف عمرها ، ولا تستوفي معايير السلامة المطبقة في الإتحاد الأوروبي ، كما إنها ممنوعة من الملاحة في المياه الأوروبية ، ، وقد أشارت الشركة في تقريرها إلى أن العبارة عمرها تجاوز 36 عاماً ، بينما القانون المصري يقضي بألا يتجاوز عمر هذا النوع من السفن " 25 عاماً " . وحري بنا أن نشير إلى الشركة الإيطالية " رينا " التي أصدرت شهادة إستيفاء معايير السلامة للعبارة " السلام 98 " تتعرض للمقاضاة في قضية إصدار شهادة سلامة لناقلة البترول المالطية " إريكا " التي إنشقت إلى نصفين منذ أكثر من ست سنوات ، وتحديداً في 12/12/1999م ، غرقت ناقلة البترول المالطية " إريكا " قبالة سواحل بيرتاني في غرب فرنسا وقد جرفت نحو 105 ألف برميل نحو الشواطيء الفرنسية . بقيت لنا إستفسارات ولا ندري هل سيجيب عنها مالك الشركة أم سننتظر قادم الأيام لتجيب هي عنها .... هل سيحاسب كل من يثبت مخالفته وتقصيره في هذه الكارثة ؟؟؟!!! ماهو مصير ربان السفينة الذي أغلب الظن أنه هرب ؟؟؟!!! ماهو الإجراء الرادع لمثل أصحاب هذه الشركات التي تضع نصب عينيها الربح دون أي إعتبارات للأمن والسلامة ؟؟؟!!! لماذا تأخر التحرك نحو إنقاذ السفينة كل هذا الوقت لقد أصدرت العبارة إشارة إستغاثة في العاشرة مساءاً وتحركت القطع البحرية في الثامنة صباحاً ، فلم كل هذا التأخير ؟؟؟؟!!!! لماذا لم يتخذ ربان السفينة سانت كاترين الإجراءات الملائمة في مثل هذه الحالات بدلاً من الهروب بعبارته ، تاركا وراءه ألف أو يزيد من الضحايا ليلقوا مصيرهم لمحتوم ؟؟؟!!! الخطأ وارد من كل البشر ، لكن نحن لا نخطيء ... نحن نقتل .... م.هلال حسن حلبي الشركة السعودية للكهرباء المملكة العربية السعودية -الخبر[email protected]