ضياء رشوان: لا حل للقضية الفلسطينية دون عدالة وتضحيات كبيرة    ضياء رشوان يحذر الشباب من الرد على الصهاينة بمواقع التواصل: عناصر مخابراتية تبث أفكارا مسمومة    تعرف على نتائج اليوم الثالث لبطولة افريقيا لشباب الطائرة    حبس زوج لاعبة الجودو في الإسكندرية لاتهامه بقتلها عمدا أمام طفليها التوأم    إسقاط الجنسية المصرية عن 3 متورطين في الاعتداء على البعثة الدبلوماسية بنيويورك    الجيل الديمقراطى: الإساءات للرموز العربية كشفت ارتباكهم من عودة وحدة الصف العربى    آرسنال يسعى لفوزه السادس على الأندية الإسبانية أمام أتلتيك بلباو بأبطال أوروبا    محافظ كفرالشيخ: تمويل ميسر لنشر ثقافة العمل الحر    «عاشور» يشترط المساواه ب«زيزو وتريزيجيه» لتمديد عقده.. والأهلي يغلق الملف    محافظ الغربية: الثقة في مؤسسات الدولة تبدأ من نزاهة وشفافية أداء العاملين بها    سيدتان تعثران على طفل حديث الولادة بجوار منزل في المنوفية    ضبط المتهم بسرقة أجهزة من داخل وحدة صحية في حدائق أكتوبر    توماس جورجيسيان يكتب: سيد درويش.. من عمَّر قلوبنا ببهجة مشعشعة    حمزة نمرة: جمهوري من كل الأعمار وأتمنى أن أكون عند حسن ظن الجميع    شيخ الأزهر: مستعدون للتعاون في إعداد برامج إعلامية لربط النشء والشباب بكتاب الله تعالى    مي فاروق ولميس الحديدي.. نجوم الفن والإعلام في عزاء أرملة سيد مكاوي    صلاح عبد العاطى: الفلسطينيون يواجهون إبادة جماعية ومخطط التهجير لا يزال قائمًا    احذر هذه المشروبات .. أضرار بالغة تصيب الجهاز الهضمى    جريمة تهز الوراق.. شقيقان ينهيان حياة شقيقتهما والسبب صادم    تسمم 3 شقيقات بسبب وجبة كشري في بني سويف    وزير الري: المياه عصب الحياة للمشروعات التنموية والعمرانية    المجلس الأعلى للنيابة الإدارية يعقد اجتماعه بتشكيله الجديد برئاسة المستشار محمد الشناوي    مونشنجلادباخ الألماني ينافس الأهلي على التعاقد مع مدير فني .. مالقصة؟    موفد مشيخة الأزهر ورئيس منطقة الإسماعيلية يتابعان برامج التدريب وتنمية مهارات شيوخ المعاهد    بإطلالة جريئة.. أحدث ظهور ل دينا الشربيني أمام البحر (صور)    حماس: شعبنا ومقاومته ماضون في الدفاع عن أرضهم    ما حكم أخذ قرض لتجهيز ابنتي للزواج؟.. أمين الفتوى يوضح رأي الشرع    كيفية قضاء الصلوات الفائتة وهل تجزئ عنها النوافل.. 6 أحكام مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    أستاذ بالأزهر يحذر من ارتكاب الحرام بحجة توفير المال للأهل والأولاد    حزب الله يعلن استعداده لخوض الانتخابات النيابية في لبنان    القليوبية تدعم التأمين الصحي بعيادات ووحدات جديدة (صور)    أسامة السعيد: الجامعة المصرية اليابانية.. مكان من المستقبل يجسد شراكة مصر واليابان    «باطلة من أساسها».. خالد الجندي يرد على شبهة «فترة ال 183 سنة المفقودة» في نقل الحديث (فيديو)    أبوريدة نائبًا أول لرئيس الاتحاد العربي لكرة القدم    د. أسامة أبوزيد يكتب: عودة الخطيب    تأجيل محاكمة 25 متهمًا بخلية القطامية لجلسة 12 نوفمبر    بكين تحقق مع نيفيديا وسط تصاعد التوتر التكنولوجي مع واشنطن    تقديم الخدمات الطبية ل1266 مواطناً ضمن القافلة المجانية بقرية طاهر في كفر الشيخ    الفجر بالإسكندرية 5.16.. جدول مواعيد الصلوات الخمسة في محافظات مصر غداً الثلاثاء 16 سبتمبر 2025    خافيير بارديم بالكوفية الفلسطينية في حفل جوائز إيمي    البنك المركزى يستضيف الاجتماع الأول لمجموعة عمل "تقرير الاستقرار المالي الإفريقي"    أرباح شركة دومتي تتراجع بنسبة 94% خلال النصف الأول من عام 2025    طبيب نفسي في ندوة ب«القومي للمرأة»: «لو زوجك قالك عاوزك نانسي عجرم قوليله عاوزاك توم كروز»    رابط نتائج الثالث متوسط 2025 الدور الثاني في العراق    ترامب يهدد بإعلان «حالة طوارئ وطنية» في واشنطن لهذا السبب    قيمة المصروفات الدراسية لجميع المراحل التعليمية بالمدارس الحكومية والتجريبية    إسماعيل يس.. من المونولوج إلى قمة السينما    نشر الوعي بالقانون الجديد وتعزيز بيئة آمنة.. أبرز أنشطة العمل بالمحافظات    البنك الأهلي المصري يتعاون مع «أجروفود» لتمويل و تدريب المزارعين    نبيل الكوكي يعالج الأخطاء الدفاعية فى المصري بعد ثلاثية الزمالك    رضوى هاشم: اليوم المصرى للموسيقى يحتفى بإرث سيد درويش ب100 فعالية مختلفة    «التضامن»: صرف «تكافل وكرامة» عن شهر سبتمبر بقيمة تزيد على 4 مليارات جنيه اليوم    بدء أعمال إزالة عقار حوض ال18 الآيل للسقوط فى الأقصر    ضبط ومصادرة 90 من المخالفات فى حملة لشرطة المرافق وحى غرب سوهاج    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 126 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    بفرمان النحاس .. برنامج بدنى مكثف لتجهيز أحمد عبد القادر فى الأهلى    6 شهداء بينهم أطفال في غارة إسرائيلية على خيمة نازحين بغزة    رياضة ½ الليل| سر إصابة زيزو.. الأهلي في الفخ.. شكوى جديدة لفيفا.. ودرجات مصر ب «تشيلي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفاتيح السبعة لشخصية عبدالفتاح السيسى .. رسالة توفيق الحكيم إلى السيسى
نشر في إيجي برس يوم 28 - 11 - 2013

نقلا عن اليومى : أمه سر حياته الأكبر.. وعاش قصة حب فى إطار الأسرة مع زوجته السيدة انتصار قبل زواجهما منذ نحو ثلاثين عاما الإخوان حاولوا التشهير بالسيسى بسبب صورة له مع الفنانات فى احتفالات أكتوبر.. ونسوا أن مرسى دعا الفنانين إلى قصر الاتحادية ياسر على كان يبلغ تحيات مرسى إلى الفنانين سرا.. ورفض نشر صورة له مع يسرا فى افتتاح إحدى القنوات الفضائية إذا أردت أن تعرف ملامح تحضر رجل.. فابحث عن مكان الفن عنده ومكانة المرأة لديه. وعندما نفتش فى حياة عبدالفتاح السيسى عن ملامح تحضره، ورغم أن المعلومات المتاحة ليست كثيرة عن علاقته بالفن ودور المرأة فى حياته، فإننا نقف عند بعض الشواهد التى تقودنا لتكوين أول أركان وملامح الصورة. يحمل السيسى ضعفا من نوع خاص تجاه أمه، وهو ما يدفعه إلى التعامل بحنان بالغ مع كل الأمهات، يحكى ستيفن جراس أحد أساتذته فى كلية الحرب الأمريكية «2005 - 2006» أنه دعا السيسى إلى حفل بمنزله، ولفت نظره أن الضابط المصرى لم يكن مهتما كثيرا بالألعاب والمسابقات الترفيهية التى أقبل عليها زملاؤه من العسكريين الأجانب. لم يكن هذا هو أهم ما لفت نظر «جراس».. فعلى ما يبدو كان هناك ما هو أهم، يقول: اهتم السيسى بالحديث مع والدتى التى تبلغ من العمر 80 عاما، وشرح لها معانى ودلالات كل اللوحات المكتوبة باللغة العربية فى منزلى. لماذ فعل ذلك؟ أغلب الظن أنه رأى فى هذه السيدة أمه التى يعيش بعيدا عنها، جلس إليها، حكى لها، وكأنه يفعل ذلك مع أمه التى ورغم أنه- فعلا وواقعا- أصبح واحدا من صناع التاريخ بما له وما عليه، فإنه لا يزال يستمد منها المدد والعون والطاقة الروحية، لقد رأى الرضا فى عيون كل من قابلهم بعد قراءته لبيان عزل مرسى وتخليص الشعب من شروره وجحيم جماعته، وكان يعرف أن الملايين التى احتشدت فى الميادين راضية عنه وبه، لكنه كان حريصا أن يرى الرضا فى عينى والدته، التى ذهب إليها مباشرة تاركا رجاله فى وزارة الدفاع ليتأكد أنها أيضا راضية عما فعل. وحدها الأم هى التى تمنح ابنها تصوره عن كل النساء، بإمكانها أن تجعله متحضرا يحترم أى وكل امرأة يقابلها، وبإمكانها أن تجعله خصما لأى امرأة يلتقى بها، وهو ما وضح فى علاقة السيسى بزوجته السيدة انتصار ابنة خالته التى تزوجها منذ ما يقرب من ثلاثين عاما بعد قصة ود وحب نمت فى إطار الأسرة. لقد حاول من أرادوا الطعن على عبدالفتاح السيسى أن يقتربوا من حمى زوجته، وحتى يؤكدوا أنه ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين، راحوا يؤكدون أن زوجته منتقبة، ورغم أن معظم زوجات قيادات جماعة الإخوان غير منتقبات، فإنهم أرادوا أن يأخذوا من نقاب زوجته المزعوم دليلا على إخوانيته، رغم أنها تلتزم بالحجاب على الطريقة المصرية، وبالمناسبة فمعظم زوجات وزراء الدفاع السابقين «أبوغزالة وطنطاوى مثلا» كن محجبات، وظهرن بالفعل إلى جوار أزواجهن فى مناسبات اجتماعية عديدة دون أن يثير هذا تعليقا من أحد، فالحجاب الوسطى الذى تلتزم به أمهاتنا وأخواتنا لا يثير جدلا، خاصة أنه يعبر عن ثقافة مجتمع. فى حديثه العابر إلى مجلة «نيوزويك» الأمريكية، قال أحمد السيسى الشقيق الأكبر للفريق عن زوجة أخيه: هى ترتدى الحجاب وربة منزل مثل شقيقاته الخمس، كما أن نساء هذه الأسرة لا يعملن ويفضلن تربية ورعاية الأطفال. لم تظهر زوجة الفريق أول عبدالفتاح السيسى إلى جواره حتى الآن فى أى مناسبة رسمية أو اجتماعية، وإن كان هذا لسبب بسيط، أن الفترة التى قضاها وزيرا للدفاع والتى تمتد إلى الآن لم تكن فيها مناسبات اجتماعية أو رسمية تستدعى وجودها، بل كانت أقرب ما تكون إلى مناسبات عاصفة مليئة بالأحداث والمواجهة، وإطلاق التحذيرات للإخوان المسلمين ورئيسهم، لكننى أعتقد أنه عندما ستكون هناك مناسبة تستدعى وجودها فلن يحجبها أو يمنعها من الحضور، وإذا جرت المقادير وحكمت على السيسى بأن يكون رئيسا لمصر، ففى الغالب ستكون السيدة انتصار أقرب إلى نموذج السيدة تحية عبدالناصر، التى كانت هى أيضا ربة منزل وكل اهتمامها لتربية أطفالها ورعاية أحفادها، وسيكون ظهورها مناسبا للدور الاجتماعى العام الذى ستحرص عليه دون مبالغة، لكن على أية حال فهذا حديث سابق لأوانه، فلا السيسى حسم أمره وقرر أن يرشح نفسه للرئاسة، ولا السيدة زوجته تفكر فى أبعاد دور السيدة الأولى. أما عن الفن فى حياة عبدالفتاح السيسى فحدث عنه بلا حرج، لقد عاب عليه الإخوان المسلمون صوره التى التقطت له أثناء الاحتفال بالذكرى الأربعين لحرب أكتوبر، وهو يقف بين الفنانين والفنانات، حاولوا الإساءة إليه دون أن يكون هناك أى مبرر للإساءة، ودون أن يتذكروا أن رئيسهم المعزول محمد مرسى كان قد استقبل الفنانين فى قصر الاتحادية والتقطت له بعض الصور التذكارية وهو يقف إلى جوارهم. لكن ما لم يستوعبه صبيان الجماعة الذين يحترفون الإساءة إلى خصومهم، أن هناك فارقا كبيرا جدا بين السيسى ورئيسهم، فمحمد مرسى كان براجماتيا إلى حد كبير فى علاقته بالفنانين، أدرك أنهم يمثلون جبهة معارضة قوية فاستدعاهم كى يأمن جانبهم، رغم أنه فى قرارة نفسه لا يؤمن بالفن، ولا يحترم الفنانين، أما السيسى فهو ينطلق من أرضية تحترم الفن بالفعل، لا ينافق الفنانين حتى يكسب ودهم وتعاطفهم وتأييدهم.. ولذلك عندما غنوا له، كانوا يفعلون ذلك عن قناعة كاملة وبحماس صادق غير مدفوع لا برغبة فى مكسب ولا طلبا لقرب. ما لا يعرفه الإخوان المسلمون أن هناك صفحات لا تزال مجهولة فى ملفات السنة التى حكم مرسى فيها مصر، وقد لا يعرف الإخوان أن المعزول كان يتواصل مع الفنانين ويسأل عنهم، وقد شهدت بنفسى مكالمة تليفونية أجراها ياسر على المتحدث الرسمى باسم مرسى مع الفنان صلاح عبدالله، عندما عرف من إعلامى شهير أنه مريض، وجدت ياسر يتحدث بمنتهى الاهتمام وينقل لصلاح عبدالله تحيات الرئيس له، وسؤاله عليه.. وكان ياسر فى هذا براجماتيا أيضا، فقد كان يبحث عن مساحات تفاهم بين الفنانين والرئيس. مكالمة ياسر لصلاح عبدالله لم تكن تعنى أبدا قناعة مرسى ورجاله بأهمية الفن وضرورة رعايته، فقد كان الرجل وعصابته فى قصر الاتحادية ومكتب الإرشاد يحتقرون الفنانين، وهنا قد تكون هذه الواقعة لها دلالتها ومعناها. كانت قناة ال«إم بى سى مصر» قد دعت مجموعة من الفنانين والكتاب والمثقفين والسياسيين لحفل تدشين القناة، وكان أن حضر ياسر على الحفل، والتقطت له بالفعل صور إلى جوار الفنانة يسرا، رأيت فى الصورة تعبيرا عن حالة انفتاح يبدأها ياسر على، وأنه يمكن استثمار هذه الحالة لتوسيع دائرة الاتفاق بين الإخوان والمجتمع. قررت نشر الصورة فى الصفحة الأولى بجريدة الفجر، لكن قبل الطباعة بما يقرب من 24 ساعة، تلقيت مكالمة هاتفية من صديق مشترك بينى وبين ياسر على، يطلب منى فيها أن أرفع الصورة، فالمتحدث الرسمى باسم مرسى يرى حرجا فى نشر صورة له إلى جوار الفنانة يسرا، رفعت الصورة احتراما لرغبته، لكن لفت نظرى أن ياسر عرف بأمر نشر الصورة فى الصفحة الأولى بجريدة معارضة للإخوان، ولم أستغرق وقتا طويلا فى الحيرة، فقد كنت أعرف أن للجماعة عيونها وجواسيسها حتى فى أشد الصحف معارضة لها. شىء من هذا لا يفعله السيسى، فهو يحترم الفن والفنانين قولا وفعلا، ولذا لم يتحرج من نشر صوره مع الفنانات، ودعوتهم إلى لقاءات ومناسبات خاصة بالقوات المسلحة، فهو يعرف أنهم قوة مصر الناعمة التى لابد من الاعتماد عليها، ليس استغلالا ولكن قناعة بدورهم وتأثيرهم. حالة الجدية التى يبديها السيسى تجعلك لا تتوقع مطلقا أن تكون لهذا الرجل اهتمامات فنية، لكن من يعرفونه جيدا يشيرون إلى أنه من سمعية أم كلثوم، لكن الغريب أنه ورغم تفضيله الشديد للست فإنه أيضا يستمع لفيروز، ورغم أن حزب أم كلثوم لا يميل كثيرا لفيروز، وكذلك حزب فيروز لا يميل كثيرا لأم كلثوم فإن السيسى مستمع جيد لهما الاثنتين، قد لا تكون لديه طقوس فى الاستماع إليهما، لكنه وعندما يتوفر له الوقت يحرص على سماعهما. لا تطغى اهتمامات السيسى الفنية على اهتماماته المعرفية، فهو قارئ جيد جدا، وقد فاجأ هيكل عندما التقى به أول مرة بعد ثورة 25 يناير فى مبنى المخابرات الحربية، أنه قرأ كل كتب هيكل، وكان ذلك طبيعيا من قائد عسكرى لديه اهتمام خاص بتاريخ مصر، ويمثل ما كتبه هيكل عن تاريخ مصر- اختلفت أو اتفقت معه- الجزء الأهم من تاريخ مصر الحديث حتى الآن. لكن أهم من كتب هيكل تأتى الدراسة العسكرية العميقة لتشكل جزءا مهما من أجزاء تكوين السيسى الثقافية، وهنا أشير مرة أخرى إلى ما قاله عنه ستيفن جراس من أنه لم يكن مثل غيره من العسكريين الأجانب، الذين عادة ما يعتبرون دراستهم فى أمريكا فرصة للراحة والاستجمام، لكنه وخلال العام الذى قضاه فى «كارلايل» بولاية بنسلفانيا أخذ دورات فى التفكير الإستراتيجى، وتحديدا فى نظرية الحرب وصياغة السياسات الوطنية. وقد تكون هذه الدراسة هى التى جعلته أكثر وعيا من غيره، وأكثر حسما كذلك فى اتخاذ قراره بإنهاء حكم الإخوان المسلمين، الذين قرأ عنهم بعد ثورة يناير ربما أكثر مما قرأ الآخرون عنهم، ولذلك كان من الصعب أن ينخدع بهم. لكن ولأن الأستاذ هيكل اعترض طريقنا ونحن نتحدث عن السيسى، فلابد أن نتوقف عند هذه المحطة قليلا، فهيكل يلتقط من يعرفهم بعناية، وقد بدأ هو برسائل المودة إلى مدير المخابرات الحربية، وهى الرسائل التى حملها الكاتب الكبير مصطفى بكرى إليه، حيث أبلغ السيسى تحيات هيكل وإعجابه الشديد به. من بين ما يربط بين هيكل والسيسى أنهما أبناء حى واحد، فقد شهد حى الجمالية الشعبى نشأتهما، وقد أثر الحى بقربه الشديد من ضريح الإمام الحسين فى إضفاء حالة من الروحانية والوجدانية النادرة على كل من نشأوا فى شوارعه وحاراته، هناك ثالث ينتمى إلى حى الجمالية وهو الكاتب الكبير والروائى الأعظم نجيب محفوظ، لكن لا يوجد تقاطع بينه وبين السيسى، وعلى ما أعرف فإن عبدالفتاح ليس من قراء محفوظ الدائمين، فهناك كاتب آخر يمكن أن نعتبر وزير الدفاع من عشاقه والحريصين على قراءة كل ما كتبه، وهذا حديث يمكن أن يتأخر بنا إلى عدة سطور قادمة. أبناء الجمالية حريصون على القراءة والتعليم، وتدلنا نماذج الكبار منهم على أن لديهم طاقة إيجابية خلاقة، تجعلهم يستمرون فى العمل لسنوات طويلة، هيكل ما زال يعمل وقد تجاوز التسعين من عمره، نجيب محفوظ كذلك ظل لسنوات طويلة يعمل ويبدع ولم يعطله عن العمل والإبداع إلا تعرضه للاغتيال. التقارب بين هيكل والسيسى يمكن أن يضعنا على مساحة جديدة لدى عبدالفتاح السيسى، وهى مساحة الكاتب، يشهد من يعرفونه واقتربوا منه جيدا، أنه كاتب محترف، ليس لأنه كتب كثيرا من التقارير والأبحاث والدراسات، وبعضها منشور بالفعل، ولكن لأنه يمتلك قدرة على الصياغة قد تتعجب أنها لضابط جيش وهب حياته كلها للعمل العسكرى والتدريب والعمل الإدارى. بعد إذاعة بيان الجيش الذى أمهل محمد مرسى 48 ساعة، توقف الجميع أمام جملة جاءت فى الخطاب هى: إن هذا الشعب الكريم قد عانى ولم يجد من يرفق به أو يحنو عليه، وهو ما يلقى بعبء أخلاقى ونفسى على القوات المسلحة التى تجد لزاما أن يتوقف الجميع عن أى شىء بخلاف احتضان هذا الشعب الأبى الذى برهن على استعداده لتحقيق المستحيل إذا شعر بالإخلاص والتفانى من أجله. توقف البعض لأن صياغة الجملة كانت تبتعد كثيرا عن اللغة الجافة التى كانت تصاغ بها بيانات القوات المسلحة، ولأن مساحة من التقارب كانت قد بدأت بين هيكل والسيسى روج لها وبعناية عدد من مريدى الأستاذ، فقد تصور البعض أن هيكل هو من كتب هذه الجملة تحديدا، خاصة أنها تقترب بشكل ما من صياغاته وتركيباته اللغوية، لكن هيكل وبصراحة مطلقة خرج ليؤكد والكلام له نصا: وزير الدفاع كتب بيان ال48 ساعة بنفسه وبحرفية شديدة، وهو ما أذهلنى بصورة كبيرة جدا. كان الهمس بأن هيكل هو الذى كتب البيان قد وصل إلى مسامع الأستاذ الذى تعود ألا ينفى شيئا ينسب إليه، حتى لو لم يفعله، فهو صاحب مقولة دع التاريخ يأخذ مجراه، لكنه هذه المرة لم يقدر على الصمت، فما فعله السيسى كان أكبر من أن ينسبه هيكل إلى نفسه. براعة السيسى وقدرته على الكتابة جعلت هيكل يعترف له بالحرفية الشديدة، لكن هيكل حاول اختطاف شىء آخر من السيسى، وهنا لابد أن نعود قليلا إلى الأحداث التى تلت إعلان مرسى للإعلان
الدستورى المشؤوم فى نهايات نوفمبر 2012. ولنبدأ بما قاله هيكل أولا، يقول: وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى ألغى دعوته للحوار «يقصد الدعوة التى تبناها السيسى للحوار بين القوى السياسية فى نهايات نوفمبر 2012» بعد أن استشعر أن بعض القوى السياسية قلقة من عودة الجيش للعملية السياسية، وأعتقد أن القيادة العسكرية أخذت المبادرة ثم اتصلت بالرئاسة وخشيت لأن التجربة قريبة زمنيا من هتاف رفض الحكم العسكرى ولهذا ألغيت الفكرة. لا يتوقف هيكل عند هذا ورغم أن ما ذكره عن سبب إلغاء دعوة السيسى للحوار ليس صحيحا جملة ولا تفصيلا، فإننى سأواصل إثبات ما قاله، وهو هنا يطل برأسه علينا، يقول: اتصلت هاتفيا بالفريق أول عبدالفتاح السيسى وأبلغته: إننى أستطيع أن أفهم دوافعك لدعوة القوى السياسية رغم عدم موافقتى على هذا القرار خاصة فى ظل المناخ السائد وكذلك التوقيت وأشياء كثيرة من بينها تخوفى من استعادة تجربة الهتافات الرافضة للحكم العسكرى». لم يلغ السيسى الدعوة بسبب ما قاله هيكل على الإطلاق، وهنا أثبت ما قاله مصطفى بكرى فى كتابه الأخير « نهاية الإخوان» عندما نقل تفاصيل المواجهة بين السيسى وخيرت الشاطر وسعد الكتاتنى فى مكتب وزير الدفاع قبل خطاب مرسى فى 26 يونيو 2012. فمن بين ما قاله السيسى مواجها به نائب المرشد: عندما حاولت القوات المسلحة أن تدعو إلى مائدة حوار بين الجميع، رفضتم ذلك، وعلمت أن د. محمود عزت اتصل بالرئيس وطالبه بإلغاء الحوار، وعرفت أيضا أنك لم تكن مشجعا لهذا الحوار، بالرغم من أننى تحدثت مع د. أحمد عبدالعاطى، مدير مكتب الرئيس، وأبلغته بالهدف من وراء الحوار فاتصل بى الرئيس محمد مرسى بنفسه وأيد الفكرة، لكنكم تعمدتم وضع القوات المسلحة فى موقف صعب ومع ذلك تحملنا الإهانة وصمتنا. من كلام السيسى الذى نقله بكرى نتأكد أن هيكل لم يقل الحقيقة، فالسيسى لم يلغ فكرة الحوار، ولكن الإخوان هم من أفشلوه، وقد أكد لى بعض من وصلتهم الدعوة إلى الحوار أنهم كانوا فى طريقهم إليه، إلا أن اتصالات هاتفية من القوات المسلحة اعترضت طريقهم وأخبرتهم بإلغاء مائدة الحوار إلى أجل غير مسمى. هل حاول هيكل فى لحظة ما أن يختطف السيسى لحسابه؟ أعتقد أنه حاول أن يفعل ذلك، وهو ما حاوله الناصريون أيضا، فقد حاولوا تصوير الرجل على أنه ناصرى وأنه من سيكمل ما بدأه عبدالناصر، رغم أن الرجل فعليا لا يعتنق أيديولوجية معينة، بل هو إلى المشروع الوطنى الذى يقوم على استقلال الوطن وتحرير إرادة المواطن أقرب، وإذا كان هناك تشابه بينه وبين عبدالناصر فى شىء فهذا ليس معناه أنه ناصرى أو يريد أن يكمل ما بدأه عبدالناصر. على أية حال لم يكن هيكل فى هذا التوقيت «توقيت الدعوة وإلغائها» قريبا بالدرجة الكافية من السيسى، بل على العكس كان الأقرب إلى محمد مرسى، وكان مستفزا للجميع، لكن كان طبيعيا- بالنسبة له - أن يذهب إلى محمد مرسى فى قصر الاتحادية ليزوره رغم أن دماء من قتلهم مرسى على بوابة قصر الاتحادية لم تجف بعد. دعوا هيكل جانبا، فالتاريخ وحده هو من سيكشف حقيقة علاقته سواء بمرسى أو بالسيسى، لكن هناك كاتبا أعتقد أنه لابد من التوقف أمامه قليلا، وهو توفيق الحكيم، فهو تقريبا الكاتب المفضل لدى السيسى، قرأ كثيرا مما كتبه، وقد تكون الروح الإبداعبة المتفردة المحلقة لدى الحكيم هى التى جذبت السيسى إليه، فهو كاتب غير تقليدى، يجذب إليه من لا يستسلمون لإيقاع الحياة الرتيب والسيسى منهم فى الغالب. لن يكون مفيدا أن أشير لكتب توفيق الحكيم التى تعجب السيسى، لكننى سأضع أمامه كلمات قالها توفيق الحكيم، أعتقد أنه لم يقرأها من قبل، وأعتقد أنه يحتاجها، هذا إذا كان يفكر فى أن يكون الرجل القادم لمصر. قبل شهور قليلة من وفاة الحكيم فى العام 1987، أجرى معه الكاتب الكبير صلاح منتصر عدة حوارات معظمها لم ينشر، وقد ضمنها بعد ذلك فى كتاب «توفيق الحكيم فى شهادته الأخيرة»، من بينها حوار بعنوان «رسالة من الحكيم إلى الحاكم» ومن بين ما جاء فيها. أولا: الحاكم الناجح الذى أراد لمصر الخير والنجاح بدأ مهمته بسؤال: ماذا أريد لمصر؟ أما الذين لم يهدفوا إلى خيرها فقد كان سؤالهم هو: ماذا يريدون من مصر؟ وفرق كبير بين الذى يريد لمصر والذى يريد من مصر، سواء كان على مستوى الحاكم أو حتى المواطن. ثانيا: على الحاكم أن يكون رأيه من خلال مستشاريه الذين يعتبر هو مسؤولا مسؤولية مباشرة عن اختيارهم فى مختلف الفروع، لأن الحاكم الجيد هو من يستطيع أن ينتقى ويختار المعاونين والمستشارين الجيدين. ثالثا: أهم شىء أريد أن أقوله للحاكم هو أن أخطر ما يواجهه هو الخضوع لجملة الشعب عاوز إيه، القضية ليست الشعب عاوز إيه، ولكن الشعب يجب أن يكون إيه، مش الشعب عاوز إيه أقوم ألبى له كل طلباته السهلة والرخيصة، من الطبيعى أن الشعب بحالته التى هو عليها اليوم يتطلع إلى الحاجة السهلة، هذا أكبر خطر يواجه الشعب والحاكم، لا يمكن أن أبدأ: ماذا أريد لمصر؟ دون أن أحدد مباشرة ماذا أريد من الشعب. رابعا: بعض الحكام يخافون من إيقاظ عقول الجماهير على أساس أنهم لو أيقظوا هذه العقول فستفكر وتتبعهم، وهذا غير صحيح، فالحاكم الناجح لا يجب أن يخشى من إيقاظ عقول الجماهير، بل على العكس يسعد بذلك، لأن هذه الجماهير ستؤيده بعقولها اليقظة، وتأييد العقل أسلم وأبقى وأصح من تأييد الوعى المفقود. لو كان صحيحا أن توفيق الحكيم هو كاتب السيسى المفضل، فهذه رسالته لمن يريد أن يحكم مصر.. وأعتقد أن فيها ما يكفى. موضوعات متعلقة : محمد الباز يكتب: "صائد الأفاعى".. المفاتيح السبعة لشخصية عبدالفتاح السيسى.. المفتاح الأول الاستقامة .. قصة الشائعات التى أطلقها سامى عنان ضد الفريق.. ودور الشاطر فى صياغة شعار «يسقط حكم العسكر» صائد الافاعى .. " الحلقة الثانية " ..المفاتيح السبعة لشخصية عبدالفتاح السيسى .. قصة تسجيلات «العادلى» السرية على المجلس العسكرى ودور السيسى فى التوصل إليها صائد الأفاعى " الحلقة الثالثة " .. المفاتيح السبعة لشخصية عبدالفتاح السيسى وجه لاعب البوكر الذى أدخل الإخوان المصيدة .. محمد مرسى طلب من المشير طنطاوى التوسط لتخفيف الصدام مع وزير الدفاع صائد الأفاعى " الحلقة الرابعة " .. المفاتيح السبعة لشخصية عبدالفتاح السيسى .. كيف رأى السيسى الإخوان وهم يذبحون الإسلام من أجل السلطة؟

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.