الثلاثاء 9 ديسمبر 2008 صباحا: أمضينا طوال أمس (الاثنين) في مياه المحيط الهادي في جو جميل وحالة استقرار للباخرة. وآه من حلاوة سفر الباخرة عندما يكون مثل هذا الهدوء في موج البحر ورياحه إلي الدرجة التي ينسي فيها كثيرون أننا في باخرة تمخر بنا المحيط الباسفيكي أو الهادي.. وهذا المحيط هو اكبر المحيطات إذ تبلغ مساحته نحو 155.5 مليون كيلومتر تغطي 28% من سطح العالم، أي أنه وحده أكبر من مساحة كل يابسة العالم. وإلي جانب ذلك ينتج المحيط الهادي 60 في المائة من أسماك العالم، وثروة كبيرة من البترول والغاز الطبيعي تم اكتشاف حقولها في بعض الدول التي تطل عليه، وهذه الدول التي تغسل مياه المحيط الهادي شواطئها يصل عددها إلي 21 دولة موزعة في الامريكتين: كندا، والساحل الغربي للولايات المتحدة، والمكسيك، وجواتيمالا، والسلفادور، وهندوراس، ونيكاراجوا، وكوستاريكا، وبنما، وكولومبيا واكوادوروبيرو وشيلي، ومن الامريكتين إلي آسيا في روسيا واليابان وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية والصين والفلبين، وبعد ذلك هناك استراليا ونيوزيلندا. ولم تضع أيام الابحار في المحيط الهادي بين لوس أنجلوس و كابو سان لوكاس أول الموانيء التي توقفنا أمامها عبثا.. بالعكس كانت مشحونة أثناء النهار بالمحاضرات العديدة التي زادت من معرفتنا عن القارة الامريكية التي تعد قارتين شمالية وجنوبية. وتبلغ مساحة القارة الشمالية التي تمتد من كندا مرورا بالولاياتالمتحدة ووسط امريكا والمكسيك إلي البحر الكاريبي 24 مليون كم2 وسكانها 528 مليونا، أما القارة الجنوبية فتبلغ مساحتها 18 مليون كم2 وسكانها 382 مليونا. وقد بدأ أولا إكتشاف القسم الجنوبي أو أمريكا الجنوبية علي يد الرحالة الايطالي كريستوفر كولومبوس عام 1492 وقد حاول كولومبوس الاتفاق مع البرتغال في البداية لتمويل رحلاته لكنه فشل فكان أن لجأ إلي ملك اسبانيا الذي شجعه وأعد له السفن اللازمة لرحلتين وصلت الثانية الي اكتشاف جنوب القارة أو العالم الجديد كما أطلق علي الكشف. وقد تسابق الأسبان والبرتغال الذين عرفوا عن الكشف في التدفق علي العالم الجديد وجرت بين الاثنين صراعات عنيفة جعلت اسكندر السادس بابا الفاتيكان باعتبار المتنازعين من الكاثوليك يتدخل بينهما ويعقد مؤتمرا في روما يتم فيه مد خط طولي علي خريطة امريكا الجنوبية ويعطي القسم الشرقي وفيه البرازيل للبرتغال، والقسم الشرقي وفيه شيلي والارجنتين وبيرو وإكوادور لأسبانيا.. وهي عملية قريبة من عملية مماثلة جرت فيما بعد بين الانجليز والفرنسيين لاقتسام دول الهلال الخصيب في الشرق الاوسط التي كانت تابعة للامبراطورية العثمانية واصبحت علي وشك الانهيار في الحرب العالمية الاولي. وقد عرفت تلك الاتفاقية بين وزيري خارجية بريطانيا) مارك سايكس( وفرنسا) فرانسوا جورج بيكو( في عام 1916) باتفاقية سايكس بيكو.. فالاستعمار إذا واحد عبر التاريخ وقد كان من نتيجة اقتسام القارة الامريكيةالجنوبية بين اسبانيا والبرتغال توزيع الدول بين اللغتين الاسبانية والبرتغالية. وهما لغتان من اصل لاتيني إلي جانب اللغة الفرنسية لذلك أطلق علي 20 دولة في امريكا الوسطي والجنوبية اسم دول امريكا اللاتينية. وكما تدفق الأسبان والبرتغاليون علي الجنوب فقد تدفق الانجليز والفرنسيون من المنبوذين والمضطهدين والهاربين من القانون ومن السجون في بلادهم علي شمال القارة بعد كشفها، فذهب الفرنسيون الي الجزء الشمالي ( كندا) والانجليز الي الجزء الجنوبي (الولاياتالمتحدة). وشهدت القارة الامريكية الشمالية صراعين رئيسيين: صراع انجليزي فرنسي، وصراع انجليزي أوروبي ضد الهنود الحمر الذين اشتهروا بالصدور العارية والريش الذي يضعونه فوق رءوسهم كما تظهرهم الأفلام الامريكية العديدة التي تم تصديرها الي كل العالم وحاولت إعطاء المشروعية لأعمال العنف التي ارتكبها الأوروبيون وإلي حد إبادة الهنود باعتبارهم اجانب وافدين يجوز القضاء عليهم. لقد انتهي الأمر عام 1783 بانتصار الأوروبيين وقيام اتحاد بين 13 ولاية امريكية اعلنت استقلالها وانتخبت أول رئيس امريكي هو الرئيس (جورج واشنطون). وبعد أربعة أعوام قام اتحاد فيدرالي ضم تقريبا جميع الولايات الموجودة حاليا والتي تزايدت قوتها حتي أصبحت تشكل أقوي دولة في العالم عسكريا واقتصاديا. * نقلا عن جريدة الاهرام المصرية