حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرار الصراع بين" موزة" و"حمد " وانهيار عرش قطر
نشر في إيجي برس يوم 14 - 05 - 2013

فى هذه الحلقة يكشف كتاب "قطر.. أسرار الخزينة التى لم يفتحها أحد" لمؤلفه الفرنسى ، الكثير من الاسرار حيث يكشف عن مهندس صفقات قطر بقوله :
هو أحد أخطر اللاعبين فى قطر، الرجل الذى يمسك فى يده بكل خيوط السياسة والبيزنس والتمويل، فلا يجرؤ أحد على الاقتراب منه.. أو هكذا كنا نظن!
هو الشيخ حمد بن جاسم آل ثانى، رئيس الوزراء وزير الخارجية القطرى، نعرفه كمصريين منذ أن عرفنا قناة الجزيرة التى كانت تنقل تصريحاته المستفزة عن مصر، وصفقاته الأكثر استفزازا مع إسرائيل، قبل أن نراه ب«نيولوك» بعد حكم الإخوان، يحتل شاشات التليفزيون الرسمية، «واهبا» المنح والقروض القطرية، «حليفا ومنقذا» لمصر ولاقتصادها ولحكامها من الانهيار.
كيف تحول حمد بن جاسم إلى بطل؟ من المسئول عن هذا الوهم؟ إن قراءة الكتاب الفرنسى المثير «قطر.. خزينة الأسرار»، الذى صدر مؤخرا ليحتل رأس قائمة أكثر الكتب مبيعا فى أوروبا، تكفى لكشف الوجه الآخر لحمد بن جاسم: صفقاته وعمولاته التى تحوم حولها علامات استفهام ليس لها عدد.
صراعاته الداخلية العنيفة مع ولى العهد، الأمير تميم، الذى ينتزع منه أهم الملفات التى كان يتحكم بها، واستهانة رجال الأعمال والسياسيين الغربيين به على الرغم من كل محاولاته لفرض نفسه عليهم؛ فهم على الأقل لم يصابوا بالعمى الذى أصابنا مؤخرا، وجعل بعضنا يرى كل من يحمل حقائب الدولارات الخضراء ملاكا ب«دشداشة» بيضاء!
ربما كان حمد بن جاسم سياسياً قوياً، لكنه ليس الأقوى فى قطر، ربما كان ثريا، لكن ثراءه الآن يخضع لرقابة أجهزة مكافحة الفساد فى الدوحة.. تلك هى الأسرار التى لا يريد دراويش قطر أن يعرفها أحد، وإن كان كتابنا الفرنسى لا يتردد فى كشفها رغم أنف الجميع.
يصفه أحد الأجانب الذين تعاملوا معه عن قرب لمدة ثلاثين سنة بأنه: «القوة الضاربة، والذراع المسلحة للأمير القطرى. لا ينام سوى أربع أو خمس ساعات ليلاً، والأمير حمد لا يملك طاقته على العمل. وهو وهابى محافظ، لا يراه الناس أبداً مع زوجاته فى العلن، وظل لفترة طويلة يملك وحده الحق فى أن يكون مكتبه ملاصقاً لمكتب الأمير حمد فى قصر الديوان الأميرى».
آخر عمولاته: 400 مليون دولار فى صفقة شراء «هارودز» من الفايد، و200 مليون دولار لجسر لم يرَ النور بين قطر والبحرين
تولى حمد بن جاسم منصب رئيس الوزراء فى 2007، وظل محتفظاً بمنصب وزير الخارجية معه. ويقول أحد أقاربه لمؤلفى الكتاب: «إنه هو من يمسك بالاتصالات والعلاقات الدولية القطرية كلها فى قبضته، ويدرك الأمير حمد أنه قادر على الاعتماد تماماً عليه، فالشيخ حمد بن جاسم يمتلك موهبة خرافية فى التفاوض، وقدرة بارعة على توصيل الرسالة المطلوبة بالضبط كما يريد».
ويصف الكتاب الشيخ حمد بن جاسم بأنه: «رجل أعمال محنك، لا بد أن تكون له صلة من قريب أو من بعيد بكل الشراكات والصفقات المالية والتجارية التى عقدتها قطر فى السنوات العشرين الأخيرة. كما أن قائمة ممتلكاته وثرواته تثير الإعجاب: فهو يرأس شركة الخطوط الجوية القطرية، وبنك قطر الدولى، ونائب رئيس هيئة الاستثمارات القطرية، ومؤسسة قطر القابضة، ذراعها المسئولة عن شراء العقارات فى الخارج. وهو يملك أيضاً فندقى الفور سيزون وويست باى فى الدوحة، وفندقى راديسون وتشرشل فى لندن».
الأمير تميم ولى العهد القطرى
أما عن رجال حمد بن جاسم، ومندوبيه فى إتمام الصفقات، فيذكرهم الكتاب بالتفصيل: «فى عديد من المفاوضات والصفقات التجارية والصناعية، تكون عائلة الفردان الشيعية الكبيرة فى قطر هى ممثلة حمد بن جاسم، خاصة كبيرها حسين الفردان، مصحوباً بأولاده على وفهد وعمر. أما «مديرو» صفقاته، الذين يتولون مهمة ترتيب تفاصيلها، فأبرزهم الشيخ محمد العقر، أحد أعضاء مجلس إدارة بنك قطر الدولى، ووزير الطاقة الشيخ غانم بن سعد السعد، الذى يقوم بدور جندى الاستطلاع فى مفاوضات حمد بن جاسم مع المؤسسات الأجنبية، وكان هو الرجل الذى أرسله لجس النبض فى صفقة شراء فندق كارلتون فى مدينة كان الفرنسية».
وأورد الكتاب الفرنسى واقعة غريبة عن التعامل المالى للشيخ حمد بن جاسم، يقول: «لقد انتبه حمد بن جاسم مبكراً لقوة ونفوذ المال على الناس، وهو يرى أن كل شىء، وكل شخص، يمكن شراؤه، بشرط أن تضع له الثمن المناسب. ومنذ فترة طويلة، قبل أن ينقلب أمير قطر الحالى على والده الأمير خليفة فى أوائل التسعينات، جاء اثنان من رجال الأعمال الفرنسيين لزيارة خليفة، الأمير القطرى السابق فى منزله بمدينة كان الفرنسية، سعياً لتعزيز وتوسيع أنشطة شركاتهما فى قطر».
ويواصل: «هنا، سأل الأمير خليفة، الذى لم يكن مهتماً بالبزنس أصلاً، وزير خارجيته حمد بن جاسم عما ينبغى قوله لرجلى الأعمال، فرد عليه ابن جاسم: قل لهما أن يناقشا هذا الأمر معى أنا! ووصل رجلا الأعمال الفرنسيان إلى فيلا الريان، مقر إقامة الأمير خليفة، وبعد دقائق من المناقشة، قال الأمير: إن حمد بن جاسم هو الذى يهتم بشئون الأعمال الخاصة بنا، سأترككم معه الآن.. ونهض ابن جاسم مرافقاً الأمير خليفة حتى الباب، متظاهراً بأنه يهمس فى أذنه بكلمات ما، وعندما عاد إلى رجلى الأعمال الفرنسيين قال: أنا أشعر بحرج بالغ لأننى مضطر إلى أن أقول هذا، لكن الشيخ طلب 20 مليون دولار لنفقاته الخاصة! هو لن يقول لكما هذا، أنا فى غاية الحرج».
ويؤكد مؤلفا الكتاب أنهما حصلا على هذه القصة من أحد قيادات شركة الأعمال التى كانت تتفاوض على توسيع أعمالها فى قطر، وأكد القصة لهما مصدر آخر من قلب العائلة الحاكمة، وواصلا: «كانت تلك غالباً هى ال20 مليون دولار الأولى التى وضع حمد بن جاسم يده عليها من الشركات الفرنسية التى تعمل فى قطر. وإن كان من غير المؤكد أن الأمير خليفة قد رأى هذه الأموال أصلاً».
طلب 20 مليون دولار من الفرنسيين من وراء الأمير السابق خليفة، وقال عنها: «إنها مصاريف الأمير»!
ويتابع: «ابن جاسم مثله مثل الشيخة موزة، عدوته اللدودة، يعتبره البعض مبالغاً فى ظهوره، بينما أمير قطر نفسه يقول صراحة إن حمد بن جاسم هو أغنى رجل فى قطر، إلا أن كل هذا النشاط كان سبباً فى إثارة الكثيرين ضده، لم تكن صدفة مثلاً أن عائلة (العطية)، التى يعتبر أفرادها من رفاق درب أمير قطر، شكلت مركزاً لمكافحة الفساد فى قطر منذ بضعة أعوام. ظاهرياً، قيل إن هذا المركز يستهدف مكافحة هذا (الشر) الذى يلتهم الإدارة، إلا أنه فى واقع الأمر كان سيفاً مصلتاً على رأس حمد بن جاسم على وجه التحديد».
ويواصل: «وبدأ الضجيج بالفعل، ففى قلب العائلة المالكة القطرية لا أحد يجهل أن حمد بن جاسم تلقى ما بين 200 إلى 400 مليون دولار فى صورة عمولات، بعد إتمام صفقة شراء محلات هارودز الشهيرة فى لندن، التى كان يملكها الملياردير المصرى محمد الفايد، وفى فرنسا تلقى حمد عمولة قدرها 200 مليون دولار من شركة مقاولات بهدف بناء جسر بين قطر والبحرين، وهو جسر لن يرى النور فى القريب غالباً.. واللائحة تمتد لتشمل أكثر من ذلك بكثير».
«وتتردد قصة بأن حمد بن جاسم، الذى ورث عن أبيه أراضى شاسعة، كان الوحيد من بين عائلة آل ثانى الذى قال له والده: اذهب لإتمام دراستك فى الولايات المتحدة، لكنى لن أنفق عليك مليماً، عليك أنت أن تتصرف حتى لو قمت بغسيل السيارات»!
ويتابع الكتاب: «أما ابن حمد، جاسم، فهو وسيطه عادة فى الشئون الخاصة، يقول عنه أحد رجال الأعمال الفرنسيين إنه يرسله كثيراً فى طليعة كتيبة المفاوضين على عقد ما سيتم توقيعه بين الشركات، ربما لأنه ورث عن أبيه سرعته التى تقترب من سرعة البرق فى إنجاز وعقد الصفقات، وهى المزايا التى جعلت حمد بن جاسم دائماً موجوداً وظاهراً فى قطر، كما لو أن الأمير حمد غير قادر على الاستغناء عنه».
ويذكر الكتاب مثلاً تلك الواقعة التى جرت بين أمير قطر وعدد من ملوك وأمراء دول الخليج، وتدخل فيها الأمير لحماية حمد بن جاسم، يقول: «فى أحد اجتماعات قادة مجلس التعاون الخليجى بسلطنة عمان، تحدث حمد بن جاسم بلهجة لم تعجب الكبار فى المجلس، فقالوا صراحة لأمير قطر: نحن نريد أن نعاقبه، أو ألا نراه بيننا مجدداً.. إلا أن الأمير تدخل لصالح وزيره قائلاً: عفواً، لن أقبل المساس بحمد، أنا من سيحدد ما سأفعله فى هذا الموضوع.. وهو ما جعل البعض يرى أن أقصى عقاب يمكن أن يفرضه الأمير على حمد بن جاسم، هو أن ينتزع منه منصب رئيس الوزراء، ويترك له منصب وزير الخارجية الذى أثبت فيه أنه أكثر نفعاً».
ويواصل: «ويرى البعض أن هناك سبباً لعدم المساس بحمد بن جاسم، هو أنه يمسك بين يديه بكل أسرار تمويل الصفقات التى تعقدها قطر فى الخارج، وظل يتحكم فيها لوقت طويل».
لكن، تظل هناك تلك الصراعات القاسية التى يمكن أن تغير مسار حمد بن جاسم، خاصة صراعه مع الشيخة موزة، وابنها ولى العهد تميم، الذى عهد إليه والده بملفات صفقات التسليح التى ظلت فى يد حمد بن جاسم لوقت طويل، وبدأ يدخله إلى قلب نفوذ حمد بن جاسم، وهو مجال الدبلوماسية والعلاقات الدولية لقطر. وكانت الحرب على ليبيا هى التى شهدت تزايد دور الأمير تميم فى مجال العلاقات الخارجية لقطر.
يقول الكتاب الفرنسى: «إن أمير قطر صار يعتمد على ابنه أكثر فأكثر لإدارة الملفات الدبلوماسية المهمة التى كانت فى الأساس مهمة رئيس الوزراء. وخلال الحرب ضد نظام القذافى فى ليبيا، كان الأمير تميم هو المسئول عن الاتصالات بالقبائل الليبية، التى لعبت دوراً شديد الأهمية والحسم فى الإطاحة بالقذافى».
وكان نجاح تميم فى إدارة الملف الليبى سبباً فى أن يعتمد عليه والده من جديد فى تعامل قطر مع الأزمة السورية، وهو الملف الذى أشعل الصراع بين حمد بن جاسم وعزمى بشارة، رجل تميم فى الملف السورى، على حد وصف الكتاب.
تقول إحدى البرقيات الدبلوماسية السرية التى أرسلتها السفارة الفرنسية فى الدوحة وفقاً للكتاب، إنه «فى أزمة سوريا سعت قطر لحشد التأييد الدولى لدعم المعارضة السورية بكل الوسائل والسبل؛ حشد الفنانين، تقديم الدعم المالى والسياسى للمجلس الوطنى السورى، تحريك رجال الأعمال السوريين.. باختصار، كل ما يمكن أن يجعل الدوحة عاصمة المعارضة السورية التى يتم التخطيط لمستقبل سوريا فيها».
وتواصل البرقية: «وكما حدث فى ليبيا، فإن رجلاً واحداً لعب دوراً محورياً فى هذا التحرك، هذا الرجل هو عزمى بشارة، نائب الكنيست الإسرائيلى السابق من عرب إسرائيل، والرجل الذى تم نفيه من إسرائيل بسبب صلاته بحزب الله، واستضافته الدوحة بعدها لكى يدير أحد مراكز الأبحاث فيها. إن عزمى بشارة، المقرب من الأمير تميم، منخرط مع المعارضة السورية منذ بداية الأزمة، لكنه اضطر لاحقاً إلى أن يتراجع أمام رئيس الوزراء حمد بن جاسم، الذى انتزع ملف الأزمة السورية وأحكم قبضته عليه».
عزمى بشارة
ووفقاً للكتاب، فإن الصراع الذى يجرى على أرض سوريا ستنعكس آثاره حتماً على الصراع الدائر فى قلب العائلة المالكة القطرية بين حمد بن جاسم والأمير تميم بن حمد، خاصة فى حالة فشل ابن جاسم فى وضع حد للأزمة، يقول المؤلفان: «إن الوضع فى سوريا شديد التعقيد بالنسبة لقطر، خاصة فى ظل وجود دول أخرى لها مصلحة فى الانتقام؛ فالعراقيون مثلاً يقولون إنهم يملكون دلائل على أن القطريين يقومون بتمويل الإرهابيين فى جماعة جبهة النصرة، وهى الامتداد السورى لتنظيم القاعدة فى العراق. مثل هذا الكلام هو أساس الانتقادات المبطنة التى يوجهها الأمير تميم، الأكثر حذراً، لطريقة التعامل مع الملف السورى، إلا أنه فى نهاية الأمر لا يملك ذلك الملف تحت يده».
ويقول أحد الدبلوماسيين الأوروبيين العاملين فى الدوحة: «إن التوازنات الداخلية فى قطر ستهتز لو ازداد تعقد الأزمة السورية، وتعذر الوصول إلى حل للصراع فيها. وستزداد حتماً حدة المعركة المكتومة الدائرة بين حمد بن جاسم، الذى يتحرك فى الملف السورى، وبين ولى العهد، الذى يملك وجهة نظر مختلفة فى إدارة هذا الملف».
وتقول إحدى البرقيات الدبلوماسية التى أرسلتها السفارة الفرنسية فى الدوحة: «إن القطريين يتحركون على أساس قرارات يتخذها بضعة رجال من وحى اللحظة، أو يتخذها الأمير منفرداً. لا يبدو أن السلطة فى قطر عندها تخطيط على المدى الطويل، ولكنها تتحرك وفقاً لما يقتضيه الموقف لحظتها، وهذا ما يمثل نقطة ضعفها الأساسية».
سقوط «بشار» يحسم المعركة بين «ابن جاسم» و«تميم» الذى ينتقد التعامل القطرى مع سوريا
ويواصل الكتاب: «إن مجال الدبلوماسية، الذى يتحرك فيه حمد بن جاسم منذ عشرين عاماً ويمثل قلب تحركاته كلها، هو المجال الذى تفجرت فيه كل طاقاته، ليضع نفسه بوضوح فى قلب المجتمع الدولى. وفى اجتماع لمجلس الأمن، أرادت فيه قطر أن تفرض عقوبات على سوريا، أصر وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف على الاعتراض بحق الفيتو على أى مشروع قرار فى هذا الصدد، فسأله حمد بن جاسم: كم تريد مقابل رفع اعتراضكم بحق الفيتو؟ فرد عليه لافروف: إياك أن تتخيل أنكم قادرون على شراء كل شىء بالمال. وتعجب الحاضرون من هذا النقاش الذى يتم فى غير محله، وتوترت العلاقات بين روسيا وقطر منذ ذلك الوقت».
ويروى أحد الدبلوماسيين المغاربة، فى مقابلة مع مؤلفى الكتاب يوم 12 ديسمبر 2012، عن واقعة حدثت فى قلب جامعة الدول العربية فى المغرب، وجه خلالها حمد بن جاسم تهديداً صريحاً لوزير الخارجية الجزائرى مراد المدليسى، الذى كان رافضاً بشدة تبنى موقف معارض للنظام السورى بالطريقة التى تريدها قطر، فصاح فيه حمد بن جاسم: اسكت أنت، دورك سيأتى! ثم استدار للحاضرين الذين صمتوا مبهوتين قائلاً: على كل حال، ليس أمامكم إلا أن تتبعونى، لأن الأمريكان ورائى أنا».
لكن، ربما كانت نظرة الأمريكان أنفسهم لحمد بن جاسم تختلف، يقول الكتاب: «إن حمد بن جاسم يضغط منذ زمن طويل على أعصاب نظرائه، فبعد الحرب الإسرائيلية على حزب الله فى لبنان عام 2006، كان من المفترض أن يكون هناك غداء يختتم اجتماع فى نيويورك عقدته وزيرة الخارجية الأمريكية وقتها، كوندوليزا رايس، مع وزراء الخارجية العرب، لكن كوندوليزا رايس هتفت: كلا أرجوكم، لا أريد حمد بن جاسم تحديداً، سيستمر فى استعراضه! ولم يبذل أى من الوزراء العرب أدنى جهد لمحاولة تغيير رأيها أو الإصرار على أن يحضر حمد بن جاسم الغداء».
ويواصل الكتاب: «لا يوجد بلد واحد فى العالم يسمح لرئيس وزرائه ولا لوزير خارجيته بإهانة أحد نظرائه، وحده حمد بن جاسم يجرؤ على ذلك، لأنه يتصرف كأنه أمير ثانٍ. ووصلت به الجرأة يوماً ما إلى أن يدس ميكروفوناً تحت السجادة خلال مناقشة جرت بينه وبين ملك السعودية الراحل الملك فهد!».
ويواصل: «إن حمد بن جاسم، مثل قطر، يمتلك شهية الغيلان.. نجح مؤخراً فى أن يضع يده على كل استثمارات البترول والغاز المملوكة لهيئة الاستثمارات القطرية، مستفيداً من اختفاء منافسه، الشيخ أحمد العطية، من قيادة وزارة الطاقة، إلا أنه فى النهاية يمتلك عقلية حقيقية للمساومة و(الفصال)، كما لو كان كل شىء بالفعل معروضاً للبيع فى سوق. وحدث مرة أنه كان يريد الاستحواذ على إحدى الشركات الفرنسية، فطلب من المسئولين فيها (تخفيضاً) على سعر الأسهم المعروضة للبيع فيها، فقالوا له على الفور: مستحيل! هذه صفقة بين شركاء، نحن لسنا فى سوق هنا! واحتاج الأمر إلى أن يتدخل أمير قطر شخصياً ليعيد العقل إلى ابن عمه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.