في حلقته التي بثت أمس « مدرسة المشاغبين » ، أنكر إبراهيم عيسي تماما ، عذاب القبر . مستندا في دعواه الي القول : أن الله وحده يملك سلطة العذاب . وإنه أنذر الناس بالعذاب يوم الدين . وليس قبله . وعلي البرزخ ، وليس في القبر . وأعتمد إبراهيم عيسي في قراءته لهذا الرأي الي عدد كبير من كتب الثقاة من والمفسيرن العظام ..
ورغم مايقوله إبراهيم إلا إننا نرصد فيما يلي ماجاء في القرآن الكريم والسنة النبوية والأثر عن عذاب القبر .
ملف عذاب القبر :
يعتقد المسلمون أن عذاب القبر هو العذاب الذي يصلطه الله على الكافرين و العصاة في قبورهم بعد وفاتهم إلى يوم القيامة، وهو ما يسمى بعذاب البرزخ بين الحياة الدنيا و الحياة الآخرة. عذاب القبر ثابت في القر0ن الكريم و في الأحاديث الصحيحة.
عذاب القبر في القر0ن
قال الله عز و جل فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (سورة غافر، الآية45-46).
والآية تدل على أن عذاب القبر "على من كتب الله عليهم الشقاء في الآخرة" يبدأ حين خروج الروح من الإنسان و فراقه لدنيا.
ومن الآيات الأخرى التي أولها المفسرين على أنها دالة على عذاب القبر قوله عز و جل "وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (سورة السجدة، الآية21).
كثير من الأحاديث الصحيحة الثابتة تتحدث عن عذاب القبر فمنها : ما ورد في الصحيحان أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما: فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر: فكان يمشي بالنميمة.
ومنها ما ورد في صحيح مسلم : إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه.
وفي صحيح مسلم أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال.
ما ورد في الصحيحان عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: سألت النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر، قال: نعم عذاب القبر حق.
مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرٍ ، فَقَالَ : ائْتُونِي بِجَرِيدَتَيْنِ ،فَجَعَلَ إِحْدَاهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ، وَالأخْرَى عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَقِيلَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ محمد صلى الله عليه وسلم أَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ ،قَالَ : "لَنْ يَزَالَ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُ بَعْضُ عَذَابِ الْقَبْرِ مَا كَانَ فِيهِمَا نُدُوٌّ"
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ ابْنَةُ أَبِي سُفْيَانَ، اللَّهُمَّ أَمْتِعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللَّهِ محمد صلى الله عليه وسلم، وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ، وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ، قَال: فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ محمد صلى الله عليه وسلم : إِنَّكِ سَأَلْتِ اللَّهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ ، وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ ، لَنْ يُعَجَّلَ شَيْءٌ قَبْلَ حِلِّهِ ، أَوْ يُؤَخَّرَ شَيْءٌ عَنْ حِلِّهِ ، وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعِيذَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ ، وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ ، كَانَ أَخْيَرَ ، أَوْ أَفْضَلَ
عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قال: دَخَلَ النَّبِيُّ محمد صلى الله عليه وسلم يَوْمًا نَخْلا لِبَنِي النَّجَّارِ، فَسَمِعَ أَصْوَاتَ رِجَالٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ محمد صلى الله عليه وسلم فَزِعًا، فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ تَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ
عذاب الميت بالنواح و بكاء أهله
...قَالَ فَبَكَى عَلَيْهِ الْقَوْمُ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ فَقَالَ لا تَبْكُوا عَلَيْنَا مَنْ كَانَ بَاكِيًا فَلْيَخْرُجْ أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ محمد صلى الله عليه وسلم قَالَ :"يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ" فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ لا يُقِرُّ أَنْ يُبْكَى عِنْدَهُ عَلَى هَالِكٍ مِنْ وَلَدِهِ وَلا غَيْرِهِمْ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلا، وسؤال الملكين فيجب اعتقاد ذلك والإيمان به، ولا نتكلم عن كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته، لكونه لا عهد له به في هذه الدار، والشرع لا يأتي بما تحيله العقول، ولكن قد يأتي بما تحار فيه العقول.
قال المناوي رحمه الله : عذاب القبر حق . قال الغزالي : من أنكره فهو مبتدع ، محجوب عن نور الإيمان ، ونور القرآن ، بل الصحيح عند ذوي الأبصار ، ما صحت به الأخبار ، أنه حفرة من حفر النار ، أو روضة من رياض الجنة . قال السيوطي رحمه الله : قال العلماء : عذاب القبر هو عذاب البرزخ ، أضيف إلى القبر ، لأنه الغالب ، وإلا فكل ميت إذا أراد الله تعالى تعذيبه ناله ماأراد به ، قبر أو لم يقبر ، ولو صلب ، أو غَرِقَ في البحر ، أو أكلته الدواب ، أوحرق حتى صار رماداً ، أو ذري في الريح ، ومحله الروح والبدن جميعاً باتفاق أهل السنة.
قال قتادة رحمه الله : قال عذابا في الدنيا وعذابا في القبر.
الأسبابُ المقتضيةُ لعذاب القبر
ذكر ابن القيم رحمه الله ، الأسبابَ المقتضيةَ لعذاب القبر ، فقال : وإنها قسمان : أسباب مجملة ، وأسباب مفصلة : أما المجمل : فإنهم يعذبون على جهلهم بالله ، وإضاعتهم لأمره ، وارتكابهم لمعاصيه ، فلا يعذب الله روحاً عرفته ، وأحبته وامتثلت أمره ، واجتنبت نهيه ، ولا بدناً كانت فيه أبداً ، فان عذاب القبر ، وعذاب الآخرة أثر غضب الله وسخطه على عبده ، فمن أغضب الله وأسخطه في هذه الدار ، ثم لم يتب ومات على ذلك ، كان له من عذاب البرزخ ، بقدر غضب الله وسخطه عليه ، فمستقل ومستكثر ، ومصدق ومكذب.
أما المفصَّل : فقد أخبر النبي عن الرجلين الذين رآهما يعذبان في قبورهما ، يمشي أحدهما بالنميمة بين الناس ، ويترك الآخر الاستبراء من البول ، فهذا ترك الطهارة الواجبة ، وذلك ارتكب السبب الموقع للعداوة بين الناس بلسانه ، وإن كان صادقاً ، وفي هذا تنبيه على أن الموقع بينهم العداوة بالكذب ، والزورِ والبهتانِ أعظمُ عذاباً ، كما أن في ترك الاستبراء من البول ، تنبيهاً على أن من ترك الصلاة التي الاستبراء من البول بعض واجباتها ، وشروطها فهو أشد عذاباً أ – البكاء على الميت ب – عدم التنزه من البول ، والنميمة د – الكفر ومعصية الله ه - النَوْحُ على الميت و : الغيبة
الأسباب المنجية من عذاب القبر
أ قراءة سورة الملك : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : ضَرَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ محمد صلى الله عليه وسلم خِبَاءَهُ عَلَى قَبْرٍ ، وَهُوَ لا يَحْسِبُ أَنَّهُ قَبْرٌ ، فَإِذَا فِيهِ إِنْسَانٌ يَقْرَأُ سُورَةَ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ حَتَّى خَتَمَهَا ، فَأَتَى النَّبِيَّ محمد صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنِّي ضَرَبْتُ خِبَائِي عَلَى قَبْرٍ ، وَأَنَا لا أَحْسِبُ أَنَّهُ قَبْرٌ ، فَإِذَا فِيهِ إِنْسَانٌ يَقْرَأُ سُورَةَ تَبَارَكَ الْمُلْكِ حَتَّى خَتَمَهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِمحمد صلى الله عليه وسلم : هِيَ الْمَانِعَةُ ، هِيَ الْمُنْجِيَةُ ، تُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ خرجه الترمذي
د الموتُ يومَ الجمعة قَالَ رَسُولُ اللَّهِ محمد صلى الله عليه وسلم : مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ