اعلن يوم الجمعة 7 يونيو أن الرئيس الروسي بوتين تحدث في الهاتف مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ولكن لم يكشف عن تفاصيل هذه المكالمة. في إسرائيل يقولون لا عن هذه المحادثة وكأنها لم تجر. هذه هي المكالمة الثالثة بين بوتين ونتنياهو خلال الشهر الأخير بعد أن بادر بوتين في السادس من شهر مايو إلى مهاتفة نتنياهو عندما كان رئيس الحكومة في شنجهاي بالصين ثم السفر المفاجئ لنتنياهو إلى سوتشي على البحر الأسود في 14 مايو في محاولة لمنع نقل صواريخ S-300 من روسيا إلى سوريا. حقيقة أن تجرى مكالمة كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع بين بوتين ونتنياهو حول الشؤون السورية تشير وبدون أن يعلم أحد بفحوى هذه المكالمات من يقرر الآن التطورات في سوريا موسكو وليس واشنطن التي أبقت الساحة السورية وكذلك أيضا الساحة الشرق أوسطية لفلاديمير بوتين. بوتين كان ينبغي أن يتحدث مع نتنياهو يوم الجمعة من أجل الحصول على موافقته على عرضه بمرابطة جنود روس في هضبة الجولان بدلا من الجنود النمساويين الذين غادروا القوة الدولية التي تشرف على المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا في هضبة الجولان. بوتين استخدم بيانات جيش الدفاع الإسرائيلي ووسائل الإعلام الإسرائيلية التي بالغت وضللت في تقارير عن المعارك التي دارت بين الجيش السوري والمتمردين يوم الخميس 6 يونيو في منطقة القنيطرة وكأنها حرب واسعة قد نشبت هناك. لم تكن هناك معارك ضارية، كل ما كان هو تحرك لمتمردين منفردين فاجئوا الجنود السوريين الذين كانوا ينامون في مواقعهم واحتلوها، وبأن هناك ثلاث دبابات سورية طردت المتمردين من هناك بعد ذلك، وأن أعمدة الدخان لم يكن مصدرها المعارك التي لم تقع وإنما من حرائق ضخمة اندلعت في الحقول السورية نتيجة لتبادل إطلاق النار ولم يكن هناك من يطفئها. أعمدة الدخان هذه والتقارير والبيانات المضللة في إسرائيل ساعدت بوتين على إيجاد وسيلة ليقترح مرابطة جنود روس في هضبة الجولان ردا على تموضع حوالي 1200 من جنود المارينز وبطاريات صواريخ باتريوت وطائرات أمريكية مقاتلة من نوع F16 في الأسبوع الأخير على طول الحدود بين الأردن وسوريا. مصادرنا العسكرية كانت الوحيدة التي أشارت إلى ذلك يوم الأربعاء 6 يونيو. بوتين لم يتوقع أن ترد إسرائيل بالإيجاب على هذا المقترح وهو كما يبدو عرف أن الأممالمتحدة سترفض هذا المقترح. المبرر هو أنه طبقا للاتفاقية التي وقعت قبل 39 سنة وتشكلت بمقتضاها قوة المراقبين الدوليين التي تشرف على المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا لا يمكن أن تشترك أية دولة من الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. كان من المهم لبوتين أن يطرح هذا العرض لسببين رئيسيين: 1. الرئيس الروسي عرف أنه يوم الجمعة افتتح في كاليفورنيا مؤتمر القمة بين رئيسي الولاياتالمتحدة باراك أوباما والصين زي جينبينج وكان من المهم بالنسبة له أن يتذكر الزعيمان وعلى الأخص أوباما أن لا واشنطن ولا بكين هما اللتان تقرران الخطوات والتطورات في سوريا وإنما موسكو التي تقف على رأس ائتلاف إيراني عراقي حزب الله. 2. هذه الخطوة وضع بوتين الأسس لها، لأن المحاولة الثانية لوضع قوات روسية في الجولان ليست إسرائيل ولا الولاياتالمتحدة ولا الأممالمتحدة وإنما حكومة بشار الأسد فقط هي التي تقرر وتعطيه إذنا بمرابطة قوات روسية في الجولان بالضبط مثلما أن الأمريكان وضعوا قوات في الأردن. هذه القوات سترابط في الجانب السوري من خط الفصل بحيث أن موسكو لا ينبغي أن تحصل على مصادقة أو موافقة من الولاياتالمتحدة وإسرائيل. مصادرنا تشير إلى أن القرار النهائي لبوتين فيما إذا كان سيضع قوات في هضبة الجولان سيتخذ قريبا وفقا للتطورات في الميدان، ووفقا لما سيحدث عندما يقرر القيادة السورية الإيرانية وحزب الله خلال الأسابيع القادمة بدء هجوم في جنوب سوريا لصد المتمردين وإبعادهم عن مناطق الحدود السورية مع إسرائيل ومع الأردن. قوات كبيرة من الجيش السوري وحزب الله تستعد للبدء بمثل هذه المعركة بالقرب من مدينة درعا، بينما قوات عراقية تستعد لشن هجوم على الحدود العراقية السورية إلى الشرق من سوريا. وإذا ما قررت هذه القيادة من خلال المشاورات مع موسكو ليس من أجل استكمال هذا الهجوم وإنما منع تدخل قوات أمريكية وإسرائيلية في هذا الهجوم وهو ما يحتاج إلى نشر قوات روسية في المنطقة، فمثل هذه القوات سيتم إنزالها في الميدان. والسؤال هل القوات الروسية سترابط في الجولان؟ مثل هذا السؤال يتلاءم مع سؤال آخر وهو متى ستصل صواريخ S-300 إلى سوريا؟ مصادر إسرائيلية تدعي وبحماس كبير أن هذه الصواريخ لم تصل ولن تصل. مصادر في البنتاجون في واشنطن ترسم صورة مختلفة تماما وحسب قولها فإن الروس ينقلون بين الفينة والأخرى عدة أجزاء من هذه الصواريخ إلى سوريا بدون نقل الصواريخ أنفسها. وهكذا وفي يوم واحد وعندما يقرر بوتين نقل الصواريخ فإنه سينجز ذلك بالضبط كما يتصرف بالنسبة لوضع قوات روسية في هضبة الجولان.