ليس صحيحا أن للروائي المتميز "علاء الأسواني" دراويش يدافعون عن أعماله بمطاردة من يقتربون من ابداعه حتي يبقي وحده كاتب النميمة السياسية والجنسية في مصر. كان "محمد الباز" قد أطلقها وهو يكتب عن رواية "هيلتون" لسامي كمال الدين. لأن أحداثها وقعت في فندق "رمسيس هيلتون".. وأشهر روايات الأسواني دارت أحداثها في "عمارة يعقوبيان". ولو أخذنا بهذا المنطق لوجدنا أعمالا أدبية كثيرة تأخذ نفس الاتجاه مثل "بيت العائلة" لسامية سراج الدين الذي صدر باللغة الإنجليزية قبل ترجمته مؤخرا للعربية وهو يدور في "جاردن سيتي" حي الارستقراطية سابقا. ورواية "زهرة البستان" لخالد إسماعيل التي تتخذ من القهوة الشهيرة في وسط البلد مسرحا يتحرك عليه ويتأثر به أشخاصها. و"شقة جامعة الدول" لمحمود عبدالغفار تتخذ من شارع جامعة الدول العربية مسرحا لحكايات الفساد السياسي والأخلاقي. ثم "عمارة الايموبيليا" التي يراها "محمود معروف" قراءة متجددة لتاريخ سياسي واجتماعي واقتصادي وفني عاشته مصر في القرن الماضي. وليس مجرد قصص أو أحداث وقعت لسكان أشهر العمارات السكنية في مصر. كان محظور علي من يرتدي جلبابا أن يقترب من شوارع وسط البلد حيث "الايموبيليا". سكنها أشهر الفنانين وتردد عليها الملك فاروق لزيارة ممثلة الاغراء اليهودية "كاميليا". ولقد تم تأميم العمارة بعد الثورة. وسقط عرش فاروق. وماتت كاميليا قبل ذلك في حادث طائرة. وعشرات من الفنانين المشاهير. وعيادات طبية لأساتذة كبار. ونجوم كرة القدم زمان يترددون علي أحد مكاتب المليونير "أحمد عبود باشا" مالكها ورئيس النادي الأهلي. ارتبطت بالكاتب السياسي والمحامي والصحفي "فكري أباظة" حيث عاش فيها طول عمره وحيدا. وعندما تأسست نقابة الصحفيين إتخذت من "الايموبيليا" مقرا لها. حكايات وأسرار سجلها التاريخ ورواها "البوابون" الذين مازالوا علي قيد الحياة. وجعل "محمود معروف" من تفاصيلها كتابا. علي مدخل البرج "ألف" لوحة تذكر أن "نجيب الريحاني" كان يعيش في الشقة 321 بالدور الثالث. وضعتها سيدة فرنسية إسبانية تدعي أنها ابنة الفنان الكبير من راقصة إسبانية كانت ترقص بملاهي الإسكندرية تزوجها سرا. "ليلي مراد" التي أسلمت هناك. وفيلم "غزل البنات" الذي بدأت فكرته في مصعد "الايموبيليا" و"أنور وجدي" قبل أن ينتقل إلي عمارة يملكها وتحمل اسمه. وعندما تقدم "أنور السادات" للزواج من "جيهان" اشترطت أن يحيي الحفل "عبدالعزيز محمود" فذهب السادات بنفسه إلي عمارة الايموبيليا للقائه ولكنه اعتذر لارتباطه بحفل زفاف آخر في نفس الوقت وتأجل فرح جيهان والسادات أسبوعا حتي يحييه "عبدالعزيز محمود". وإذا كانت الايموبيليا تزخر بنجوم المجتمع في جميع المجالات فإنها لم تخل من الجنس والدعارة وتجارة المخدرات والتجسس. حكاية وراء حكاية ومجموعة من صور الماضي بالغة التعبير. تعليقاتها أكثر تعبيرا. * نقلا عن جريدة الجمهورية