زغللت المسلسلات التليفزيونية التركية عيون ملايين المشاهدين العرب.. ليس لقيمتها الفنية أو لجمال النجوم خصوصا الرجال الذين فتن منهم "مهند" الكثيرات بصورة فجة وصلت ببعض المغرمات إلي الطلاق أو أقسام الشرطة وإنما أساسا لسحر المناظر الطبيعية التي اختيرت بفن وذكاء لتصوير المشاهد التليفزيونية وأولها "البوسفور" إلي جانب القصور الفخمة والشوارع النظيفة. أصبحت تلك المسلسلات دعوة لزيارة تركيا وهي لا تنقصها الدعاية ولا الأسعار الرخيصة ولا الاغراء بالشراء.. وبلغ الحد بالبعض أن تمني عقد قرانه في واحد من قصور اسطنبول التي رأها في المسلسل. عندنا في مصر ما هو أجمل لو أننا قدمناه بصورته الطبيعية لجمهور السينما التي تلفت انظار العالم بمشاركتها المكثفة في مختلف المهرجانات العالمية. ولكننا لا نهتم لسبب أو آخر مع وجود آثار عالمية ليس لها مثيل فمنتجعات البحر الأحمر فريدة في نوعها وشاطيء ممتد علي طول البحر الأبيض وواحات ورمال وطبعا نهر النيل الساحر وفنادقه العائمة تتهادي بين لوحات فنية من الطبيعة والمعابد التاريخية. عندما قدمت هوليوود مؤخرا فيلم "استراليا" زاد عدد السياح إليها. وعندما غنت ليلي مراد "المية والهوا" علي صخرة روميل في مرسي مطروح في فيلم "شاطيء الغرام" مع حسين صدقي قبل عشرات السنين عرف المصطافون الطريق إلي تلك المدينة الجميلة. ونحن في تلك الأيام نقدم أعمالا فنية تحمل اسماء سياحية مثل "خليج نعمة" و"الحب في طابا" و"ملاكي اسكندرية" و"عجميستا" دون أن يكون فيها مشهد سياحي جميل. ولعل فيلم "فانلة وشورت وكاب" لشريف منير ونور مثال لإبراز جمال مناطقنا السياحية.. ولكنه لم يتكرر. وعندما اجتمع المسئولون عن غرف السياحة وصناعة السينما والمهتمون بتوظيف الفن للترويج للسياحة. أثيرت قضية المعوقات التي يتعرض لها منتجو الأفلام عند التصوير في المناطق الأثرية والسياحية وفي المطارات من تعقيدات ادارية ومغالاة في الرسوم المفروضة.. الأمر الذي يلجئهم إلي ديكورات لا تعبر عن الشكل الحقيقي للمكان فيشوه صورته. افلتت محاولات سينمائية بمشاهد سياحية مثل "سنة أولي نصب" لأحمد عز وخالد سليم و"كامل الأوصاف" لعامر منيب وحلا شيحة ولكنها لم تكتمل ولم تستمر فتكاد وتكون صدفة.. مثلها مثل مشهد واحد جميل لأغنية نوبية علي مركب في النيل ترحيبا بحسين فهمي في فيلم "مافيا" بطولة أحمد السقا. وعن آثار مصر في الصعيد لم يتكرر فيلم مثل "صراع في الوادي" لعمر الشريف وفاتن حمامة أو "غرام في الكرنك" لمحمود رضا وفريدة فهمي. بينما مازلنا نذكر الأفلام الأمريكية التي روجت لجمال "جزر هاواي" ولليابان في "سايونارا" و"شرب الشاي تحت ضوء القمر" لمارلون براندو وحتي "جريمة في قطار الشرق السريع" و"الطريق إلي الهند" و"80 يوما حول العالم" و"كازابلانكا".. بعضها يروج ولو بترديد اسماء الأماكن وبعضها يلجأ للخيال والديكور ولكنها في النهاية دعاية سياحية. لم تكن تهمنا أفلام هوليوود نراها بعيدة المنال فلما جاءتنا مسلسلات تركيا بدأنا التفكير في الاستفادة بالفن المصري ترويجا للسياحة. وأخيرا كان مسلسل "سفينة الحب" الأمريكي يداعب خيال مشاهديه فيتمني وقد يحقق أمنيته بركوب تلك السفن السياحية في الكاريبي وأخيرا في آسيا بين سنغافورة وتايلاند.. فهل يمكن أن تنتج مسلسلا تليفزيونيا مصريا مشابها ما بين الأقصر وأسوان؟! ** نقلا عن جريدة الجمهورية المصرية